إبداعات في الشوارع اختلطت فيها التقاليد المحلية بالتأثيرات الفنية العالمية أخذت احتفالات "بوجلود" أو "بيلماون" باللهجة المحلية لأقاليم سوس، في السنوات الأخيرة اتجاهات جديدة، واكتسبت شهرة كبيرة في باقي مناطق المملكة وخارجها، وتحولت إلى "كرنفال" يحمل بين طياته عوامل النجاح على المستوى الدولي، بعدما أدمجت هذه الطقوس الثقافة المحلية العتيقة، بشخوص من عالم السينما العالمية. واشتهرت هذه السنة احتفالات بوجلود بشكل غير مسبوق، إلى درجة تحولت فيها إلى موضوع نقاش بين مختلف الشرائح، بين من يساند هذه الاحتفالات ويطالب بتطويرها وإقرارها ودعمها، وبين من يرى فيها استمرارية للطقوس الوثنية، وأنها لا تتناسب مع بعض المعتقدات، لكن الأهم أن السكان المعنيين بها يمارسونها دون استحضار التعقيدات الدينية والمجتمعية. ورغم أن هذه الطقوس كانت تمارس في مناطق مختلفة بسوس، وعلى رأسها منطقة الدشيرة، التي أقيمت فيها الاحتفالات لثلاثة أيام هذه السنة، إلا أنها لم تكن مشهورة في باقي مناطق المغرب، غير أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في شهرتها على نطاق واسع، إضافة إلى المؤثرات الجديدة التي دخلت عليها. ويعتبر الشباب أكثر فئة معنية بهذه الطقوس، خاصة عندما يتعلق الأمر بتجسيد شخصية بوجلود، التي تتميز أساسا بارتداء جلود المعز، وهناك من يصنع قناعا من الجلود، وقد يتم أيضا تثبيت القرون على الرأس، وكذا قوائم المعز التي تستعمل لضرب المارين، ومحاصرة الأطفال في الأزقة في جو هزلي. ولم يعد يقتصر طقس "بوجلود" على ارتداء جلود المعز، بل تم تطويره بإضافة "المكياج" السينمائي، الذي يعتبر أبناء سوس من أكثر المبدعين فيه، وهناك ورشات متخصصة لتعلم هذا الفن، وهو ما أضاف نكهة خاصة لهذه الاحتفالات، إلى جانب الأقنعة الجديدة التي أعطت بدورها رونقا خاصا، عندما أضيفت إلى اللباس الأصلي. وتم تجسيد مجموعة من الشخصيات المستوحاة من السينما العالمية والأمريكية على وجه الخصوص، والتي كان لها حضور كبير وكسبت شهرة عالمية، سواء تعلق الأمر بشخصية "أفاتار" من فيلم "أفاتار" أو "نايت كينغ" من مسلسل "لعبة العروش"، إضافة إلى شخصية "الجوكر"، وغيرها من الشخصيات ذات الصيت الواسع. ويمكن لهذا الطقس أن يتخذ شكلا جديدا في السنوات المقبلة، إذ يتوفر على عوامل نجاح كبيرة، يكفي أن يتم تنظيم الاحتفالات، ودخولها ضمن الأجندة الثقافية في أكادير والنواحي، من أجل دعم القائمين عليها، وتخصيص مسارات لتلك الجولات والاحتفالات، حتى تخرج من طابعها المحلي إلى الوطني، أولا، ولم لا العالمي في مرحلة متقدمة. عصام الناصيري