الطريق المعبد للثروة

بوطيبة: الدولة أكبر الخاسرين بسبب محتويات مسيئة وفشلها في استخلاص الضرائب صارت التفاهة على مواقع التواصل الاجتماعي، الطريق المختصر لتحقيق الثروة، وكلما بالغ المرء في تفاهته فاقت أرباحه حدود الخيال، والتي قد تصل إلى الملايين شهريا، لهذا نجد رجالا ونساء من مختلف الأعمار يتنافسون في تقديم محتويات تشيب لها الولدان، بل وصل الأمر إلى حد تسول المال علانية في لقاءات مباشرة، في رسالة أن الكرامة والكبرياء صارتا ذكرى من الماضي. حاول مؤثرون جادون تصحيح هذا الخلل، عبر تقديم محتويات تربوية وهادفة، رافضين الخضوع لمنطق المال، فاضطروا في النهاية إلى الاعتراف بفشل تجاربهم، فالتافهون و"البلداء" احتكروا أعلى نسب المشاهدة، وصاروا يتحكمون في مصير أجيال، وتحولوا في ظرف وجيز إلى "أثرياء" يتسابق الجميع لتقليدهم. يرى الدكتور علي بوطيبة أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ظاهرة المؤثرين ليست قديمة، وهي تعبير عن ضغوط الوقت والعمل الذي يعيشه الإنسان، إذ بحكم أن الوقت صار ضيقا، أصبح أي شخص يطالب بمحتويات مدتها قليلة وضئيلة. وأكد بوطيبة، أن ظاهرة المؤثرين التي تفشت بكثرة، تكشف انعدام ثقة المواطنين في مؤسساته الرسمية، بل حتى في عروض شركات لماركات عالمية، إذ صارت إشهارات المؤثرين لها مصداقية على جميع الوصلات الإعلانية، رغم إنفاق الملايير عليها، والنتيجة خلق نموذج جديد في العالم التجاري يجمع المشتري (المؤثر) بالمشتري المتلقي، ولا وجود للتاجر في هذه العلاقة الجديدة، وهو الأساس الذي ترتكز عليه بنسبة كبيرة التجارة الإلكترونية. وأضاف أستاذ الاقتصاد، أنه بحكم أن المجتمعات العربية لا تقرأ وغير واعية، وقعت ضحية محتويات رديئة جدا، لأن هم المؤثرين العمل بمنطق العدد وليس جودة المحتوى، أي جمع أكبر عدد من "اللايكات" والمشاهدات لجمع ثروة كبيرة، فكل نقرة تتحول إلى مبلغ مالي بالعملة الصعبة، فأصبحنا نعيش في زمن السباق على الرداءة، جرعات زائدة من الجرأة فتخطينا كل الخطوط الحمراء، وهذا ما نلاحظه بشكل يومي، إلى درجة أن المؤثرين من أجل المال، اختلقوا نزاعات وشجارات انتهت في المحاكم، بل صار آخرون يتعمدون دخول السجن والمتابعات القضائية، من خلال تناول مواضيع حساسة وفبركة وتزييف معطياتها، من أجل نسب مشاهدة عالية تمكنهم من الملايين شهريا. وبحكم الأرباح الخيالية التي يحققها المؤثرون، شدد الدكتور بوطيبة على أن الدولة شرعت في ملاحقات ضريبية في حق صناع المحتوى، إلا أن هذه الخطوة تشهد عراقيل عديدة، بداية أن أي تصريح ضريبي يحتاج إلى دليل، إما على شكل فواتير أو تصريح بالأجور، في حين أن أرباح المؤثرين توجد في حسابات بنكية أغلبها بالخارج ما يصعب استخلاصها، إضافة إلى احتراف أغلبهم الاتجار في العملات الرقمية، ما يزيد من صعوبة الهمة، لهذا يسارع بنك المغرب إلى أجرأة التعامل بالعملات الإلكترونية، والدليل أن أغلب المؤثرين بالمغرب لا يخضعون للقانون التجاري، وبالتالي فرض ذعائر وغرامات مالية كبيرة في حال متابعتهم قضائيا، في حين أن أغلبهم مدان بعقوبات حبسية وغرامات، طبقا للقانون الجنائي. أمور سيئة أوضح الخبير الاقتصادي أن المغرب لا يستفيد من ظاهرة المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي إلا الأمور السيئة، بداية بتفشي ظاهرة السب والقذف والتشهير، ثم عدم استفادة خزينة الدولة من مداخيل هذه الفئة، ونجاح المحتويات التافهة في فرض مكانتها على مستوى نسب المشاهدة، إذ على نقيض المحتويات الهادفة، فإنها تنتشر كالنار في الهشيم، ما يؤدي إلى مناوشات واحتقان واحتجاجات قد تمس بثوابت المغرب. مصطفى لطفي

الطريق المعبد للثروة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أسر تمد الحبل

نقابة‭ ‬تعليمية‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الحراك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات