نفائس فاس العتيقة : غالبية مدارس فاس مرتبطة منهجيا بالقرويين

لم يكن طلب العلم محصورا بين جدران القرويين الذي أصبح جامعة للعلم والمعرفة، بل توزعت الكراسي العلمية على المدينة كلها بعدوتي القرويين والأندلس وفاس الجديد بعدة مدارس ومساجد كانت في غالبيتها تابعة لجامع القرويين في منهاجه ونظامه التعليمي، وكأنها فروع تابعة لها ، فيما تحدثت المصادر التاريخية عن أن أكثر من 12 مدرسة من هذا القبيل لعبت دورا تعليميا رياديا. وقال الباحث سعيد العفاسي إن التعليم كان إلى مجيء المرينيين يلقن في المساجد العتيقة أو بأهمها، خاصة جامعي القرويين والأندلس، لكن هذا النظام كان من شأنه أن يستبعد ماديا الطلبة الغرباء عن فاس، أو الذين ليست لهم اتصالات تمكنهم من الحصول على سكن، فقرر المرينيون إحداث مؤسسات خاصة يجد فيها الراغبون في العلم من المغرب وخارجه، السكنى والطعام والغذاء الفكري.ومن هذا المنطلق نبتت فكرة بناء مدارس تشمل عدة حجرات يبيت فيها الطلبة بعد إنهائهم حصصهم، وقاعات للدرس، ومرافق صحية، وقاعة يؤدي فيها الطلبة فرائضهم الدينية، وقد أنشئت اثنتان من هذه المدارس، كمساجد جعلت لهما صومعتان كان المؤذن يدعو منهما سكان الحي، إلى الصلاة من طلاب المؤسسة الداخليين في آن واحد، هما مدرسة الصفارين ومدرسة البوعنانية. وأشار عبد لهادي التازي في كتابه "جامع القرويين" إلى قيام المرابطين والموحدين بتأسيس عدة مدارس بعضها يقع بالمثلث الذهبي التاريخي مولاي إدريس والقروييين وسيدي أحمد التيجاني، وهو من أهم المواقع التاريخية زيارة واهتماما من قبل السياح المغاربة والأجانب، ذاكرا من بينها مدرسة الصابرين التي بناها يوسف بن تاشفين لما دخل فاس في منتصف القرن الخامس الهجري. وتحدث العفاسي عن مدارس لتدريس العلم والفقه المالكي، تجتمع بجوار جامعي القرويين والأندلس، وتجمع بين الطابع الاجتماعي والديني والثقافي، فيما ذكر الحسن الوزان الملقب ب"ليون الإفريقي" في كتابه "وصف إفريقيا"، 11 مدرسة للطلبة تحتوي كل واحدة على 100 حجرة أو أكثر، جيدة البناء كثيرة الزخرفة بالزليج والخشب المنقوش وبعضها مبلط بالرخام وبالزخرف المايورقي. كل تلك المدارس، حسب المصدر ذاته، من تأسيس ملوك بني مرين، وتميزت بجودة البناء والسعة والجمالية والمرافق الضرورية من مراحيض وقاعة للصلاة، واحتضانها أساتذة لمختلف العلوم يلقون دروسهم بشكل منظم ومنتظم صباح مساء، مقابل مرتبات حسنة يتقاضونها جميعهم وأوصى بها مؤسس كل مدرسة على حدة، فيما يعفى كل طالب من مصاريف لباسه طيلة 7 سنوات. ولم تذكر جل المصادر التاريخية أسماء تلك المدارس التي تحدث عنها الوزان، فيما قال العفاسي إن المصادر التي اهتمت بتاريخ فاس، ذكرت ثماني منها فقط تحمل أسماء الصفارين أو الحلفاويين وتعتبر أقدم تلك المدارس المرينية أسسها يعقوب المريني، والمدرسة المصباحية والعنانية والسبعيين واللبادين والعطارين والصهريج وفاس الجديد. وأثارت قبلة مسجد هذه المدرسة الواقعة بساحة الصفارين قبالة خزانة القرويين التي زودها بانيها بخزانة مهمة شملت كتبا عربية سلمها الدون شونسو للمرينيين وتعتبر "ثالث مدرسة لها صومعة"بعد مدرستي أبي عنان وفاس الجديد، (أثارت) نقاشا كبيرا بين علماء فاس عند بنائها رغم أنها أصح قبلة بمساجد فاس، وهي مغلقة وأخليت من طلبة القرويين الذين كانت تؤويهم. ويعتبر محراب هذه المدرسة التي اختار العالم الجزولي مكتبها لكتابة مؤلفه الشهير "دلائل الخيرات"، من أقدم المحارب بمدينة فاس وأدقها توجها إلى القبلة، فيما تصنف مدرسة الصهريج التي أسسها السلطان أبي الحسن ابن السلطان أبي سعيد لما كان وليا للعهد، ثاني مدرسة وتتوفر على نقوش بديعة غاية في الجمال والدقة، يتوسطها صهريج ماء والعديد من الغرف التي كانت تؤوي الطلبة. وأشار العفاسي إلى أنه وجد إشارة خفيفة في كتاب "فاس قبل الحماية"، إلى مدرسة بين مدرستي الصهريج والسبعيين تسمى "مدرسة الوادي" وهدمها مولاي سليمان وأعاد بناءها على شكل مسجد يحمل الاسم نفسه لوقوعها على ضفة وادي مصمودة، مؤكدا أن مدرسة الشراطين بين أهم مدارس فاس، وتمتاز بأنه رشيقة واسعة بها غرف وبلية متوسطة الحجم وسط الفناء الداخلي. وقال إن ثالث تلك المدارس هي مدرسة العطارين التي أسسها أبو الحسن المريني بمدخل سوق العطارين بعد بناء مدرسة الصهريج، وهي ثالث أجمل مدرسة بناها بنو مرين بعد المدرسة العنانية ومدرسة تلمسان بالجزائر، وتقع غير بعيد عن المدرسة المصباحية المكونة من عدة غرف لإيواء الطلبة، وسميت كذلك نسبة إلى الفقيه المالكي أبي الضياء مصباح الياصلوتي أول مدرس بها. حميد الأبيض (فاس)

نفائس فاس العتيقة : غالبية مدارس فاس مرتبطة منهجيا بالقرويين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محكيات أحمد الطالبي : جوازي في يدي والرحلة إلى فرنسا

إرهاب تحت قبعة «الجهاد» : الجماعة الإسلامية في مصر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات