حسنا فعل أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عندما رصد، في آخر تقاريره، أن نصف الرمال المستخدمة في المغرب يستخرج بشكل غير قانوني من السواحل، ونقصا واضحا في الإمكانيات البشرية والمادية المخصصة للرصد والمراقبة الدورية للمقالع، لكنه أغفل ما هو أخطر، في ملفات رؤساء يسرقون "الحب والتبن". انبرى الشامي إلى فضح شبكات معيشية ترتكب مخالفات تدخل آليات الحرب ضدها، في إطار اختصاص القوات العمومية، خاصة الدرك وشرطة الماء، دون الكشف عما هو أخطر يتداخل فيه تبديد المال العام والمتاجرة بـ "التراب الوطني" في مقالع تستغل من قبل شركات حائزة على صفقات عمومية، وتؤدي إتاوات لرؤساء جماعات عن تهريب "توفنا" من أراض سلالية، أو تحت وصاية الأملاك المخزنية، لإعادة تهيئة طرق من ميزانيات الجهات. واكتفى التقرير المعروض على أنظار رئاسة الحكومة بملاحظة، مفادها هيمنة قطاع غير منظم يتجلى في مقالع غير مصرح بها ومقالع مرخصة، تمارس الغش وعدم التصريح الكامل بالمداخيل، دون أن يتجرأ على البحث في تسريبات من مجالس جماعية، بخصوص تلاعبات خطيرة تورط مقاولات للأشغال العمومية ومنتخبين، في صرف ميزانية مرصودة من قبل مجالس جهات لشراء أتربة مسروقة ومستعملة في إصلاح طرق بجماعات قروية تم ربط دواويرها بطرق مغشوشة جراء استبدال "الكرافيت"، المنصوص عليه في دفاتر التحملات بـ"توفنا" منهوبة من مقالع عشوائية، بتواطؤ مع منتخبين. وحذر تقرير الشامي من مخاطر الاستغلال المفرط لبعض أنواع المقالع، وما يمكن أن ينجم عن ذلك من تدهور البيئة، في حين أن تحقيقات طويت رغم أنها تورط مجالس جماعات، كشفت المعارضة فيها النقاب عن فضائح من قبيل بيع شحنات من الحصى والرمال و"التوفنا" مستخرجة من مقالع سرية في صفقات بيع مواد مسروقة بملايين الدراهم، كما هو الحال بالنسبة إلى الشركة العاملة في أوراش إنجاز سكة القطار السريع البيضاء مراكش. الخطير في الأمر، أن قطاعات كبيرة من الأراضي السلالية، نهبت على مرأى ومسمع من السلطات الوصية تحت غطاء استغلال نفوذ استعمل لتلقي رشاو وسرقة وتبديد مداخيل الجماعة وتحويلها إلى الحسابات الخاصة للرؤساء بواسطة شركات أشغال عمومية. تجاوز عدد المقالع السرية في بعض الجماعات الحد، الذي يمكن أن يتم إخفاؤه عن أعين السلطات، بل إن بعضها يستغل منذ سنين، والداخلية سبق أن عزلت رؤساء لهذا السبب، لكنهم عادوا إلى كراسيهم بعد ردم مواقع الجريمة وإحاطتها بحواجز، دون القيام بالإجراءات المفروضة قانونا، حماية للسكان والبيئة. ياسين قُطيب للتفاعل مع هذه الزاوية:mayougal@assabah.press.ma