الكل متفق على أن آليات المراقبة، التي تسلكها مؤسسات دستورية، نظير المجلس الأعلى للحسابات، والمفتشية العامة لوزارة الداخلية، والمفتشية العامة لوزارة المالية، هدفها تحقيق الردع، وتفكيك العديد من ملفات الفساد في مجالس منتخبة، حولها رؤساء إلى مرتع خصب للفساد. والنتيجة، أن العديد من "كبار المنتخبين" ممن اختلسوا المال العام، يقبعون اليوم في السجون، فيما آخرون يخضعون إلى "صراط مستقيم" و"سين وجيم" أمام قضاة التحقيق بمحاكم جرائم الأموال، ومنهم من صودر جواز سفره، ومنع من مغادرة أرض الوطن، تماما كما هو شأن برلماني في الأغلبية، ورئيس جماعة توسل إلى قاضية تحقيق من أجل منحه جواز سفره، بهدف أداء مناسك الحج، بيد أنها رفضت رفضا مطلقا. لكن، هل جميع المنتخبين "الكبار" سواسية أمام آليات التفتيش مهما كان مصدرها؟ الجواب عن هذا الاستفهام، يقودنا إلى الحديث عن أسماء رؤساء مجالس ترابية، معروفين بالاسم والصفة و"تشفارت"، وعمروا طويلا في مناصبهم لأكثر من ولاية، ولكن لم يمسسهم أي سوء. والسؤال الذي يطرح من جديد: هل لأنهم "أتقياء"، و"نزهاء"، ويخافون من الاقتراب من المال العام، أم أنهم يتمتعون بحصانة "الأصدقاء المقربين"، الذين يحولون بينهم وبين "المحاسبة"؟ نطرح هذا الاستفهام، لأن أغلب المهتمين بشؤون المجالس الترابية، سواء كانت جهة أو مجلسا إقليميا أو جماعة، يعلمون علم اليقين، أن الرؤساء "المحميين" متورطون في قضايا فساد، تهم أساسا تدبير الصفقات العمومية وصفقات التدبير المفوض التي تحولت إلى تجارة مربحة للكثير منهم. ويواصل هؤلاء الرؤساء "المحميون" بمظلات نافذة، منح صفقات أشغال لمقاولات مراجعها التقنية غير كافية، والأداء مقابل أشغال غير مطابقة للشروط المطلوبة، وعدم تطبيق الغرامات في حق المقاولات التي لا تحترم التزاماتها التعاقدية، وظهور عيوب في الأشغال المنجزة والمستلمة. ويتحدث الجميع عن اختلالاتهم وخروقاتهم في تدبير سندات الطلب وإبرام صفقات، إذ يتم إسنادها لشركات بعينها والإشهاد على تنفيذ الخدمة قبل الالتزام بالنفقات وقبل الإنجاز الفعلي لها، وعدم استرداد المبالغ المترتبة عن الفارق المسجل في برنامج الاستثمار غير المنجز من قبل الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة، ورغم كل هذا، فإنهم في منأى عن أي محاسبة. والأخطر من كل هذا، أن أصواتا معارضة، كشفت عن ربط الرؤساء "المحميين"، مصالح خاصة مع الجماعة التي يرأسونها، ومنح رخص بناء انفرادية دون عرض ملفاتها على اللجان الإقليمية للتعمير، ودون الأخذ برأي الوكالات الحضرية، وتسليم أذونات تقسيم دون عرض ملفاتها على لجنة التعمير. عبد الله الكوزي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma