كيف تقرأ زيارة ستافان دي مستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى المنطقة بالموازاة مع زيارة جوشوا هاريس، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي المكلف بشمال إفريقيا؟ لا يمكن فصل زيارة ستيفان دي مستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام لهيأة الأمم المتحدة للصحراء، وجوشوا هاريس، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي المكلف بشمال إفريقيا، والتي تأتي في سياق دولي إيجابي بالنسبة للمغرب لوجود قرارات أممية صادرة عن مجلس الأمن، داعية إلى إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وبرز لافتا تحرك أمريكي في المنطقة من خلال زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي المكلف بشمال إفريقيا إلى تندوف والجزائر، والتقاؤه بوزير خارجية هذا البلد، والتقاؤه بعد ذلك بناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بالمغرب. وهذا التحرك يدل على أن أمريكا التي أقرت بمغربية الصحراء بقرار رئاسي صادر عن دولاند ترامب، لم تغير موقفها كما ادعى البعض في عهد إدارة الرئيس جو بادين. ماذا استنتجت من هذه الزيارات وأنت الخبير في الشؤون جيو إستراتيجية بشمال إفريقيا وهل هي إيجابية لفائدة المغرب المدافع عن وحدته الترابية؟ كل التصريحات التي تم تداولها تمت في إطار الحل السياسي البراغماتي المتوافق حوله لحل نزاع الصحراء، وتم ربط ذلك بتوفير الشروط الأمنية والإقليمية للتحالف الأمريكي في مواجهة التمدد الروسي وانحسار النفوذ الفرنسي في المنطقة. وتملك أمريكا قاعدة أساسا ووازنة في شمال النيجر شجعها على الدفاع عن تموقعها الجغرافي في المنطقة لأجل حل بعض النزاعات. لذلك كله انفردت أمريكا بالعملية السياسية في ظل ظروف خاصة، قصد الدفع بمسلسل التسوية السياسي لحل نزاع الصحراء. هل حان الوقت كي يقر مجلس الأمن بمقترح الحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية؟ > كان ستيفان دي مستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، تائها طيلة سنتين بعد تعيينه في منصبه، ولم يستوعب الملف إلا من خلال المقاربة التي اقترحها المغرب ودافع عنها وأقرت بها دول كثيرة وازنة ومنها التي كانت طرفا في النزاع مثل اسبانيا. فيما رفضت الأطراف الأخرى وعلى الخصوص الجزائر إيجاد حل للنزاع والمشاركة في الموائد المستديرة للدفع قدما بمسلسل التسوية السياسي، الذي يعد حلا برغماتيا، وهو المقترح المغربي الحكم الذاتي. والذي يبشر بالخير هو أن دي مستورا تحرك في الأقاليم الصحراوية الجنوبية المغربية بكل حرية وتواصل مع الواقع وفتح باب الحوار مع الجميع بالمنطقة، واطلع على المشاريع التنموية المنجزة وهي أمور تضمنتها تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، وتقارير وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية التي أكدت وجود تنمية في المنطقة التي لم تكن من ذي قبل، والتي انطلقت منذ استرجاع الصحراء المغربية عبر المسيرة الخضراء 1975، ووجود تمثيلية شعبية حقيقية للمنتخبين الذين نزلوا إلى المعترك الانتخابي وخاضوا غمار المنافسة لنيل مقاعدهم في المجالس المحلية والجهوية والبرلمانية المنتخبة، والتي لم يطعن فيها أحد في الانتخابات التي تمت عن طريق صناديق الاقتراع، وهذا شيء إيجابي وقف عليه ديمستورا. والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك نية وإرادة ماسة وقوية لدى الإدارة الأمريكية، التي لم تغير موقفها من دعم الحكم الذاتي، بتشجيع الحل السياسي هذا الذي يعد واقعيا وذا مصداقية، والعمل بكل ثقل لدفع مجلس الأمن لتبني خيار الحكم الذاتي، خاصة وأنه على أرض الواقع حسم المغرب المعركة في الدفاع عن وحدته الترابية، وربح معركة دبلوماسية، عبر تغيير مواقف العديد من الدول المؤثرة في العالم في جميع القارات، التي لا ترى سوى الحكم الذاتي حلا واقعيا، لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. أجرى الحوار: أ. أ * الموساوي العجلاوي )أستاذ باحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية )