المقاصة… دعم للفقراء يذهب إلى جيوب الأغنياء

ظل إصلاح المقاصة ملفا خطيرا تتعامل معه الحكومات المتعاقبة بحذر وخوف شديدين، وتتحاشى فتحه أو طرحه من أجل النقاش، قبل أن تكسر الحكومة الحالية جدار الصمت، وتقرر معالجة هذا الملف وتبني إستراتيجية للإصلاح، خلفت ردود أفعال متباينة من قبل الأغلبية والمعارضة، بين من اعتبرها ثورية ومن وصف قراراتها بـ»اللاشعبية». لم يعرف المواطن المغربي الكثير عن صندوق المقاصة، لولا الزيادة الجديدة في أسعار بعض المحروقات، ليدخل حزب العدالة والتنمية الذي يقود الاغلبية الحكومية، في مواجهة مباشرة مع قوى المعارضة، التي استغلت هذه الزيادة في الأسعار وما رافقها من ارتفاع في تعريفة بعض السلع والخدمات، من أجل تحقيق مكاسب سياسة وانتخابية، عبر تبخيس العمل الحكومي وتجريده من النجاعة والفعالية.واستندت الحكومة في الدفاع عن مشروعها لإصلاح صندوق المقاصة، الذي يعود تاريخ إحداثه إلى 1941، إلى تنامي مسؤوليته عن عجز الميزانية العمومية، بعد زيادة نفقاته إلى 54 مليار درهم، في الوقت الذي لم تكن ميزانيته تتجاوز ملايين الدراهم قبل عقود، الأمر الذي فرض ضرورة التعجيل بإصلاح نظام المقاصة، من أجل معالجة نزيف الميزانية وتجنيبها أزمة مالية خانقة.ويجمع الكل، حاليا، على ضرورة إصلاح منظومة الدعم، وأنجزت دراسات عديدة حول الموضوع، أهمها التي أعدها مجلس المنافسة ودراسة المندوبية السامية للتخطيط، وكذا تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ما مكن من التوفر على تصور أولي للاختلالات التي تعانيها المنظومة وتحديد سيناريوهات للإصلاح، لكن طفت على السطح، أخيرا، نقاشات وردود أفعال من مختلف الفاعلين، أفرزت جدالا تختلط فيه الجوانب التقنية بالخلفيات السياسية والانتخابية. وتحول ملف إصلاح المقاصة إلى ساحة للمزايدات السياسية، تتهم فيها الأحزاب بعضها البعض باستغلال هذا الملف لأغراض سياسية، ويعتبر تخصيص الدعم المباشر للفئات الفقيرة بمثابة رشوة انتخابية ستصب لفائدة الحزب الذي يقود الأغلبية الحكومية، في الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة، باعتبار أن الفئات المستفيدة ستصوت لفائدته لاعتقادها أنه هو من أقر الدعم المالي.وإذا كانت أحزاب المعارضة تراهن على تآكل شعبية حزب العدالة والتنمية بسبب تداعيات إصلاح نظام المقاصة، فإن هذا الحزب يركز على استغلال تداعيات ارتفاع الأسعار انتخابيا، من خلال مواصلة الإصلاح وتخصيص دعم مباشر للفئات الفقيرة، التي تعتبرا خزانا مهما للناخبين. وتنسق القوى السياسية المناوئة لحزب «المصباح»، خصوصا حزب الاستقلال الحليف السابق في الأغلبية، جهودها من أجل التصدي للإجراءات الإصلاحية، التي ترى فيها دعاية سياسية ومحاولة لاستمالة الناخبين.وكثفت المعارضة من هجومها على الأغلبية الحكومية، بعد نجاح إجراءات إصلاح صندوق المقاصة، المتمثلة في تنفيذ نظام “المقايسة” الجزئية لأسعار المحروقات، ورفع الدعم كليا عن بعضها، في تخفيض عجز الميزانية العمومية، حين تراجعت التحويلات الموجهة إلى المقاصة من 34 إلى 20.8 مليار درهم متم غشت الماضي.وموازاة مع إجراءات الإصلاح المذكورة، اقترحت الحكومة تدابير أخرى أكثر تأثيرا، يتعلق الأمر بالدعم المباشر لفائدة الفقراء الذي لم يطبق حتى الآن، بسبب مخاوف تتعلق باستغلال هذا الإصلاح سياسيا، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات الجماعية والتشريعية، إذ كانت الحكومة قد اختارت محاكاة التجربة البرازيلية في هذا الشأن، من خلال تخصيص إعانات مباشرة للفئات المعوزة، لكنها لم تكشف عن الميزانية المخصصة لتمويل هذا الإجراء. بدر الدين عتيقي

المقاصة… دعم للفقراء يذهب إلى جيوب الأغنياء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوفا: دعم الفقراء يوقع الحكومة في الدعاية الانتخابية

القوانين الانتخابية تقسم الطبقة السياسية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات