أبناء دواوير نائية بثوا صورا وصرخات لاستعجال التدخل والإنقاذ لم يكد يضرب الزلزال في دواوير نائية، حتى طفت صرخات قبيل منتصف الليل، لتبلغ من شعروا فقط بتحرك الأرض في مدن أخرى، أن الأمر يتعلق بزلزال مدمر، مصدرها أبناء مناطق نائية وذووهم، لم يجدوا أمامهم في تلك الليلة المرعبة سوى مواقع التواصل الاجتماعي، لينقلوا أخبارا عن دواوير تيزي نتاتست والحوز وجماعة بدائرة ولاد برحيل بشمال إقليم تارودانت، ودواوير مأهولة بشيشاوة وأزيلال، وغيرها من الأماكن الوعرة المسالك. وطفت أسماء الدواوير المنتشرة على جبال الأطلس، بعد دقائق قليلة من الحادث، لتنقل حقيقة الزلزال المدمر، وتوصل إلى المتتبعين تفاصيل المعاناة، ومجهودات الأهالي في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مع صعوبات الظلام الدامس والانهيارات، التي مست أساسات البنيان الهش والمتين. عند إشراقة الصباح بعد ليلة سادها الترقب والهلع، بدأت حسابات في "فيسبوك"، أصحابها من أبناء المناطق المنكوبة، تنشر صورا وفيديوهات، نقلت المأساة وحجم الدمار وبثت صرخات استغاتة لاستعجال حلول عناصر الوقاية المدنية ومختلف السلطات، وكانت مشاهد منقولة بصدق وأمانة، تترجم حالة الحزن وحجم الأضرار. وتمكن أبناء الجبال التي شقها وقع الزلزال، من إيصال أصواتهم ونداءاتهم، كما تابعوا تسلسل الأحداث ورصد أرقام الوفيات وهويات أصحابها، كما رسموا صورة حقيقية دون مساحيق عن واقع التآزر والتضامن. ولم تتوقف الأخبار الواردة من الحسابات الشخصية حول تداعيات وآثار الزلزال، على المناطق والدواوير التي عرفت خسائر في الأرواح والممتلكات، بل تعدتها إلى دواوير أخرى في أولوز وتاليوين، مستها الهزة الأرضية وتسببت في انهيار منازل قديمة وتصدع أخرى حديثة، كما رصدت تدخل الأهالي لإزالة أكوام الأتربة والحجارة، قصد تطهير المسالك والممرات منها. بلاغات الداخلية وتتبعها الحثيث للحصيلة والتدخلات، لم تمنع "الفيسبوكيين" من أبناء المناطق المنكوبة من البقاء على تواصل مع المتتبعين، إذ كانوا القناة الرابطة بين مسقط الرأس وكل أبناء الدوار المنتشرين في مدن المملكة من شمالها إلى صحرائها، ومن بحرها إلى حدودها الشرقية. أسماء أشخاص معروفين قضوا في الزلزال، وعائلات فقدت عددا كبيرا من أفرادها، ودواوير ظلت تحت الأنقاض، فواجع نقلها الفيسبوكيون من أبناء المناطق التي ضربها الزلزال، وخلف فيها خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. عمليات الدفن بدورها رصدت على مواقع التواصل الاجتماعي، مع الترحم على الهالكين الشهداء. كانت أصوات وأشرطة وتدوينات وصور أبناء الدواوير، بمثابة إعلام متميز بالسرعة في نقل الخبر، وأيضا بلاغا للمسؤولين للالتفات والإسراع بالتدخل، وإيصال المساعدات الغذائية وغيرها للمتضررين، إلا أن مواقع أخرى لفضوليين، حاولت التشويش على "المهمة الصعبة"، وعمد أصحابها الذين يبدو أن همهم هو رفع المشاهدات، وليس الإخبار الجدي، (عمدوا) إلى بث وقائع كاذبة ونقل أشرطة لانهيارات قديمة وإرفاقها بتعليقات صوتية أو مكتوبة للإيهام بأنها من نتائج الزلزال، كما حاول آخرون الإساءة إلى المؤسسات المجندة للتدخل، ناهيك عن أن البعض وفي محاولة لجذب أكبر عدد من المتابعين، بث وقائع كاذبة عبارة عن تحريض الناس للبقاء خارج منازلهم، ناسبا ذلك إلى أوامر السلطة المحلية، مثيرا الفزع والرعب في نفوس المواطنين. المصطفى صفر