رصد تقرير حديث بعنوان "تحقيق العدالة المجالية في حاجة إلى نفس جديد"، أصدره المعهد المغربي لتحليل السياسات، مجموعة من التفاوتات بين المجالين الحضري والقروي، محذرا من هذا الشرخ التنموي. وأوضح التقرير أن التباين في توطين المرافق، يورث اختلالات عميقة في توزيع الموارد البشرية بين المجالات الترابية، إذ يتسم التوزيع الحالي لموظفي الدولة المدنيين حسب الجهات بتفاوتات كبيرة، وتستحوذ خمس جهات على حوالي 68 في المائة من مجموع الموظفين. وأشار التقرير إلى أن الجهات السبع الأخرى لا تتوفر سوى على 32 في المائة من مجموع الموظفين المدنيين، مشيرا إلى أن هذا التفاوت في انتشار الكفاءات والأطر العليا له تأثيرات عميقة على التمتع بالحقوق والخدمات، فعلى سبيل المثال، رغم التقدم الملحوظ في إرساء البنيات التحتية الصحية بالعالم القروي فإنها تظل تفتقد للفعالية المطلوبة، بسبب غياب أو قلة الأطر الطبية والتمريضية في العديد من الوحدات الصحية، حسب لغة التقرير. وأكد التقرير أن ضعف وجود موظفي الصحة في العالم القروي، يفرض اعتماد تدابير تحفيزية لتشجيع الأطر الصحية على الاستقرار بالمناطق النائية مع التسريع باعتماد أنماط التكوين والتوظيف على المستوى الجهوي. ولا يزال يتمركز أكثر من ثلث الأطباء في جهتي البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة، ويوضح التقرير أنه إذ ما أضيفت جهتا مراكش-أسفي وفاس-مكناس تكون أربع جهات مستحوذة على حوالي 70 في المائة من الأطباء، مع الإشارة إلى استفحال التفاوت بين الوسطين الحضري والقروي في توزيع الأطقم الطبية وشبه الطبية، بنسبة تزيد عن الضعف لكل من جهتي البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، وعن الضعفين كما هو عليه الحال بجهة العيون-الساقية الحمراء. وتشير الوثيقة ذاتها، إلى أن تمركز التنمية بمناطق دون غيرها، يطرح تبعات وخيمة على متطلبات التوازن الترابي، إذ يؤدي تمركز الاستثمارات والمرافق والتجهيزات الكبرى في بعض المحاور إلى تكثيف الضغط الديموغرافي عليها، وتغذية موجات النزوح نحو المراكز الصناعية، وما لذلك من ارتدادات على كفاءة الشبكة الحضرية من مختلف النواحي العمرانية والاجتماعية، من قبيل اختلالات التعمير في ظل تزايد السكن العشوائي، وتفاقم الأنشطة غير المهيكلة، ناهيك عن الآثار الأمنية المحتملة، مبرزة أن تراكم العوز والخصاص في أحياء الهامش يجعلها مرتعا لانتعاش ظواهر الإرهاب والإجرام وتجارة المخدرات. عصام الناصيري