الوجه الآخر لأوفقير

انقلاب الصخيرات في الصحافة العربية (الأخيرة) الجنرال عرف ببطشه وقساوته وحبه للسلطة مرت اثنتان وخمسون سنة على أحداث انقلاب الصخيرات الدامية، وهي مدة كافية لإعادة قراءة مع وقع في المغرب، يوم 9 يوليوز 1971. «الصباح» التقت المؤرخ والباحث مصطفى الريس، الذي ينهمك في إعادة النبش في الانقلابين العسكريين، اللذين شهدهما مغرب السبعينات من القرن الماضي، معتمدا على رصيد وثائقي متنوع غطى وقائع انقلاب الصخيرات، يتضمن برامج إخبارية تلفزيونية وأخرى وثائقية وملفات صحافية وشهادات لمن شاركوا وحضروا وقائع الانقلاب، وأيضا تقارير استخباراتية ومقالات نشرتها الصحافة المكتوبة. الباحث الريس وافق على وضع قراء «الصباح» في صورة صفحات من هذا التاريخ، والسماح بنشر حلقات من مشروع كتاب قيد الإعداد، حول أحداث انقلاب الصخيرات، يتضمن مواد نشرتها جريدة «الأنوار» اللبنانية، ذائعة الصيت، في عالم الصحافة اللبنانية والعربية، والتي كان سعيد فريحة يشرف على رئاسة تحريرها منذ صدور عددها الأول في 25 غشت 1959. إعداد: برحو بوزياني لم تكتف جريدة الأنوار في سياق رصدها لوقائع الانقلاب بالمقالات الإخبارية، بل خصصت بعض افتتاحياتها لمقالات الرأي والتحليل والتعليق وفق الخط التحريري للجريدة من جهة والتوجه الإيديولوجي لكتاب أعمدتها من جهة أخرى. وضمن افتتاحية العدد الصادر بتاريخ 1971-07- 13الموسومة بـ" إنقاذ النظام لا يمر بالجنرال أوفقير !" أكدت الأنوار "أن ما حدث في المغرب، لم يكن مفاجئا للذين يعرفون أوضاعه عن كثب." بالنظر إلى حجم القوى العمالية والطلابية، التي تمثل أكثرية الطبقات الوسطى الصغيرة، المنضوية تحت لواء منظمات نقابية حديثة، وكذا بالنظر إلى سلسلة من الانقلابات والمحاولات الثورية التي استهدفت الإطاحة بالأنظمة الملكية في الدول العربية ذات الأوضاع السياسية المماثلة . وتحدثت الافتتاحية بنوع من الانفعال عن حالة الاحتقان المشحونة بأعمال العنف والاعتقالات في صفوف المعارضة والجيش التي تلت وقائع الصخيرات، واسترسلت قائلة " إن إراقة الدماء ليست الوسيلة الوحيدة في عصرنا لتغيير الحكم، ولا الاغتيالات والانقلابات العسكرية أفضل وسيلة لقيام ثورة أو لنجاحها، ولكن قمع هذه المحاولات أو الرد عليها بتسليم الجنرال أوفقير، وهو المعروف ببطشه وقساوته، جميع السلطات المدنية والعسكرية ليس أفضل أسلوب للمحافظة على النظام في المغرب" . وفي افتتاحية أخرى عنونتها بـ "ثورة الحاكمين" توقفت الأنوار عند المبررات الموضوعية لتفسير ما جرى في المغرب، قائلة إن "الذين قاموا بمحاولة الانقلاب ليسوا "أولادا متحمسين ولا شبانا متطرفين"، بل هم جنرالات وكولونيلات، من أقرب المقربين إلى الملك، ومن الحائزين على كل الامتيازات في المملكة ؟! فلماذا يثور "الحاكمون" على الحاكم، لو لم تكن أوضاع الحكم في نظرهم تطلب نفيرا ؟! قد لا يكون هؤلاء الانقلابيون ثوريين حقيقيين ولا حتى اشتراكيين، ومن الأرجح أنهم لم يكونوا على اتفاق مع الأحزاب والقوى الشعبية أو التقدمية، ولكن هذا لا ينفي على انتفاضتهم طابع اليأس، ويأس المشاركين في الحكم قد يكون أحيانا أخطر من ثورة الطبقات والفئات المحرومة، فكيف حين تتلقى النقمة من فوق" مع "الثورة من تحت" في المطالبة بالتغيير ؟!". في السياق ذاته، خصصت الأنوار اللبنانية افتتاحية عدد 16 يوليوز 1971 للصحافي القومي الناصري حسنين هيكل، الذي كان من أبواق النظام على عهد جمال عبد الناصر وأنور السادات، حيث أثنى هيكل على المغرب وزعيم الثورة الريفية بن عبد الكريم الخطابي والملك محمد الخامس، رمز التحرير، ثم توجه إلى مخاطبة الحسن الثاني، وطالبه "بأن يفرق بين زعماء الحركة الانقلابية والشعب! فلا يعاقب الشعب كله مع زعماء الحركة !ولا يجوز أن يسجن الشعب المغربي كله عندما يتقرر سجن المشتركين بالانقلاب! " حكم دستوري طالب هيكل بتوسيع هامش الحريات سيما حرية الصحافة وممارسة الحق النقابي وإطلاق المعتقلين السياسيين، "لأن المعارضة فوق الأرض، هي التي تفتح عيون الحاكم وتنبهه إلى أخطائه، وتغيير طريق الحكم "بالنظر إلى المتغيرات التي شهدها العالم في ظل نظام القطبية الثنائية، ذلك" أن سلطات ملك اليوم ليست في سطوته ولا في سيفه، وإنما في طريقة حكمه الدستوري، وطريقة صيانة العدالة في بلاده ". وتساءل صاحب الافتتاحية "هل من العدالة إعدام عدد من كبار الضباط بلا محاكمة؟ إن العدالة المتسرعة هي في معظم الأحيان ظلم فادح ".

الوجه الآخر لأوفقير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لمزاوري وحدراف يوقعان للجديدة

"قصارة" تنتهي بدهس بسيارة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات