تحصل على أزيد من 77 ألف مليار من زبنائها بالمجان وتعيد إقراضها لهم بفوائد مرتفعة يضم القطاع البنكي 24 مجموعة، منها خمسة بنوك و3 نوافذ متخصصة في التمويلات التشاركية، علما أن هناك تسعة بنوك توجد في مناطق حرة "أوفشور". وتتوفر المؤسسات البنكية بالمغرب على 5905 وكالات بنكية و8163 شباكا أوتوماتيكيا. وتشغل هذه البنوك وفروعها بالخارج 74 ألفا و894 متعاونا، 55 ألفا و585 منهم بالمغرب. "الصباح" تقدم تفاصيل حول مواردها وكيفية توظيفها وأرباحها، بناء على المعطيات التي كشف عنها التقرير الأخير لمديرية الإشراف البنكي، خاصة ما يتعلق بوضعية المنافسة داخل القطاع وملكية رأسمالها وأرباحها. "من لحيتو لقم ليه" لم تتجاوز الأموال الذاتية للبنوك، خلال السنة الماضية، 160 مليار درهم، في حين أنها وزعت قروضا ناهزت 1375 مليار درهم، ما يطرح التساؤل حول كيفية تحقيق ذلك. في الواقع تستخدم البنوك ودائع زبنائها من أجل منح القروض لمن يطلبها، وبذلك فهي تتوسط بين الذين يتوفرون على مدخرات مالية يودون توظيفها أو وضعها في مكان آمن وبين الأشخاص الذين يبحثون عن تمويلات. وتعتبر تعبئة الادخار وتمويل الاقتصاد من المهام الأساسية للبنوك، إذ تعمل على تحفيز الخواص والمقاولات والمؤسسات التي توظف الأموال على إيداع المدخرات لديها مقابل سعر فائدة يتم تحديده حسب قانون العرض والطلب، كما أن نسبة كبيرة من الموارد تأتي من الحسابات تحت الطلب، التي تعرف أيضا بالحسابات الجارية، التي لا تؤدي عليها البنوك أي فائدة، لكنها تعيد إقراضها للزبناء بفوائد أو توظيفها في سندات الخزينة والأسواق المالية، ما يمكنها من تحقيق هامش ربح هام. وهكذا، فإن البنوك تعمل بالمثل الشعبي القائل "من لحيتو لقم ليه"، فهي لا تتوفر على الأموال الذاتية الكافية للاستجابة لطلبات القروض، التي لا تكفي لتغطية 12 % من القروض الممنوحة، فتعمل على تعبئة الادخار. وهكذا تمكنت البنوك من تعبئة 1129 مليار درهم، منها 774.8 مليار درهم (أزيد من 77 ألف مليار سنتيم) عبارة عن حسابات تحت الطلب، أي موارد بالمجان لا تؤدي عليها البنوك أي فوائد. ووصل إجمالي القروض الممنوحة من قبل البنوك، إلى غاية نهاية السنة الماضية 1060 مليار درهم، ما يعني أن 73 في المائة من هذه القروض تم تمويلها بموارد مالية حصلت عليها البنوك بالمجان من زبنائها، تلك المودعة في حسابات تحت الطلب، وأعادت إقراضها بأسعار فائدة مرتفعة، ما يمكنها من تحقيق هامش ربح مهم. أرباح بألف مليار حققت البنوك من أنشطتها بالمغرب أرباحا، خلال السنة الماضية، تجاوزت 10 ملايير درهم (10.5 ملايير درهم)، ما يناهز ألف مليار سنتيم، حسب التقرير الأخير لمديرية الإشراف البنكي. واستقر الناتج البنكي الصافي، مثل القيمة المضافة في القطاعات الاقتصادية الأخرى، 50.2 مليار درهم (5002 مليار سنتيم)، وتساهم فيه هوامش أسعار الفائدة (الفارق بين الفوائد التي تؤديها البنوك لزبنائها على مدخراتهم والفوائد التي تحصلها منهم على القروض التي تمنحها إياهم) بنسبة 75 في المائة. وحصلت البنوك فوائد من زبنائها بقيمة إجمالية في حدود 41 مليارا و400 مليون درهم، مسجلة استقرارا، خلال 2021، في حين عرفت الفوائد التي تؤديها للزبناء تراجعا بناقص 5.3 في المائة، لتتقلص إلى 6.1 ملايير درهم، بفعل ارتفاع الودائع غير المؤداة عنها ما مكنها من تحقيق أرباح صافية، بهذا الصدد، بقيمة 35.3 مليار درهم. ووصلت القيمة الإجمالية للعمولات التي استخلصتها البنوك من حسابات زبنائها على الخدمات المقدمة إليهم، بمن فيهم أصحاب الحسابات الجارية الذين يودعون أموالهم لدى مؤسساتهم البنكية دون مقابل، 9.3 ملايير درهم، مسجلة زيادة بنسبة 8.1 في المائة، بفضل الخدمات المرتبطة بالأنشطة النقدية، بعد انتعاش المبادلات عبر القنوات الرقمية. وتحقق البنوك أرباحا بغض النظر عن الظرفية الاقتصادية، إذ تمكنت خلال 2020، سنة الجائحة، من تحقيق أرباح بقيمة 6.8 ملايير درهم (680 مليار سنتيم)، في وقت سجلت أغلب المقاولات نتيجة سلبية، وارتفعت الأرباح في السنة الموالية إلى 12.1 مليار درهم (1210 ملايير سنتيم) بزيادة بنسبة 76.4 في المائة، لتستقر، خلال السنة الماضية، في حدود 10.5 ملايير درهم (1050 مليار سنتيم). وتتمكن من ذلك بفعل العلاقات غير المتوازنة بين البنوك وزبنائها ووضعية شبه الاحتكار التي تميز القطاع البنكي. تاريخ القيمة... شطط في الحساب يختلف تاريخ العملية عن التاريخ الفعلي لاحتساب قيمة تلك العملية، المعروف بتاريخ القيمة (Date de valeur)، إذ أن المؤسسة البنكية تفرق بين التاريخين، وتتمكن من تحصيل عمولات دون أن يدري الزبون بذلك، ويختلف تاريخ القيمة، حسب صنف العمليات، وتحدد المدة بين تاريخ العملية وتاريخ القيمة بشكل تفاوضي، علما أن شرائح واسعة من زبناء البنوك لا تلقي بالا لهذا الأمر، أي أن المؤسسة البنكية هي التي تحدد في نهاية المطاف الفرق الزمني بين التاريخين. وهكذا، نجد أن تاريخ القيمة يكون سابقا لتاريخ العملية، إذا كان السحب أو الأداء من حساب الزبون، في حين يكون تاريخ العملية سابقا لتاريخ القيمة إذا كان التحويل أو الأداء لفائدة الزبون، ويؤدي هذا الأمر إلى اقتطاع مبالغ من حسابات الزبون. فإذا افترضنا أن تحويلا بنكيا تم لفائدة زبون بتاريخ 30 أبريل، على سبيل المثال، ولم يكن أي مبلغ في رصيده آنذاك، فإنه لا يمكنه الاستفادة من المبلغ إلا بعد يوم أو يومين، حسب الحالات وتاريخ القيمة المعتمد من قبل مؤسسته البنكية بالنسبة إلى هذه العملية، فلو سحب مبلغا في اليوم الموالي، فإن البنك تعتبره قرضا وتستخلص عليه نسبة فائدة، عن الفترة الفاصلة بين تاريخ العملية وتاريخ القيمة، علما أن أيام العطل تضاف على الفترة الفاصلة بين التاريخين. وإذا استخدم أحد الزبناء بطاقته البنكية لأداء مقتنيات بالخارج، فإن البنك ينتظر يومين، قبل احتساب قيمة العملية، ويحتسب المبلغ على أساس معدل الصرف المحدد في اليومين المواليين للأداء، إذا سجل هذا المعدل ارتفاعا، في حين يعتمد البنك سعر تاريخ العملية، إذا سجل معدل الصرف انخفاضا خلال اليومين المواليين، ما يعتبر شططا في حق الزبون يتعين تداركه وتصحيحه، بتوحيد تاريخ العملية وتاريخ القيمة، على غرار ما هو معمول به في البنوك التشاركية. تنافسية على المقاس رغم أن القطاع البنكي يضم 24 مجموعة، ما يفرض وجود تنافس كبير، فإن ثلاثا منها تهيمن على 61.6 في المائة من إجمال أصول بنوك القطاع، أي أن 12.5 في المائة من العدد الإجمالي للفاعلين في القطاع يهيمنون على ما يناهز ثلثي النشاط البنكي، وإذا أضيف إليها الاثنتان المواليتان، فإن الحصة تتجاوز ثلاثة أرباع الأصول (76.4 في المائة)، ما يعكس التمركز الكبير الذي يميز القطاع. وينعكس هذا التمركز على مستوى التنافسية داخل القطاع، إذ أن أسعار الخدمات تظل متقاربة جدا بين مختلف البنوك، كما أن معدلات الفائدة تعتبر مرتفعة، رغم أن 86 في المائة من الأموال التي تقرضها تحصل عليها بالمجان، ما يجعل متوسط كلفة الموارد منخفضة، إذ لم تتجاوز، خلال السنة الماضية 0.98 في المائة. اتفاقية الحساب... الحق المغيب ألزمت دورية والي بنك المغرب رقم 15/W/16 ألزمت المؤسسات البنكية بتمكين الزبون مجانا من نسخة من اتفاقية الحساب، التي تحدد الشروط والالتزامات المفروضة على الطرفين، ورغم ذلك، فإن عددا كبيرا من الزبناء لا يتوفرون على هذه الاتفاقية، كما أنه لا يتم إخبارهم بحقهم في الحصول عليها، ما يمثل إخلالا بالمقتضيات القانونية والتنظيمية التي تنظم العلاقات بين المؤسسة البنكية وزبنائها. السنة البنكية360...يوما تحتسب البنوك الفائدة السنوية على القروض التي تقدمها للزبناء على أساس 360 يوما، في حين أن عدد أيام السنة يصل إلى 365 يوما، ما يمثل حيفا في حق زبناء البنوك، حيث أن اعتماد 360 يوما، يمكن البنك من تحصيل فوائد أكثر. وسبق لمحكمة النقض الفرنسية أن اعتبرت أن معدل الفائدة التفاوضي يتعين أن يحتسب، بالنسبة إلى المستهلك أو الأفراد غير المهنيين، على أساس السنة المدنية وليس بناء على 360 يوما، ما يفرض معالجة هذا الخلل، ما يمكن البنوك من تحقيق هوامش أكبر. عبد الواحد كنفاوي