واجبات انخراط المحامين… فيتو الحصانة

هيآت تطالب الوافدين الجدد بمبالغ خيالية نظير قبولهم بها والقضاء يعتبر الأمر تعسفا أعاد القرار القضائي الأخير الصادر عن غرفة المشورة باستئنافية مراكش، إلى دائرة النقاش واجبات انخراط المحامين الجدد في الهيآت والمبالغ المالية الخيالية التي تطالب بعضها هؤلاء الوافدين بأدائها قبل الانتساب. المغالاة التي تقوم بها بعض الهيآت في شأن تقدير واجب الاخراط لها من التفاسير الكثير، بين من يرى أن الأمر يدخل في محاولة لحماية المهنة خاصة لما شهدته السنون الأخيرة من التحاق أفواج عديدة بها دون أن تقدم الدولة أي دعم للمهنة التي تعاني الكثير، وبين من يرى أن الأمر يكرس الطبقية ويزيد الاحتقان، على اعتبار أن تلك المبالغ تشكل عائقا لأغلب المرشحين خاصة من الفئات الفقيرة، ويسد الآمال في وجوهم. إنجاز: كريمة مصلي القضاء يرفض المغالاة في قرار جريء، أصدرت غرفة المشورة باستئنافية مراكش، قرارا ببطلان الزيادة في رسوم التسجيل في هيأة المحامين، الذي سبق أن اتخذه مجلس الهيأة في 29 فبراير الماضي، وطعن فيه الوكيل العام للملك بالمحكمة ذاتها. واعتبرت المحكمة في قرارها الذي أصدرته، أن تمكين مجلس هيأة المحامين من تحديد مبلغ بهذا الحجم، على من رغب في الولوج للمهنة سيكون من قبيل تمليك المهنة للمهنيين، وجعل المهنة مقتصرة على من يتوفر على هذه المبالغ لا غير، وذلك ضدا على فلسفة الدستور المغربي، الذي يجعل المغاربة سواسية أمام القانون. وأوضح القرار أن مبلغ الاشتراك لا يجب أن يتجاوز ما هو مستلزم للتسيير المالي للهيأة، دون أن يشكل عرقلة لولوج المهنة، بإضافة شروط غير منصوص عليها قانونا، من قبيل أداء مبالغ ضخمة، غير التي يلزم بها أعضاء الهيأة رسما للاشتراك ، مشيرا إلى أن مجلس الهيأة باتخاذه قرارا يخرج عما رسمه المشرع من تحديد شروط الولوج إلى المهنة وإضافته شرطا نشازا يعتمد على الوضعية المادية للمرشح واقتصار الولوج على فئة معينة، ضدا على مبدأ سواسية المواطنين أمام القانون، يكون قد تجاوز اختصاصه الذي يجب ألا يخرج عما حددته المادة 91 من القانون 28-08 ، ويكون بذلك قد شرع بغير موجب ولا حق لغير فئة المنتمين إلى المهنة. القرار الصادر عن غرفة المشورة باستئنافية مراكش لامس وضعا يعانيه العديد من الطلبة، الذين تمكنوا من اجتياز امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، إلا أنهم فوجئوا بهيآت تفرض مبالغ مالية خيالية لتمكينهم من التسجيل بها، وهو ما بلور في القرار الذي أصدره مجلس هيأة المحامين بمراكش في نهاية فبراير الماضي، إذ أصدر قرارا يقضي بمراجعة وتعديل رسم الانخراط في الهيأة، وحدده في 13 مليون سنتيم بالنسبة للطلبة المغاربة، و40 مليونا بالنسبة إلى القضاة والموظفين ورجال السلطة وأساتذة التعليم العالي، و100 مليون للمحامين المنتمين إلى إحدى الدول الأجنبية المرتبطة مع المغرب باتفاقية دولية، متعلقة بممارسة مهنة المحاماة، أما بالنسبة إلى المحامين المنتقلين من إحدى الهيآت بالمغرب، فحدد القرار 13 مليونا بالنسبة للمتمرنين، و25 مليونا بالنسبة للمحامين الرسميين. محامون مع وقف التنفيذ وجد العديد من الناجحين في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة أنفسهم في مواجهة المستحيل بسبب المبالغ الخيالية التي تفرضها هيآت المحامين 17 بالمغرب للراغبين في الانتساب إليها، وأضحوا «سجناء»، متاهة البحث عن تلك المبالغ، خاصة في ظل عدم قدرة وزارة العدل على التدخل في الموضوع بعلة أن الأمر يدخل في الشؤون الداخلية للهيآت، ولم يتمكن عدد من الناجحين من الالتحاق بالمهنة في إطار التمرين، على اعتبار أن قانون مهنة المحاماة يحدد مهلة زمنية للتسجيل في المادة 11 منه التي تفيد أنه يقدم طلب الترشيح للتقييد في لائحة المحامين المتمرنين إلى نقيب الهيأة التي ينوي المترشح قضاء مدة التمرين بها، وذلك خلال شهري مارس وأكتوبر من كل سنة، وإذا لم يتدبر المحامي ذلك المبلغ فإنه لن ينعم بفرصة التمرين، رغم أنه ليس في القانون المنظم لمهنة المحاماة أي فصل يشير إلى وجود شرط دفع مبالغ مالية للتسجيل بلائحة التمرين، كما هو مبين في المادة 11 التي تنظم مسطرة التمرين، إذ لا تتضمن أي شرط حول واجبات الانخراط أو الاشتراك، بل تتحدث عن تاريخ وضع الترشيح ودراسة الملف من قبل الهيأة، بالإضافة إلى الوثائق المثبتة لتوفر المترشح على الشروط المنصوص عليها في المادة 5 من القانون نفسه، التي تتضمن الشروط الواجب توافرها في المترشح، ولا تشير إلى واجبات الاشتراك. وتعتبر بعض الآراء أن الاشتراك يخص المحامين الرسميين، كما نصت على ذلك المادة 19 و 20 المتعلقة بالقيد في جدول المحامين الرسميين، واشترطت أداء واجبات الانخراط للهيأة وهو ما يعني أن المحامين المتمرنين الجدد غير معنيين بواجبات الانخراط، وهو الأمر الذي أكدته محكمة الاستئناف بالرباط، التي أصدرت قرارا عدد 23 بتاريخ 29 ماي 2014، يفيد عدم قانونية فرض رسوم الانخراط من طرف هيآت المحاماة على الملتحقين الجدد بالمهنة. كما أن المجلس الأعلى سابقا، محكمة النقض حاليا، أصدر قرارا أكد فيه أن قانون مهنة المحاماة ليس فيه ما يعطي لمجلس الهيأة الحق في فرض رسوم الانخراط على المرشح لمهنة المحاماة، وفق مقرر مجلس الهيأة. ويتساءل المتضررون عن الغاية من عدم توحيد مبالغ الإنخراط بالنسبة إلى جميع الهيآت، ولماذا يفضل بعضها رفع المبلغ لتعجيز الراغبين في الالتحاق بها؟ وأين دور وزارة العدل، باعتبارها الجهة الوصية على المهنة، في تدبير هذا الوضع. توجهات مختلفة يعرف موضوع أداء واجبات اشتراك المحامين المتمرنين نقاشا قانونيا وقضائيا وفقهيا كبيرا، إذ هناك رأي يقول باستقلالية وحرية مجالس الهيآت في تحديد واجبات الانخراط، باعتبارها تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي وتتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة. ويستند أصحاب هذا التوجه على مقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 91 من قانون المحاماة، والتي تنص على أن مجلس الهيأة يتولى إدارة أموال الهيأة وتحديد واجبات الاشتراك، الى جانب المادة 78 من النظام الداخلي الموحد لجمعية هيآت المحامين والتي تلزم المترشح بأن يرفق طلبه بوصل يثبت أداء الرسوم المحددة من قبل الهيأة مقابل الانخراط من جهة، ومقابل الاشتراك من جهة أخرى. أما الرأي الثاني فيرى بأن واجبات الانخراط التي تفرضها هيآت المحامين على المرشحين لمهنة المحاماة لا تستند لأي سند قانوني، اعتبارا لأن القانون المنظم للمهنة ليس فيه ما يعطي لمجلس الهيأة فرض رسوم الانخراط في المرشح لمهنة المحاماة، وفق مقرر مجلس الهيأة، وهو التوجه ذاته الذي أيدته محكمة النقض في قرار سابق لها، أكد أن “المقصود بواجبات الاشتراك الواردة في المادة 85 من القانون المنظم لمهنة المحاماة والتي يتولى تحديدها مجلس الهيأة، هو المبلغ المالي أو الخدمات التي تحددها الجمعية أو النقابة لمساهمة أعضائها في تحمل أعباء تسييرها، وهي تنحصر في العضو المنتمي للهيأة فقط، لا الوافد عليها لأول مرة". محظوظون فوق العادة غالبا ما تكون فئة من الأشخاص لها من الحظ ما يكفيها لئلا تعاني ما يعانيه أمثالها في المجتمع، والأمر هنا لا يتعلق بأثرياء، وإنما بأبناء محامين أومن منتسبين لسلك العدالة ترى بعض الهيآت أن تمنحهم المجانية في الانخراط، أو حتى تسهيلات في الأداء غير باقي زملائهم الذين اجتازوا الامتحان نفسه، فليس ذنب المتمرن الجديد أن أباه ليس محاميا أومن منتسبين للمهن القضائية التي تحظى بتلك المحاباة ليستفيد من ذلك الامتياز، ومن حقه هو كذلك الاستفادة منه، مادام أنه نجح في امتحان الأهلية، فالتعامل يجب أن يكون على قدم المساواة، ليس فقط في مثل هذه الحالات، بل في أي شيء. إنه لا يقبل في إطار التغييرات التي حملها الدستور ونص فيها على المساواة والحقوق وكرس العديد من المبادئ المهمة، أن تجد من يكرس التفرقة بين أبناء المهنة الواحدة، وأن يطبع العلاقة بينهم بنوع من الغبن. الغبن الذي يعتري الفئة غير القادرة عن أداء تلك المبالغ، يزداد في حال إعسار المحامي المتمرن عن أداء ذلك المبلغ فتضيع عليه فرصة الالتحاق بتلك الهيأة ويضيع الجهد الذي بذله للنجاح في امتحان الأهلية لمزاولة المهنة، ويبقى محاميا مع وقف التنفيذ إلى حين توفر مبلغ الانخراط، والمكتب الذي يقبل تدريبه. وهبي يعد بالمراجعة قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إنه سيعمل على مراجعة واجب الانخراط في هيآت المحامين، خصوصا في ما يتعلق بواجب انخراط المحامين المتمرنين، الذي تحدثت تقارير عن تحديده في مبلغ 22 مليون سنتيم، الشيء الذي أثار جدلا واسعا بين صفوف المهتمين بالمغرب، موضحا خلال جوابه عن سؤال في الموضوع، في إحدى جلسات البرلمان، أن المبالغة في تحديد واجب انخراط المحامين المتمرنين، قد يشكل عائقا أمام فئة عريضة من الشباب حاملي شهادة الأهلية لولوج مهنة المحاماة، مشيرا إلى أن وزارته قد فتحت نقاشا مع جمعية هيآت المحامين في المغرب، لمناسبة مراجعة القانون المنظم للمهنة . ويجد واجب الانخراط في هيآت المحامين، حسب وزير العدل سنده في مقتضيات المادة 20 من القانون رقم 28.08 ، المتعلق بمهنة المحاماة، التي تنص على أنه "يبت مجلس الهيأة في طلبات التسجيل في الجدول بعد استكمال عناصر البحث داخل أجل أربعة أشهر من تاريخ إيداع الطلب وواجبات الانخراط"، وهي وجهة نظر تبقى محط نقاش إلى حين أن يحسم القانون المنظم لمهنة المحاماة الذي يفترض أن يخرج إلى حيز الوجود في هذه الإشكالية.

واجبات انخراط المحامين… فيتو الحصانة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رفاق المخارق... مساندة من ذهب

لحلو و"لكليكا في سويسرا"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات