الساعات الأخيرة في حياة العظماء

في كتابه كتاب «الساعات الأخيرة» للأديب المصري الراحل طاهر الطناحي يستعيد مجموعة من سير العظاء ، حيث يروي الساعات الأخيرة في حياتهم ، فالموت جانب من الحياة الدنيا والحياة جديرة بأن تعرف بخيرها وشرها، بنورها وظلامها، بهنائها وآلامها .. والخير والشر نسبيان، كما أن نور الحياة وظلامها في الحقيقة متشابهان. عبر هذه الحلقات تنتقي «الصباح» بعضا من سير هؤلاء العظماء كما حكاها الطناحي منذ أزيد من ستين سنة لحظة صدور الكتاب في طبعته الأولى. عزيز المجدوب فيكتور هيغو... معركة الليل والنهار أصيب بالتهاب رئوي وكان يعاني متاعب في القلب الحلقة 3 ـ "ها أنذا سأموت يا أوغست" . ـ "ما هذا يا فيكتور؟ وما الذي تقول؟ إنك بخير وسوف تبرأ من مرضك وتعيش طويلا". ـ "إنني أموت.. وإذا عشت فإنني أعيش في أشخاصكم". قال ذلك فيكتور هيغو (1802 ـ 1885) لصهره "أوغست فاكيري" وهو على فراش مرضه الأخير، وكان يرقد عليه منذ ثلاثة أيام ، وهو يشعر باقتراب النهاية، ثم التفت إلى صديقه الأديب بول موريس، وكان يعوده، فقال له: "لشد ما يتألم المرء يا عزيزي، حينما يرى أنه يموت، ويرحل إلى الأبد". فقال بول: "ولكنك لا تموت، فلا حاجة للألم والخوف" فأجاب هيغو "بل هو الموت يا صديقي"، وصمت قليلا ثم أردف باللغة الإسبانية "لست خائفا الآن.. وليحضر على الرحب والسعة". وصدرت في 18 ماي 1885 نشرة طبية وشغلت الناس في كل مكان على حياة هذا الأديب جاء فيها "أصيب فيكتور هيغو بالتهاب رئوي، والمعروف أنه كان يقاسي منذ مدة متاعب في القلب". وانقضى اليومان التاليان بين فترات من التحسن الطفيف كانت تعقبها فترات من التدهور والقلق، وفي اليوم العشرين خطّ هيغو هذه العبارة "الحب هو الحياة، والحياة هي العمل". وفي اليوم التالي قال الشيخ المريض في فترة صحو لحفيدته الصغيرة التي كان يحبها حبا شديدا "وداعا يا جان". وهكذا كان الأديب الشيخ في مرض الموت، وهو الذي لم يمرض قط مرضا خطيرا في حياته المديدة، التي ذاق فيها فجيعة الموت في أولاده الذكور، وفي ابنته وزوجته آديل فوشيه وفي حبيبته دروويه هذا عدا مآسي الحروب التي شاهدها، والثورات التي عاصرها والأصدقاء الذين فقدهم، والشخصيات التي نسجها خياله في مسرحياته وقصصه. وكان هيغو يعيش وقتئذ مقطب الجبين، كما كان يعيش منذ سنوات عديدة، وهو يتلقى في صمت ذلك التكريم الاجتماعي للمجد الأدبي الخالد الذي كان يتمتع به، وكانت متعته الوحيدة في أواخر أيامه هي الجلوس إلى حفيدته الصغيرة "جان" وشقيقها "جورج" ابني ولده المتوفي شارل هيغو. وفي صبيحة الجمعة الثاني والعشرين من ماي، بدأ احتضار الشاعر العظيم، وكانت حشرجة الموت أول الأمر صوتا مكتوما خشنا كأمواج البحر على صخور الشاطئ، ثم أخذ يضعف شيئا فشيئا حتى انتهى. وكان آخر ما نطق به بيتا من الشعر صحيح الوزن على الرغم من سكرة الموت جاء في ترجمته "هنا تنتهي معركة الليل والنهار". وما كاد نبأ موت فيكتور هيغو يذاع في باريس حتى رفع مجلس الشيوخ والنواب جلستيهما حدادا على الراحل، وتقرر أن يدفن جثمانه في "البانثيون" مقبرة العظماء، بعد عرضه تحت قوس النصر. عزيز المجدوب

الساعات الأخيرة في حياة العظماء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تقصير يفضح خيانة زوجية

صفحات من ثورة 20 غشت بوادي زم

مقالات ذات صلة