لم يعد للمنتجع السياحي تاغبالوت، الذي يقع على بعد 45 كيلومترا من بني ملال وتحديدا بجماعة القصيبة، بتلك القيمة السياحية التي كان يتمتع بها منذ عقود، سيما أنه شكل على امتداد الزمن فضاء سياحيا كان يستقطب عددا من الزوار يوميا، خاصة من الطبقات الفقيرة التي كانت تلوذ بأشجاره الباسقة، هروبا من حرارة الصيف القائظة. ظل المنتجع السياحي على امتداد سنوات، يصارع الموت البطيء بعد أن تم إهماله، وتلاشت مرافقه، وتداعت أشجاره العالية التي قاومت الزمن، إذ كان الفضاء بحق قطعة من الجمال التي كانت تثير شهية السياح الأجانب، لأنه يحمل ذاكرتهم وأيامهم الجميلة التي قضوها بمدينة القصيبة، التي تزخر بذكريات لا تنسى. يعتبر منتجع تاغبالوت، فضاء سياحيا لسكان الجبل والدير، تفد إليه الأسر من مختلف المدن المغربية، وقبل أن يتعرض للإهمال، كانت مرافقه السياحية تنضح بالحياة، وبأشجاره العالية فضلا عن خرير مياهه المنسابة، وموقعه الجذاب الذي يكتسي ثوبا أبيض في موسم الثلوج، إذ يتحول إلى ملاذ لعشاق الثلج وتسلق الجبال. أحيى مشروع تأهيل منتجع تاغبالوت، الذي كلف المسيرين المحليين غلافا ماليا مهما، بعض الأمل بعد إصلاح بعض مرافقه لإنعاشها، سيما أنه المتنفس الوحيد للأسر من ذوي الدخل المحدود، التي تنتقل إليه مرفوقة بـأبنائها، وتعيش لحظات وسط أحضان الطبيعة، التي ظلت تقاوم النسيان منذ مدة، إلى أن بادرت السلطات الجهوية والجماعية إلى إصلاح بعض مرافقه السياحية، التي استعادت رونقها. ونالت الإصلاحات الجارية إعجاب الزائرين، الذين وجدوا فيها متنفسا لهم بعد إهمال طويل للمنتجع، كاد أن يحوله إلى خراب. ويتوحد سكان المنطقة وزوار المنتجع، في عشق منتجع تاغبالوت الذي يحوي مؤهلات طبيعية تجمع بين جمال أشجار الصنوبر الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وخرير المياه العذبة، والجبال الشاهقة المحيطة بالمكان، الأمر الذي يوفر الهدوء والسكينة للزوار الذين يقضون ساعات تحبل بالمتعة ونسج العلاقات الطيبة بين العائلات. ويوحد المسبح البلدي الذي يثير فضول الصغار الذين يمارسون شغبهم الطفولي، عشق السكان والزوار، لأنه يفسح المجال أمام أطفالهم، ليملؤوا الفضاء صراخا، سيما أن المجلس الجماعي حدد سعر الولوج إلى مرافقه، في خمسة دراهم للصغار وعشرة دراهم للكبار، تشجيعا للسياحة المحلية، ورغم محدودية إمكانيات مرافقه وافتقادها إلى الترفيه، يعتبر المنتجع المتنفس الوحيد لأطفال محرومين من السفر إلى الشاطئ الذي يتطلب مصاريف باهظة، لقضاء فترة قصيرة والاستمتاع بجو البحر وهدوئه. سعيد فالق (بني ملال)