معركة ساخنة حول تعديل فصولها واللجنة تواصل استقبال المذكرات استعرت حرب تعديل مدونة الأسرة بين المحافظين والحداثيين، في قضايا مثيرة للجدل، تهم الكيفية التي يجب أن تشيد بها الأسرة لضمان التوازن المجتمعي، وحل مشكلات زواج القاصرات، وتعدد الزوجات، والعلاقات الرضائية، والحضانة، والولاية على الأبناء، والإجهاض، والإرث. وهاجم الإسلاميون، بمختلف تلاوينهم، المعتدلون منهم والمتطرفون، التيار الحداثي، واتهموه بتهم قدحية شتى، بينها التوجه نحو هدم الأسرة المغربية بتاريخها وثقافتها الأصيلة، ونشر ما يطلقون عليه الفجور والرذيلة والزنا، أثناء الدفاع عن تجريم العلاقات الرضائية بين راشدين، وهي مصطلحات دينية لا يستقيم استعمالها في حرب مدونة الأسرة المفتوحة على كل الواجهات، إذ استقبلت اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، مئات المذكرات بينها 1500 لجمعيات مدنية، و21 حزبا، و6 مؤسسات رسمية، وعشر جمعيات حقوقية، وفق ما أعلن عنه محمد عبد النباوي، منسق اللجنة. والتمس عبد الإله بنكيران، أمين عام العدالة والتنمية، من عبد اللطيف وهبي، أمين عام الأصالة والمعاصرة، وزير العدل، تقديم استقالته، وهاجم التيار السلفي الوزير نفسه إلى حد تكفيره في مواقع التواصل الاجتماعي، علما أن الوزير أراد إحداث تغيير يهم كرامة النساء من قبيل الاتجار في زواج الطفلات القاصرات، داخل المغرب وخارجه، والمؤدي حتما، وبنسبة كبيرة، إلى الطلاق، ما يؤدي بفتيات إلى امتهان الدعارة. ووقع خلاف كبير حول مفهوم منح الولاية والحضانة للأم المطلقة التي تصرف على أبنائها بعد هروب الزوج من تحمل مسؤوليته في الإنفاق، إذ يطلب منها أخذ الإذن من طليقها الذي لا ينفق عليها وعلى أبنائه، إذا أرادت فتح حساب بنكي، أو إتمام الأبناء دراستهم في الخارج. كما حرمت المطلقات من الزواج بسبب تهديدهن بحرمانهن من حضانة أطفالهن، ما جعل بعضهن يرددن أن مدونة الأسرة الحالية تريد من المطلقات أن "يفسدن أخلاقيا"، لأنها تحرمهن من الزواج تحت تهديد الحرمان من حضانة الأطفال، فيما يجوز للمطلق الرجل الزواج كما يحلو له. ودعا الحداثيون إلى منع تعدد الزوجات، لأنه يحط من كرامة الزوجة الأولى وينغص عليها حياتها، بل هناك من المطلقين من يتحايل على القانون بعدم الإنفاق على مطلقته وأطفاله، ويغادر إلى مدينة أخرى ليتزوج ويطلق، وهكذا يرمي بالأطفال إلى الشارع، فيما يرى الإسلاميون عكس ذلك، مؤكدين أن تعدد الزوجات يحد من انتشار الرذيلة، منتقدين الحداثيين باستغلال جسد النساء جنسيا خارج مؤسسة الزواج، قائلين "حينما تريد العشيقات الزواج يرفضه الحداثيون، فيتم رمي المرأة إلى الشارع". كما أن التيار السلفي الذي يشجع على تعدد الزوجات لا يقر بتسجيل عقود الزواج لدى العدول، بل يكتفي بتلاوة الفاتحة وتسمية الأبناء بـ "ابن فلان"، ما أدى إلى انتشار ظاهرة الأمهات العازبات. وانتقد الإسلاميون منع تزويج القاصر بإذن من القاضي، في الحالات الاستثنائية، والمطبقة في مدونة الأسرة الحالية، مؤكدين أن الذين يريدون تجريم زواج القاصرات، لا يمنعون استغلالهن خارج إطار الزواج، فيما يرى التيار الحداثي أن تزويج القاصرات بمثابة اغتصاب واستغلال فاحش لهن، وغالبا ما ينتهي بالطلاق في عمر الزهور فتشرد الطفلة وأبناؤها في الشارع. ورفض الإسلاميون، وبشكل تام، فصل مدونة الأسرة عن أحكام الفقه المالكي المكتوبة وحذف المادة 400 من المدونة الذي دعت إليه جمعيات نسائية، خوفا من تسرب مذاهب أخرى لها آراء متناقضة يصعب معها إيجاد الحلول، ورفضوا المس بتوزيع الإرث والتعصيب، فيما انتقد الحداثيون التعصيب في الإرث الذي ذهبت ضحيته آلاف الأرامل اللواتي يتم رميهن في الشارع من قبل أقرب الناس إليهن في الأسرة، بعد بيع السكن الرئيسي في المزاد العلني، في توزيع الإرث مباشرة بعد وفاة رب الأسرة. أحمد الأرقام