خلط بين الإدارة ووهم الامتلاك

يبدأ الهادي الهروي، الخبير الاجتماعي، حديثه حول السلوكات المتعالية لمسؤولي الإدارة بتساؤلات من قبيل، هل الإدارة في المغرب لا تخضع لتأثيرات المراقبة والمتابعة ومنطق المحاسبة؟ وهل تتماهى فيها الشرعية القانونية والنزعة الفردية المفرطة في التدبير والتسيير؟ ومن أين يستمد مديرو الإدارات سلوكهم المتعالي وبيروقراطيتهم الفجة وكيف نفسر تصرف أغلبية الإداريين اللاعقلاني، والتباس ما هو إداري قانوني بما هو ذاتي أناني؟ويخلص الباحث في علم الاجتماع إلى أن النخبة المسيرة للإدارات مثلها مثل النخب القبلية، يطغى عليها منطق الربح الفردي والاغتناء بكل السبل الذي يقودها في تدبير السلطة، فأغلب من يتحمل المسؤولية في إدارة ما، يعمل في اتجاه معاكس للعقلانية، والديمقراطية والموضوعية والنزاهة، سمات للحداثة، التي بانعدامها ينعدم التحديث وفي ذلك عرقلة حقيقية للإصلاح والتنمية. فأغلبية من أنيط بهم تدبير الإدارات العمومية يخلطون بين مسؤولية المهمة وواجباتهم القانونية وتمثلاتهم الذاتية لامتلاك أو ملكية تلك المؤسسة التي يشرفون عليها، وهذا نوع من الريع السياسي والإداري.ويضيف أن الكل يعتقد أنه مالك للمنصب الذي يشرف عليه، وأن له سلطة القرار في إصدار الأحكام التي يرغب فيها، بناء على ذاتيته، أو على الزبونية والقرابة العائلية والرشوة والمحسوبية، بل وكأنه يشعر أنه خارج كل متابعة أو محاسبة، وهذا أكبر عائق للتنمية وللإرادة الملكية في الإصلاح والتقدم.فالمهاجر، حسب الخبير الاجتماعي، يعود إلى بلده مغمورا بالأمل والسعادة في أن يقضي إجازته في راحة تامة، ويلقى ترحيبا إعلاميا وإداريا، لكن عندما يرغب في قضاء مصالحه الإدارية، يصطدم بمنطق التماطل والتسويف و"التدويرة". وأحيانا التعنيف والابتزاز، وتجاوز القانون واستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة. فأغلبية المؤسسات والإدارات المغربية حاليا، تعكس صورة قاتمة عن الحكامة.ويوضح الهادي أنه يكفي فقط أن تقودك الحاجة إلى مصلحة إدارية أو محكمة أو مستشفى أو مخفر شرطة أو قباضة، لتستقبل بعبارات من قبيل "تسنى"، "ومازال ما جا المسؤول"، "سير حتى لغدا". وفي المحكمة "انتظر نسخة الحكم مازال معطاها القاضي"، أو تسمع "دولابار دو مسيو فلان". بهذه السلوكات يجمع السواد الأعظم من المغاربة على فشل التدبير الإداري، ومحاربة السلوكات الشاذة والرشوة ومحاربة قضايا التسويف الإداري، فلاغرابة إذن أنه كلما عزم المغرب على تحديث هياكله الإدارية ومؤسساته ومحاربة الفساد، كلما وجد نخبا ومسؤولين في جميع القطاعات يعملون على عرقلة قطار الإصلاح والديمقراطية والعقلانية والتحديث، ويختم الهادي الهروي أن كل شروط الإصلاح متوفرة الآن، ومنهم شباب عاطل متحمس للعمل والتغيير، وفوق كل ذلك ملك مصلح طموح مافتئت تدخلاته توضح عن عزم قوي للقضاء على كل أشكال الفساد وتفعيل القانون والدستور.المصطفى صفر

خلط بين الإدارة ووهم الامتلاك

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الملك يطلق "لنتحد ضد الحاجة" من البيضاء

"حكرة" المواطن أخطر أمراض الإدارة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات