حالة الهدوء التي يعيشها حزب الاستقلال، بعد المؤتمر الوطني، لا تعني سوى الهدوء الذي يسبق العاصفة، إذ يتردد في صفوف الاستقلاليات والاستقلاليين أن نزار بركة، الذي أعيد انتخابه بالإجماع لولاية ثانية على رأس الحزب العتيد، لربما يسيء إلى ذلك الإجماع، بعد تأخر غير مفهوم في دعوة المجلس الوطني لاستئناف أشغاله، بالمصادقة على اللائحة التي سيقترحها لعضوية اللجنة التنفيذية. أجواء المؤتمر وما قبله، كشفت أن الأطراف الرئيسية في الحزب نجحت في الوصول إلى صيغة توافقية للخروج بالحزب من منطق المواجهة الصفرية، التي يحصل بموجبها الفائز على كل شيء، إلى منطق الشراكة والتعاون والتمثيلية النسبية للتيارات الرئيسية داخل الحزب. مطلعون على الشأن الداخلي للحزب يقولون إن جميع الأطراف مقتنعة بأن حرب الاستنزاف سيخرج منها الحزب خاسرا بكل أطرافه، وأن كسب رهانات 2026، بما فيها تقديم الحزب هيأة قادرة على الجمع بين الحضور السياسي والاجتماعي والانتخابي، وبين الحضور التقنوقراطي، من خلال تنوع طبيعة النخب التي يتشكل منها، وتنوع معاقله الانتخابية، يتوقف على إعطاء صورة الحزب الموحد الذي يستثمر في أبنائه، ويعرف كيف يميز، في إطار سلم للأولويات، بين التناقضات الرئيسية والتناقضات الفرعية، ويعرف أيضا كيف أن التحديات والطموحات الكبيرة التي تعلن عنها بلادنا، بحاجة إلى مشهد حزبي جديد يعلن القطيعة مع ترسبات الماضي. تأخر بركة في الإعلان عن أسماء القيادة الجديدة، تحول إلى "ترمومتر" لقياس قرب التعديل الحكومي، فالبعض يرى أن عدم استكمال الحزب لهياكله، باعتباره حزبا رئيسيا في الأغلبية، يساهم في تأخير إعادة هيكلة الحكومة، ذلك أن كثيرين على قناعة بأن صهر عباس الفاسي، ليس قادرا على تحمل تعديل حكومي في غياب اللجنة التنفيذية، بغض النظر عن قدرتها في رسم مصير معين لمشاركة حزب الاستقلال في النسخة الثانية من حكومة أخنوش. أنصار وجهة النظر هاته يقولون إن غياب الاستعجال في دعوة المجلس الوطني لحزب الاستقلال، يعني أن التعديل الحكومي مازال بعيدا. وعكس وجهة النظر نفسها، يقول مقربون من البيت الداخلي لحزب "الميزان"، إنه، حتى في غياب اللجنة التنفيذية، فإن بركة مقيد بالتشاور مع أقطاب الحزب وشخصياته الرئيسية، في أمر التعديل الحكومي، وبناء عليه، فإن التعديل ممكن، ولو دون استكمال الحزب لأجهزته. أيا كانت القراءة الراجحة، فإن مظهر حزب، بحجم الاستقلال، أجندته التنظيمية واستكمال أجهزته معلقان بإرادة شخص واحد، أمر يسيء إلى التجربة الحزبية الوطنية، بغض النظر عن المبررات والتفسيرات. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma