الجزائر تقصف مهمشي المخيمات

مجزرة "عرق إكيدي" دليل واضح على أنها ضاقت ذرعا بهم بقلم: الفاضل الرقيبي شاهد العالم أجمع فظاعة الصور والمقاطع التي نشرها الناجون من مذبحة ارتكبها الجيش الجزائري في حق الصحراويين بمنطقة "عرق إكيدي"، الواقعة على بعد 90 كيلومترا شرق مخيم الداخلة على الأراضي الجزائرية، والتي أبانت عن حقد دفين تجاه سكان مخيمات تندوف، الذين دفعتهم ظروف العيش القاسية إلى المجازفة بحياتهم بحثا عن لقمة العيش. فبعد أن ضاقت بهم السبل وانقطعت أساليب العيش الكريم، لجأ بعض شباب المخيمات إلى امتهان التنقيب عن الذهب السطحي، لعلهم يجدون ما يسدون به جوع أطفالهم وشيوخهم، في ظل الحصار المضروب على المخيمات، التي أصبح فيها رغيف الخبز سلاحا في يد قادة "بوليساريو" لتركيع الصحراويين، خصوصا الشباب الغاضبين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في تلك الأرض الجحود، التي يريدها عسكر الجزائر وقياديو "بوليساريو" مجرد واجهة لحلب المنظمات الدولية، وتنفيذ أجندة سياسية مكشوفة للقريب والبعيد. لفهم تفاصيل هذه الجريمة، التي يندى لها الجبين، يجب العودة إلى الوراء خمس سنوات، وتحديدا غشت 2019، عندما أصدر والي تندوف قرارا بمنع تسليم أي تراخيص لمزاولة التجارة داخل المخيمات، وتخصيص كميات محدودة من المواد الغذائية الأساسية المسموح إدخالها إلى بعض المتاجر التي يسيطر عليها أقارب قادة "بوليساريو". وبما أن الجزائر تمنع الصحراويين من العمل على أراضيها، وتقنن الدخول إليها عبر تصاريح مؤقتة تسلمها سلطاتها العسكرية، أصبح آلاف الشباب الذين كانوا يشتغلون على تهريب البضائع بين تندوف والمخيمات وموريتانيا، على قارعة الفقر، بعدما جففت الجزائر كل منابع تحصيل لقمة العيش، وشددت الحصار عليهم تحت ذريعة استئناف الحرب، لإرغامهم على الالتحاق بمليشيات "بوليساريو"، فلم يجدوا بدا من المخاطرة بأرواحهم. فمنهم من التحق بالجماعات المسلحة في الساحل، وآخرون بشبكات تهريب المخدرات، التي يتزعمها قادة "بوليساريو"، ومنهم من لجأ لتهريب المحروقات والتنقيب عن الذهب، وهو الميدان الذي شهد رواجا كبيرا في السنوات الأخيرة، بسبب بعد أماكن التنقيب عن أعين وحدات الجيش الجزائري المحاصرة للمخيمات، والتي لا تتردد، ولو للحظة، في إطلاق النار على كل ما هو صحراوي، وهو ما حصل فعلا في 2021، حين أضرمت دورية تابعة للواء التاسع المدرع، نواحي مخيم الداخلة، النار في شابين كانا في بئر للتنقيب عن الذهب، وبعدها بشهر فقط، أطلقت دورية جزائرية قذائف "أربيجي 7" على سيارات لشباب كانوا يهمون بعبور الحدود نحو موريتانيا، ما أودى بحياة ثلاثة منهم، وجرح ستة آخرين. حوادث استهداف الجيش الجزائري للمدنيين الصحراويين تكررت مرات عديدة، وأعداد ضحاياها ليست معروفة حتى اللحظة، بسبب تهديد ذويهم، و إجبارهم على دفن أبنائهم في صمت، ودون المطالبة بفتح أي تحقيق أو المطالبة بتعويض، وفي الكثير من الأحيان يمنعون حتى من الوصول إلى جثثهم التي تبقى عرضة للحيوانات والتحلل في فيافي الصحراء، كما هو الحال بالنسبة إلى كوكبة شهداء 28 ماي الماضي، وذلك في ظل صمت مطبق ومريب لقادة "بوليساريو"، التي تعتبر شريكا أساسيا في عمليات الذبح والتقتيل هذه، لأنها هي التي تعطي المعلومات الاستخباراتية حول مجال تحرك هؤلاء الشباب، وهي التي ترافق أيضا عناصر المخابرات الجزائرية، إلى ذوي الضحايا لإجبارهم على دفن موتاهم والتزام الصمت عن تلك الجرائم الشنيعة، التي ما تزال الجزائر مستعدة لتكرارها دون خجل، لأنها، وببساطة، تريد مخيمات خالية من الحياة، ومليئة بالمتسولين الخانعين لقيادة تبتزهم مقابل حفنة أرز وبضع قطع سكر، بل حتى قطرات الماء لا يجدون إليها سبيلا، إلا إذا دفعوا مئات الدنانير. كما أن قيام الجزائر باستعراض عضلاتها على سكان المخيمات، من خلال استخدامها لأول مرة لسلاح الطيران المسير (الدرون)، رسالة واضحة المعالم لسكان المخيمات، وهي أن الجزائر لا يهمها الصحراويون، وأنها مستعدة لحرقهم ودفنهم بالطريقة نفسها التي شاهدنا بها ردم ضحايا مجزرة "إكيدي"، إذا حاولوا التفكير في تحقيق أي محاولات للانفلات من القبضة الحديدية المفروضة من قبل ضباط ثكنة بن عكنون، فالجزائر القوة "الضاربة" تريدكم مذلولين مقهورين تسكنون الخيم وتموتون عطشا على أراضيها، حتى تظل لديها ورقة تلوح بها في ملف الصحراء، الذي انتهى تماما مع دخول أول جندي مغربي للكركرات، وعرف العالم حينها لمن الملك اليوم.

الجزائر تقصف مهمشي المخيمات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محاكمة ودادية أنجزت مشروعها السكني

بنكيران تشجع الصناعة التقليدية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات