تطوان… اشتدي أزمة تنفرجي

مواطنون ينتظرون حلولا من المنتخبين ومستثمرون غارقون في المشاكل ورهان على رواج الصيف صار موضوع الأزمة التي تعيشها تطوان واحدا من الإكراهات التي تستأثر بالتفكير، سواء من قبل المستثمرين الذين اختاروا هذه المدينة لتوظيف رؤوس أموالهم في قطاعات مختلفة، خاصة الخدمية منها، أو لدى مسيري الشأن المحلي الذين ينتظر منهم المواطن التطواني البحث عن حلول لتجاوز هذا الوضع. "الصباح" تعود من جديد لتلقي الضوء على بعض مظاهر هذه الأزمة التي تحتاج إلى "تضافر" الجهود للإبقاء على تطوان وجهة لاستقطاب المستثمرين. يوسف الجوهري(تطوان)/ تصوير (تطوان ميديا) على قدم وساق تجري الاستعدادات التي تسبق موسم الصيف كل عام بمدن الشريط الساحلي الممتد من الفنيدق إلى غاية تطوان، مرورا بمرتيل. استعدادات انطلقت، أخيرا، من أجل استقبال المصطافين ممن يختارون هذه المنطقة كل موسم صيف لقضاء عطلهم، وتركزت على الاعتناء بالفضاءات الخضراء وتجديد أغراسها، وكذا تبليط الأزقة وبعض الممرات التي تركت فترة الشتاء آثارها عليها. نشاط موسمي لأن موسم الصيف صار الفترة الأنسب لتحريك عجلة الرواج بتطوان والضواحي، فإن انتظاره والاستعداد له من قبل عدد من المشتغلين بالقطاعات الخدمية أصبح سمة لكثير من الفضاءات، سواء السياحية أو التجارية بهذه المناطق. وفي هذا السياق صرح "أحمد"، وهو مسير لأحد المطاعم التي تضم مقشدة ومخبزة، أنه "رغم ما تعرفه حركة النشاط التجاري للمحل الذي يسيره خلال أشهر السنة، فإن هذا النشاط يسجل ذروته بالتزامن مع العطلة الصيفية، في يوليوز وغشت وأحيانا الأسابيع الأولى من شتنبر"، معتبرا أنها "فترة يتضاعف فيها الطلب على ما يقدمونه"، حتى إن مساحة المطعم تضيق بزبائنها خلال هذه الفترة من كل سنة". ولا يقتصر الرواج التجاري الموسمي على المطاعم والمقاهي، بل إن بنية الاستقبال، من فنادق وشقق مصنفة، كذلك تعرف إقبالا كبيرا، ما يجعل المجال مفتوحا أمام الشقق السكنية التي يلجأ مالكوها إلى وضعها رهن إشارة الباحثين عن إقامة صيفية لقضاء العطلة في هذه المدن الساحلية، مستغلين مرحلة الإقبال الموسمي على مدن الشمال. طنجة تخطف الأضواء لا يختلف اثنان في التأكيد على أن وتيرة الإنماء والتوسع التي عرفتها طنجة خلال العقد الأخير جعلها "تخطف الأضواء"، وتشكل وجهة استقطاب للرساميل، حتى تلك التي كانت تروج في جارتها تطوان. وعند البحث عن الأسباب التي جعلت طنجة أكثر إغراء للاستثمار والعمل مقارنة بتطوان، نجد الرأي الذي يؤكد أن "التوسع الكبير وفتح مجالات حضرية شاسعة للتشييد والبناء، يجعل الإقبال على عاصمة البوغاز أكثر"، كما أن التطور الذي عرفته البنيات التحتية لهذه المدينة مكن من تغيير ملامحها والرفع من الحركة التجارية والعمرانية التي باتت تشهدها. كان هذا التصريح لأحد المستثمرين في القطاع العقاري المتحدر من تطوان، الذي أكد أن "انحسار المناطق الحضرية المعدة للبناء بتطوان دفعه، على غرار غيره من المقاولين، إلى الاتجاه صوب طنجة بحثا عن وعاء عقاري يجعله يواصل المجال الذي ابتغاه سبيلا لتوظيف أمواله"، إذ أكد هذا المستثمر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن "الوعاء العقاري المعد لاستقطاب فضاءات عمرانية جديدة بات (أعز ما يطلب)"، في ظل ما وصفه بـ "عدم سعي المسؤولين إلى التفكير الجدي في البحث، من أجل توسيع المجالات العمرانية القابلة لتشييد فضاءات سكنية أو إحداث تجمعات سكنية بالضواحي"، على عكس ما تعرفه طنجة التي قال إنها "تمكنت من توسيع الفضاءات العمرانية التي باتت تتيح للمستثمرين، خيارات كثيرة للاشتغال". إغلاق وكالات بنكية من مظاهر الأزمة التي تضرب تطوان خلال السنوات الأخيرة لجوء بعض البنوك إلى توقيف نشاط الوكالات التابعة لها. وهكذا فإن الإغلاق أو نقل النشاط البنكي من منطقة إلى أخرى طال عددا من الوكالات البنكية، التي كانت مقرات فروعها تستوطن أركانا مهمة بشوارع رئيسية بتطوان. وفي هذا السياق صرح أحد المسؤولين الذي كان يدير وكالة تابعة لمؤسسة بنكية معروفة على الصعيد الوطني بتطوان أن "تراجع النشاط المالي بالوكالة التي كان يشرف عليها دفع الإدارة المركزية للمؤسسة إلى نقل نشاطها إلى وكالة أخرى للعلامة نفسها"، مصرحا أن "هذا الإجراء يدخل في إطار ترشيد النفقات، في ظل تراجع نشاط الوكالة المذكورة، وعدم بلوغ الرواج الذي كانت تعرفه إلى المستوى المطلوب للإبقاء على عملها في المنطقة التي كانت بها". وبجولة خاطفة في بعض شوارع تطوان، يمكن الوقوف على اختفاء العلامات التجارية لعينة من البنوك التي اختفت من فضاءاتها المألوفة على واجهات المقرات. وتبقى عملية إقفال مقرات الوكالات البنكية صورة من مشاهد الأزمة التي عرفتها المدينة خلال السنوات الأخيرة، وهي الأزمة التي تفاقمت مع فترة الجائحة وما فرضته من قيود على الحركة، طالت كذلك الحركة الاقتصادية بكثير من المناطق. تراجع في الرواج وفي سياق الأزمة التي يعترف بتأثيرها الكثير من المتابعين للشأن الاقتصادي بإقليم تطوان، صرح بعض المشتغلين بقطاع العقار من مستثمرين في البناء وتجارة المواد المتعلقة به، وكذا الوسطاء الذين يتابعون هذا المجال وكل ما يتعلق به من مستجدات، أن "حجم الرواج في هذا القطاع تراجع بشكل ملموس، مقارنة مع السنوات القليلة الماضية"، ذلك أن "المبيعات المتعلقة بما يتم تشييده من محلات ترتبط بممارسة الأنشطة التجارية من مقاه أو مطاعم وكذا المحلات التجارية، التي تشتغل في بيع وترويح عدد من المواد الاستهلاكية، شهدت تراجعا ملحوظا"، كما يؤكد ذلك عدد من الفاعلين في هذه القطاعات. ولأن الطلب غالبا ما يكون المحدد الرئيسي للأسعار، فإن أحد الوسطاء قال لـ"الصباح" إن "ضعف الطلب أو تراجعه، ساهما في تراجع الأسعار بالنسبة إلى عدد من المحلات المشيدة حديثا، فيما عرف في مناطق أخرى استقرارا لم يكن ليساهم في إنعاش الحركة"، الأمر الذي يجد تفسيره في "تراجع الإقبال على اقتناء محلات، سواء بغرض ممارسة أنشطة اقتصادية أو تجارية، وحتى المحلات المعدة للسكن صار الاستثمار المتعلق بها يشهد كذلك بعض الركود، الذي يدفع أصحابها إلى تخفيض السومة المحددة لها سلفا، بهدف عدم التأخير في سداد الديون الواجبة لهم لدى المؤسسات البنكية"، وما يسببه هذا التأخير من أعباء مالية للدائنين. شواطئ مغرية تتيح الشواطئ التابعة للإقليم بدورها فرصة لتطوان، من أجل استقطاب جزء من الرواج الذي تحفل به فترة العطلة الصيفية. فعلى غرار شواطئ مرتيل والمضيق تكون شواطئ أزلا، أمسا وأوشتام الواقعة على الشريط المؤدي إلى غاية واد لو، قبلة للباحثين عن لحظات انتعاش قرب البحر. وهكذا، فإن الجماعات الخاضعة لها هذه الشواطئ تسعى بدورها لتحسين بنية الاستقبال، عبر تنفيذ عدد من الإصلاحات الموسمية، الرامية إلى توفير أجواء وفضاءات تغري المصطافين والسياح بقضاء عطلتهم الصيفية بالمراكز القريبة من هذه الشواطئ، التي باتت تكتسي صيتا وطنيا، يجعل الباحثين عن الهدوء والطبيعة يحجون إليها. ورغم ارتفاع الإقبال، إلا أن المسؤولين عن هذه الفضاءات السياحية يصطدمون بضعف الإمكانيات ومحدودية ميزانيات الجماعات، في سياق سعيهم للرفع من الخدمات المقدمة للوافدين.

تطوان… اشتدي أزمة تنفرجي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لموظف أوقاف سرق تجهيزات مساجد

"لارام" تربط البيضاء وساو باولو بخط جوي جديد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات