خدعة “الزرانكي” لأثرياء تادلة

تادلة في تاريخ ليون الإفريقي 3 محاكمة حار فيها الفقهاء والقضاة ونساء النبلاء أفدين أزواجهن بالخواتم والأساور شكلت منطقة تادلة أحد أهم أقاليم المملكة المغربية عبر التاريخ، إلا أنها لم تحظ باهتمام كبير من قبل المؤرخين، كما هو الأمر بالنسبة إلى فاس أو مراكش، ويعتبر كتاب وصف إفريقيا، للحسن بن محمد الوزّان الزناتي الفاسي، والمشهور بليون الأفريقي، أحد أهم المصادر التي تناولت مجال تادلة، بوصف مدنها وقبائلها وصناعات أهلها، وحكايات رجالها وفرسانها، والحياة الاجتماعية والسياسية لسكانها، وعلاقة كل قطر منها بالسلطة السياسية للوطاسيين ملوك فاس، في القرن السادس عشر. في هذه السلسلة، نروي على لسان "ليون الإفريقي"، قصصا من الجزء المخصص لتادلة. وهو الديبلوماسي والمؤرخ الذي عمل في إدارة الوطاسيين، وصال وجال في رحاب وأقطار المغرب، تاركا لنا وثيقة تاريخية وزنها ذهب. عصام الناصيري بعد دخول المدينة، وأداء أعيان "تافزة" (حاضرة تادلة) مصاريف حملة الملك، جاء رجال الفريق الموالي للملك للمطالبة بتعويضهم عن مداخيل أملاكهم، مدة ثلاث سنوات. قال لهم القائد "الزرانكي" إنه لا دخل له في هذه المسألة، وأن عليهم أن يعرضوا خلافهم على الفقهاء ليثبتوا حقهم، غير أنه من الممكن أن يحتفظ بخصومهم في السجن تلك الليلة. قال الأسرى، "هل تخلف وعدك يا سيدي، فقد وعدتنا أن تطلق سراحنا بعد أن نعوض الملك"، فأجابهم القائد، "إني لا أخلف وعدي، فلست أحتفظ بكم الآن في السجن لحساب الملك، ولكن لحساب من يطالبونكم بأموالهم، وسنتصرف حسب ما سيقضي به القضاة والفقهاء، وربما كان ذلك في صالحكم". اجتمع صبيحة اليوم التالي مجلس الفقهاء والقضاة، بحضور القائد، وتناول المدافعون عن السجناء الكلمة فقالوا، "أيها السادة لقد احتفظ أقرباؤنا بأموال خصومهم حقا، لكن ذلك وقع بسبب أن أجداد هؤلاء الخصوم، احتفظوا بأموال أجداد سجنائنا مدة تزيد عن 20 سنة"، فأجاب ممثل الفريق الخصم، أيها السادة لقد مر أكثر من 150 سنة على الأحداث التي أشاروا إليها، ولم تبق بشأنها شهادة ولا بينة. وعقب على ذلك ممثل السجناء بالقول إن الحجة ممكنة أيها السادة، لأن القضية معلومة لعامة الناس، فأجاب الآخر، لا يمكن اعتبار الشهرة العامة حجة، فمن يعرف مدة الزمن الذي احتفظ فيه أجداد الذين أمثلهم بالأموال المذكورة، وربما كان لذلك التصرف ما يبرره، إذ يقال ويشتهر أيضا أن أجداد السجناء ثاروا ضد ملك فاس، وأن تلك الأموال كانت تخص الخزينة الملكية. تظاهر القائد حينئذ بالشفقة على السجناء خدعة، وقال لوكيل خصومهم، لا ترهقوا هؤلاء السجناء المساكين، فأجابه، قد يبدو لكم أنهم مساكين يا سيدي القائد، ولكن لا يوجد من بين هؤلاء المساكين من لا يستطيع أن يجد 50 ألف مثقال، وعندما تزاح عنهم الأغلال، سترونهم يطاردونكم، لقد أخذتموهم على حين غرة، لذلك لم تجدوا عندهم نقودا. ولما سمع القائد هذا الكلام، أخذه الجزع فجأة، وفض المجلس متظاهرا بالرغبة في تناول وجبة الغداء، فأمر بإحضار السجناء أمامه وقال، أريدكم أن ترضوا خصومكم، وإلا أرسلتكم إلى فاس، حيث ستلزمون بأداء ضعف ذلك. أرسل الأسرى في طلب نسائهم وأمهاتهم، وقالوا لهن، "حاولن التخلص من هاته الورطة، فقد زعموا أننا في غاية الغنى، وليس لنا ثمن ما أخبروا به القائد"، وهكذا لم تمض 8 أيام، حتى حمل أقارب الأسرى إلى محضر القائد، 28 ألف مثقال، على شكل خواتم وأساور وغيرها من حلي النساء، لأنهن أردن أن يظهرن خدعة أنهن لا يملكن غير ذلك. ولما تم الأداء، قال القائد للسجناء، "أيها النبلاء، لقد كتبت إلى الملك في هذه المسألة، وآسف أنني كتبت، إذ لا أستطيع إطلاق سراحكم قبل أن يأتيني جوابه، وسوف تحررون على أي حال، لأنكم سددتم ما وجب عليكم للجميع، فأصبروا إذن على ما أصابكم".

خدعة “الزرانكي” لأثرياء تادلة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هـــل انتـهى دور الـــدفاع؟

إيقاف سارق الدراجات بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات