التلميذ الضابط

بطولات على صوت المدافع 3 سلمني ساعي البريد رسالة بها استدعاء للالتحاق بالأكاديمية الملكية العسكرية هذه السلسلة ليست فقط سيرة ذاتية عادية لعقيد سابق في الجيش، شارك ببسالة في حرب الصحراء، بل هي دروس وعبر في الحياة والوطنية، خلاصتها أنه ليس من الضرورة أن يولد الإنسان وفي فمه ملعقة من ذهب لتحقيق حلمه. بالبيضاء وبالضبط بمنطقة بلفيدير، ولد العقيد عبد الإله معجيب في 1957. عانى رفقة أسرته الأمرين، بسبب الفقر والحاجة، ومع ذلك ضحى أفراد من أسرته من أجل ضمان دراسته، سيما بعد وفاة الوالد، والنتيجة ضابط متخصص في أعقد سلاح عسكري وهو المدفعية، وبه كبد عصابات "البوليساريو" خسائر جسيمة، إلى درجة أنه صار رأسه مطلوبا لديهم، مهما كلف الثمن. مصطفى لطفي سافرت إلى العاصمة الإسماعيلية مكناس، حيث مقر المدرسة الملكية العسكرية. اختيار المدرسة بمكناس ليس اعتباطا، ولكن تقديرا لها باعتبارها رمزا من رموز التاريخ العسكري المغربي منذ عهد السلطان المولى إسماعيل وحملاته العسكرية التي وصلت إلى نهر السنغال. حل بالمدرسة العديد من المرشحين من مختلف المدن المغربية، قضينا أسبوعا متميزا بالأكاديمية الملكية العسكرية، بارتداء الزي العسكري وتحية العلم كل صباح وهذا دليل آخر لخلود المغرب، مع ذكريات رائحة المطبخ وانتظار مواعيد تناول وجبات العشاء لنتشارك الحديث الشيق والمتنوع الذي يدور خلال مدة الأكل. خضعنا لاختبارات طبية، بعدها لاختبارات رياضية وفي النهاية اختبار كتابي، كان في الحقيقة قراءة في نوعية الشخصية والتفكير لدى المرشح، من خلال مواضيع مطروحة بعناية. انقضى أسبوع الاختبار، وعدت إلى البيضاء، وأنا على أعصابي أترقب ظهور ساعي البريد. كلما طال الانتظار ازداد الخوف، وجالت في خاطري فرضية السيناريوهات المتناقضة. وذات صباح، جاء الخبر السار، سلمني ساعي البريد رسالة بها استدعاء للتلميذ الضابط معجيب عبد الإله، للالتحاق بالأكاديمية الملكية العسكرية. قضيت أياما استثنائية بعد نجاحي في ولوج الأكاديمية، كانت مهلة لمراجعة قراري والالتحاق بمدراس عليا متخصصة، لكن كنت حاسما، سأكون ضابطا في الجيش. كان تاريخ الالتحاق بالمدرسة العسكرية محددا في الأسبوع الأخير من غشت، لهذا فضلت قضاء ما تبقى من الأيام مع عائلتي الصغيرة، لأنني سأغيب عنها لمدة ثلاثة أشهر التي سأخضع فيها إلى تدريب صارم، اللهم إذا قامت بزيارتي بمكناس، وهذا صعب بحكم الوضعية الصحية لوالدتي. ما زلت أتذكر ساعة الفراق، كانت صعبة جدا بالنسبة إلي، امتزجت فيها لوعة الفراق مع فرحة تحقيق حلم أسرة بأكملها بعد مسار دراسي شاق. كنت أمل الأسرة، خصوصا والدتي، في أن يحظى أحد أبنائها بمنصب كبير، سيما أن شقيقي كما قلت ضحى بتعليمه للعمل من أجل مساعدة الوالدة على نفقات البيت. كان وقت الرحلة من البيضاء إلى مكناس عبر القطار يتجاوز الساعتين، قضيتهما شارد الذهن، ليست لي أي فكرة عما ينتظرني في المدرسة العسكرية، كأنني سأخوض مغامرة تتطلب التركيز والدقة والتفاني، وسأكون أمام تحديات جديدة في عالم الجندية، سيما أن أشهرها الأولى تكون صعبة وتتطلب جهدا كبيرا في التحمل. وصلت بسلام إلى مقر الأكاديمية العسكرية، لها سحر خاص من خلال طريقة بنائها، فهي من المدارس العتيدة بالمغرب. كان الاستقبال مريحا جدا، وكان فيه إنصات وتوجيه وشرح لخطواتنا الأولى في عالم الجيش. اللحظة المنتظرة حلت اللحظة المنتظرة، وهي ارتداء البذلة العسكرية، وهي لحظة خالدة، إلى درجة أنني ما زلت أتذكر مكان ارتدائها إلى اليوم، وأخيرا، صرت تلميذا ضابطا بشكل رسمي وليس على الورق، وتم توزيعنا على أقسام.

التلميذ الضابط

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حموشي ينبه رجال الشرطة

التبليغ في مشروع المسطرة... الجرأة في الإصلاح

مقالات ذات صلة