صعوبات تحد من فعالية تحصيل ديون المديرية العامة من الملزمين تمثل إيرادات الضرائب أحد المصادر الأساسية لموارد الميزانية العامة، إذ مثلت خلال السنة الماضية 83 في المائة من إجمالي المداخيل العادية لميزانية الدولة. ووصلت قيمتها الإجمالية، خلال السنة الماضية، 252 مليار درهم، وتتولى المديرية العامة للضرائب تحصيل جزء منها، ويتعلق الأمر بالضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل، إضافة إلى رسوم التسجيل والتنبر، وبلغ مجموع هذه الضرائب 148 مليارا و800 مليون درهم مع متم السنة الماضية. إنجاز: عبد الواحد كنفاوي يواجه تحصيل الواجبات الضريبية صعوبات تتسبب في تراكم الباقي استخلاصه، فما هي أهم المعيقات التي تحد من فعالية عملية التحصيل؟ وما قيمة المبالغ التي لم يتم تحصيلها بعد؟ وما هي سبل تجاوز الوضع الحالي؟ أنجز المجلس الأعلى للحساب تقييما لتدبير تحصيل الضرائب تضمن إجابات عن هذه التساؤلات وقدم مجموعة من التوصيات. 8600 مليار معلقة ارتفع الباقي استخلاصه بشكل ملحوظ، خلال الفترة الممتدة من 2017 إلى 2021، ليصل إلى 86 مليار درهم (8600 مليار سنتيم)، بعد أن كان هذا المبلغ في حدود 61.6 مليار درهم مع متم دجنبر 2016. وأرجع المجلس الأعلى للحسابات هذا الارتفاع، إضافة إلى الذعائر والغرامات والزيادات عن التأخير المسجل في الفترة نفسها، إلى الفارق بين مبالغ تكفلات قباض الإدارة الجبائية، خلال هذه الفترة، التي تجاوزت 124 مليار درهم من جهة، ومجموع المداخيل 62 مليار درهم، والديون المقبولة للإلغاء بقيمة 19 مليار درهم، والإسقاطات 32 مليار درهم التي تمت خلال الفترة نفسها من جهة أخرى. ووصل هذا الفارق إلى 11 مليار درهم، ما يمثل ارتفاعا بحوالي 19 في المائة، في حين أن الهدف الاستراتيجي للمديرية العامة للضرائب تقليصه سنويا بناقص 10 في المائة على الأقل. واعتبر المجلس أن هذه الوضعية تعكس، بشكل خاص، ضعف معدل تحصيل التكفلات وكذا الصعوبات الحقيقية في تصفية ما يعادل 49 من الباقي استخلاصه، ما يجعل الإجراءات والتدابير التي اتخذتها المديرية العامة للضرائب الهادفة إلى تحسين فعالية التحصيل، بناء على المخطط الإستراتيجي للفترة ما بين 2017 و2021، غير كافية لتحقيق مستويات الإنجاز المتوقعة التي من شأنها تمكين تحصيل موارد إضافية لميزانية الدولة وأن تساهم في التخفيض من الباقي استخلاصه. ضعف استخلاص الديون بلغت المداخيل المحصلة، خلال الفترة الممتدة من 2017 إلى 2021، ما يناهز 62 مليار درهم، وتهم 55.6 مليار درهم من هذه المداخيل تكفلات عن الفترة نفسها، من أصل124 مليار درهم، ما يمثل معدل تحصيل في حدود 45 في المائة مع نهاية 2021. بالمقابل لم يتجاوز معدل تحصيل الباقي استخلاصه المتعلق بالفترة ما قبل سنة 2017 والبالغ 61.6 مليار درهم، 10 في المائة، ما يناهز 6.3 ملايير درهم، ما يؤكد أن إمكانيات التحصيل تتقلص بشكل كبير مع قدم الديون. وأرجع المجلس ضعف معدلات التحصيل أساسا إلى الأعداد والمبالغ الكبيرة للإصدارات صعبة التحصيل بالنظر إلى آجال إصدارها وضعف مردودية إجراءات التحصيل الجبري. وينخفض معدل تحصيل ديون المديرية العامة للضرائب كلما زادت المدة التي تفصل بين سنوات إصدارها وسنوات فرض الضريبة المعنية بها، إذ وصل معدل التحصيل إلى 78 في المائة بالنسبة إلى الإصدارات المتعلقة بسنة فرض الضريبة نفسها أو خلال السنتين المواليتين، ويتراجع هذا المعدل إلى 54 في المائة، بالنسبة إلى الإصدارات، التي تمت خلال السنة الثالثة أو الرابعة الموالية لسنة فرض الضريبة، ليستقر في 42 في المائة بالنسبة إلى الإصدارات، ابتداء من السنة الخامسة الموالية لسنة فرض الضريبة، والتي تمثل 52 في المائة من مبلغ التكفلات السنوية، ما يؤثر سلبا على معدل التحصيل العام. فشل التحصيل الجبري أفاد المجلس الأعلى للحسابات أن المداخيل المحصلة، خلال 2021، لم تتجاوز 3.3 ملايير درهم، ما يعادل 4 في المائة من مجموع الباقي استخلاصه، وثلث المداخيل الإضافية المحصلة خلال السنة ذاتها. واعتبر المجلس أن عدم التعجيل بالشروع في إجراءات التحصيل مع احترام الآجال القانونية، لاسيما الإجراءات الأولى المتعلقة بإرسال "آخر إشعار للمدين دون صوائر" و"تبليغ الإنذار"، من شأنهما أن يرفعا من احتمالات التحصيل. وأكد قضاة المجلس، المكلفون بتقييم تحصيل الضرائب، أنه لم يتم إرسال "آخر إشعار دون صوائر" الخاص بـ 42 في المائة من الحصص الضريبية المستحقة بين يناير2018 و30 يونيو 2022، إلا بعد مرور شهر بعد تاريخ الاستحقاق، علما أن مساطر المديرية العامة للضرائب تنص على إرسال هذا الإشعار في أجل أقصاه 10 أيام. إضافة إلى ذلك، وإلى حدود يونيو 2022، لم يتم إرسال "آخر إشعار دون صوائر" بخصوص 42 ألفا و57 حصة ضريبية تم الشروع في تحصيلها خلال السنوات الممتدة من 2017 إلى 2021 بمبلغ إجمالي بقيمة مليارين و400 مليون درهم، ما يجعل هذه الديون معرضة إلى مخاطر عدم التحصيل، فضلا عن مخاطر التقادم.كما لم يتم إرسال الإنذارات بخصوص399 ألفا و50 حصة ضريبية إلا بعد شهرين من تاريخ إرسال آخر إشعار دون صوائر، ما يمثل 51 في المائة من مجموع الحصص الضريبية التي تم الشروع في تحصيلها بين يناير 2018 ونهاية يونيو 2022. عوائق متعددة رصد قضاة المجلس الأعلى للحسابات، الذين تكفلوا بمهمة تقييم تحصيل الضرائب، نقائص تؤثر سلبا على تحصيل الديون، وتتعلق هذه العوامل بجودة الإصدارات، ونقص على مستوى التنسيق الداخلي، ومستوى التعاون مع الشركاء الخارجيين للمديرية العامة للضرائب، وإكراهات أخرى مرتبطة بممارسة القابض للمراقبة القبلية للتكفلات، وبالموارد البشرية، وبالنظام المعلوماتي المعتمد. وأشار التقرير، بهذا الصدد، إلى أن العناصر المتعلقة بعناوين المدينين المتضمنة بإصدارات مصالح الوعاء تتسم في عدد من الحالات بنقائص تساهم بشكل كبير في صعوبة تبليغهم، إذ من بين أصل 605 آلاف و540 مدينا تمت مراسلتهم، خلال 2021، من قبل مصالح الوعاء، لا يتوفر 24 في المائة منهم على عناوين كاملة، ما يجعل التكفلات المرتبطة بهؤلاء المدينين تعترضها صعوبات لتبليغهم وتفعيل إجراءات التحصيل الجبري عند الاقتضاء. كما أن النقص الحاصل في التنسيق الداخلي بين مصالح الوعاء والمراقبة، من جهة، والقباض من جهة أخرى، يؤثر بشكل سلبي على إنجاح عمليات التحصيل، إذ لا تزود هذه المصالح القباض بشكل منتظم بالمعلومات اللازمة لتسهيل التحصيل، ولا يتوصل القباض دائما بالعناصر الكافية للتعريف بالخاضعين للضريبة، لاسيما المعلومات المرتبطة بالعناوين. ولا ينحصر عدم توفير المعلومات داخليا لفائدة القباض في التأثير سلبا على التحصيل فحسب، بل يعرض الإدارة إلى بعض المخاطر المتعلقة أساسا بعدم احترام الإيقاف الإلزامي لإجراءات التحصيل الجبري في حالات الاتفاقات، أو إيقاف التنفيذ بموجب الأحكام القضائية الصادرة. واعتبر قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن عدم تبادل المعلومات مع جهات أخرى، مثل الخزينة العامة للمملكة، وطرق تبادل المعلومات المقيدة وغير المرقمنة مع باقي الشركاء من قبيل البنوك والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية والمديرية العامة للأمن الوطني، يحدان بشكل ملموس من نجاعة حق الاطلاع. توصيات مجلس الحسابات أوصى المجلس، بناء على خلاصات عملية تقييم تحصيل ديون المديرية العامة للضرائب، بتحسين جودة الإصدارات، لاسيما ضبط أسس فرض الضريبة عقب المراقبة أو التسوية وتقليص آجالها وتوفير المعلومات الكافية المتعلقة بالخاضعين للضريبة، تحسين تدبير إجراءات التحصيل الجبري، والعمل مع الشركاء الخارجيين، في إطار حق الاطلاع، ومواصلة الجهود لتطوير النظام المعلوماتي، بصفة عامة، من أجل إدماج أفضل للمعلومات المتأتية من مختلف مصالح المديرية العامة للضرائب، وتحسين الوظائف المعلوماتية المرتبطة بالتحصيل بصفة خاصة، وتعزيز الموارد المادية والبشرية لدى القباض، من أجل تحسين نجاعة تحصيل الديون الضريبية والتفكير، بتنسيق مع جميع الأطراف المعنية، في مراجعة نظام المسؤولية الشخصية والمالية للمحاسبين في إطار مقاربة شمولية، طالب قضاة المجلس بإجراء دراسة تحليلية للباقي استخلاصه بهدف تحديد الديون غير القابلة للتحصيل، ودعم ذلك بالإثباتات الكافية، واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، وإعداد تقرير سنوي عن إجراءات ونتائج تحصيل الديون الضريبية.