تساهل شجع على التمادي

ضعف المعالجة القضائية أدى إلى الإفلات من العقاب وزاد في التشهير عجزت السلطات القضائية في العديد من الملفات عن تحديد الفاعل الأصلي في جرائم التشهير، بل وأفلت أظناء من العقاب بسبب تصريحات أنكروا فيها المنسوب إليهم من فبركة وقائع خيالية، عبر الادعاء بأن حساباتهم الإلكترونية تعرضت إلى القرصنة، نظير ملف طبيب توبع بالتشهير بالبيضاء. ورغم أن الأبحاث العلمية في مجال الرقمنة تطورت، إلا أن مشهرين أفلحوا في اختراق الرقابة والبقاء بعيدا عن العقاب، رغم ما سببوه من اضرار للضحايا. ففي ملف البيضاء، عمد طبيب إلى تحميل شريط فيديو مسيء إلى شخص يعمل في مجالات متعددة، ونشره لتأتي التعليقات مختلفة على حائط الحساب الفيسبوكي الخاص بالطبيب، ما دفع الضحية إلى اقتفاء مساطر القانون لنيل حقه، لنيل حقه ومعاقبة من نسب إليه وقائع وهمية بهدف التشهير، وبثها على منصة إلكترونية. وبعد عمل مضن انطلق بانتداب مفوض قضائي بمعاينة الحساب الفيسبوكي وتفريغ محتوي الشريط وإنجاز محضر بذلك، ثم توكيل محام للقيام بإجراءات رفع الشكاية، وما كلف ذلك من وقت وأموال، انضافا إلى المعاناة بسبب استمرار الشريط المسيء في الظهور على حائط الطبيب، ليتم انتظار مدة أخرى لدراسة النيابة العامة بالبيضاء للشكاية وتوجيهها إلى الضابطة القضائية المختصة، علما أن الشريط يحصد في كل يوم إضافي تعليقات مسيئة ومشاهدات جديدة، لتتضاعف الأضرار المادية والمعنوية للضحية. وبعد تأكيد الشكاية من قبل الضحية والاستماع إليه في محضر قانوني من قبل الضابطة القضائية، تم استدعاء الطبيب المتهم، لمواجهته، وبسهولة كبيرة نفى علاقته بالشخص الذي تمت الإساءة إليه بل نفى حتى علمه بوجود الشريط في حسابه الإلكتروني، وبعرض محضر المفوض القضائي والدلائل التي تشير إلى أن الحساب الفيسبوكي في ملكه ويحمل اسمه الكامل وصفته، تنصل من المسؤولية بعبارة غريبة، وهي أن حسابه قرصن في مرة سابقة تزامنت مع نشر الشريط، ليختم المحضر ويحال على النيابة العامة، التي سارعت بحفظ الملف. وتجلت الغرابة في معالجة مثل هذه القضايا المكلفة بالنسبة إلى الضحية رافع الشكاية، في أن النيابة العامة لم تنتبه إلى أن إنكار الطبيب ليس إلا محاولة منه للتملص من العقوبة التي تنتظره بسبب سلوكه المخالف للقانون، إذ لم تطلب من الشرطة القضائية أن تجري بحثا جديدا على الأقل تواجه فيه الطبيب بسؤال حول الطريقة التي استعاد بها حسابه الفيسبوكي، إذ أن المبتدئين في التعامل مع مواقع الدردشة يدركون أنه في حالة قرصنة الحساب، يتم توجيه رسائل من الإيميل الخاص بصاحب الحساب، وتوجيه طلب لاستعادته، وتستغرق هذه العملية مدة توثق لها مختلف الرسائل المتبادلة بين ضحية القرصنة والشركة صاحبة الموقع الإلكتروني. ففي حال أدلى الطبيب بتلك الرسائل التي تظل مخزنة في بريده الإلكتروني سنوات، فإن تصريحاته تتطابق مع ذلك، وإن لم يد بتلك الرسائل يعتبر مذنبا وتلزم متابعته بجريمة التشهير عبر الأنترنيت، وفق فصول القانون الجنائي، لكن ذلك لم يحدث وظل الضحية مهضوم الحق، بينما شجع الإفلات من العقاب الطبيب نفسه على مواصلة التشهير. فجرائم التشهير التي نراها اليوم، ناجمة أساسا عن البطء في معالجة الشكايات المرفوعة في هذا الصدد، وإلى الإفلات من العقاب لعدم القدرة على تحديد هويات أصحاب حسابات أنشئت بأسماء مستعارة. ورغم أن القانون أذن للنيابة العامة بحجب المواقع المسيئة أو تلك التي تنشر الأخبار دون أن تتوفر على تراخيص في المجال الإعلامي، إلا أن "السيبة" ما زالت سائدة، وازدادت معها الجرائم الإلكترونية الماسة بالحياة الخاصة أو المتعمدة الإساءة إلى الناس بالتشهير بهم. المصطفى صفر

تساهل شجع على التمادي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استمرار ألغاز "وحش" الأطلس

90 سنة لشبكة "حمدون"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات