بماذا تفسرون تأزم العلاقة بين المواطن والإدارة في المغرب؟ ليس من السهل تقديم تفسير واضح لظاهرة معقدة تهم الفجوة الحاصلة بين المواطن و الإدارة..هذه الازمة، و إن كانت معترفا بها بالإجماع، يعني من قبل الدولة و المواطن، غير إن عملية تشخيصها صعبة في ظل غياب دراسات ميدانية علمية..وبالتالي فأي محاولة لتناول الموضوع ستكون من منظور انطباعي أو وجهة نظر نابعة من رصد عام أو شعور شخصي..على العموم، هذه الأزمة في الأساس لها بعد تاريخي متصلة بكيفية نشوء الدولة المغربية الحديثة والذي يعتبر الجهاز البيروقراطي أحد أهم معالمها. وما يزيد الأمر تعقيدا هو جهل المواطن بمهام الإدارة .. وأنه يفضل أن يقضي مصالحه بطريقة تقليدية مباشرة وشخصية مع رجل الإدارة خارج المؤسسة. ما هي في نظركم النقط السوداء في علاقة المواطن بالإدارة؟ < النقطة الأساسية في الأزمة تكمن في موضوع ممارسة السلطة بطريقة سلبية في الإدارة، السلطة ليس بمفهوم القهر أو ممارسة العنف الشرعي، وإنما في ممارسة مهام و صلاحيات معينة ضمن هيكلية إدارية متسلسلة ومفوضة من قبل الحكومة أو الدولة. على أن الإشكال الأساسي يتمثل في تصورات الوظيفة الإدارية من قبل المواطن والموظف، خاصة في بعض المؤسسات ذات الطابع الأمني كإدارة الأمن أو إدارة السجون أو إدارة المحاكم وفي المقاطعات والعمالات ومؤسسة الدرك. المواطن له تمثل نوعا ما سلبي اتجاه موظفي هذه المؤسسات، وأنا لا أتحدث هنا في المطلق، على اعتبار أن تلك التصورات نابعة من سوء فهم لحقيقة دور المؤسسة وكذلك لسوء تمثل الموظف لوظيفته الحقيقة، ولك أن ترى الطريقة التي يستقبل بها المواطن في هذه المصالح، والدولة تدرك هذه النقطة السوداء، لذلك السبب نادت بسياسة تقريب الإدارة من المواطنين وروجت للمفهوم الجديد للسلطة. لكن مازال الوضع بعيدا جدا عن هذه السياسات، فمازلنا مثلا نرى الطوابير الطويلة أمام الإدارة من أجل وثائق بسيطة. ألا تتفقون مع الرأي القائل بأن المواطن يساهم في تكريس جفاء الإدارة في التعامل معه ؟< هناك الكثير من المواطنين يلجؤون لقضاء مصالحهم في الإدارات بالاستجداء و(الله يرحم بها الولدين) في جهل تام بالمساطر والإجراءات القانونية، كما أن بعض المواطنين شركاء في الانحرافات الإدارية، كالرشوة و المحسوبية. هناك عاملان أساسيان يفسدان نشاط الإدارة وهما لامبالاة الموظف وأمية المواطن، بالإضافة إلى النقص الكبير في إعلامه وتوجيهه. *باحث في المركز المغربي للعلوم الاجتماعيةأجرى الحوار: ياسين قُطيب