أسر تمد الحبل

تخلت عن دور المراقبة والقدوة للأبناء ومنحتهما لمشاهير "النيت" مع كثرة التطبيقات التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، استحوذت التفاهة والكلام النابي والساقط على النصيب الأكبر منها، من قبل أشخاص يعتبرون أنفسهم مؤثرين في المجتمع، بشكل أضحى يشكل فيروسا ينخر المجتمع، بكل مكوناته خاصة الأسرة التي تعد النواة الأولى للأطفال والتي يفترض أن تكون هي النموذج. لقد تخلت الأسرة في الوقت الحاضر ومع التطور التكنولوجي عن دور المراقبة والحماية، بعدما أصبح كل أفرادها مسلوبي الإرادة أمام مواقع التواصل الاجتماعي، رغم رداءة ما يتم تقديمه والذي يكرس التفاهة، وتحول ذلك المرض إلى العديد من الأطفال، الذين فقدوا القدوة في الآباء والأمهات، الذين أضحوا مدمني تلك البرامج والتطبيقات وانتقل الأمر إلى الأبناء، وأضحت المصيبة أكبر أمام ما يتم تلقينه إلى الأطفال بشكل غير مباشر من كلمات نابية واستعمالات بذيئة، وإيحاءات، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد بل أضحى بعض المؤثرين يشكلون القدوة لهؤلاء الأطفال، في غياب أي مراقبة. الاستعمال المفرط لبعض تلك التطبيقات، يشكل خطرا حقيقيا على الأطفال والمراهقين، الذين يضحون في عزلة اجتماعية، فرغم أن هناك تطبيقات تظهر أنها تستهدف التواصل الاجتماعي مع الجمهور، إلا أنه في الواقع يميل مستخدموها إلى العزلة الاجتماعية، خاصة مع المدة الزمنية التي يقضونها، والتي تجعلهم تحت رحمة تلك التطبيقات، التي تشكل بالنسبة إليهم عالما خاصا، مليئا بالمغامرات غير المعتادة في الواقع، والتي قد تنقلب رأسا على عقب على مستخدميها، في غياب المراقبة والتي يتحمل فيها الآباء النصيب الأكبر. تحكي ليلى وهي أم لطفلة لم تتجاوز 13 سنة من عمرها، أنها كادت تفقد ابنتها، بسبب إدمانها على تلك التطبيقات الفورية، والتي اعتقدت في البداية كما العديد من الأمهات والآباء أنها وسيلة للترفيه، في ظل التطور التكنولوجي الذي يتسارع بشكل مخيف. في البداية كانت ابنتها تطلع على تطبيق "التيك توك"، قبل أن تتحول إلى فاعلة فيه من خلال إحداث فيديوهات خاصة بها، على اعتبار ان ذلك التطبيق يمنح للمشتركين إمكانية وضع فيديوهات خاصة بهم على نغمات موسيقى يختارونها وتكون في الغالب مصحوبة برقصات. ظلت الطفلة على هذه الحال لشهور، غير أن والدتها لاحظت تغيرا في سلوكها وطريقة حديثها، فقررت حرمانها من الهاتف المحمول، إذ اعتقدت أن الأمر انتهى عند ذلك الحد، خاصة بعدما اطلعت على فيديوهات لابنتها بها رقصات غير لائقة. إماطة اللثام لم تكن ليلى تنتظر رد فعل الطفلة بعد حرمانها من الهاتف، إذ بقدر ما كان الجواب بطريقة غير لبقة بقدر ما أماط اللثام عن واقع حقيقي، بعد أن واجهتها بتصرفاتها وإدمانها هي الأخرى على مشاهدة هؤلاء المؤثرين، وحديثها المستمر عما يجنونه من أموال طائلة بسبب ما يقدمونه، والإعجاب الذي كانت تتبادله مع جارتها حول تلك المحتويات، وغالبا ما كانت تشارك صغيرتها مشاهدة تلك التفاهة، لتقف الأم على حقيقة مرة أنها تعد السبب الرئيسي في ما وصلت إليه طفلتها. حالة ليلى ليست الوحيدة في ظل العديد من حالات أسر قد تنتقد التفاهة وما يتم تقديمه في العلن، إلا أنها عندما تختلي بنفسها تكون من أول مشاهديها، بل حتى داعميها، ما يرفع نسب المشاهدة التي تكون الدافع وراء استمرار هذا الفيروس الخبيث الذي ينخر المجتمع. كريمة مصلي

أسر تمد الحبل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تطوان.. السجن المحلي يحتضن أنشطة ثقافية وإفطارا جماعيا

الطريق المعبد للثروة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات