خبراء قالوا إن حركة 2023 أكثر عنفا وإنها لا تقتصر على الضواحي وتتميز بسرعة الانتشار أعاد التاريخ نفسه بفرنسا بعد 18 عاما من أحداث الضواحي لـ 2005، إلا أن هذه الإعادة تميزت بنسبة عنف أكبر، وسرعة انتشار أكثر مما كانت عليه من قبل، إضافة إلى أنها زحفت على المدن، عكس سابقتها التي تمركزت في الضواحي. وفي الوقت الذي لا تزال فيه الأوضاع مشتعلة في فرنسا، يسود خوف كبير في أوساط الخبراء والمتخصصين، من انفلات الأوضاع أكثر، إذ نبه البعض في البداية من تكرار سيناريو أحداث 2005، غير أن تطور الأوضاع جعل الإعلام الفرنسي يعترف أن نسخة 2023، شرسة جدا ولم تتضح الصورة بعد حول مآلاتها السياسية والأمنية. وانطلقت أحداث الشغب في الضواحي بعد ظهر 27 أكتوبر 2005، عندما كان تسعة مراهقين عائدين من حضور مباراة في كرة قدم في بلدة "شين بوانتو" في إقليم سين سان دوني، وأثناء عودتهم اقتربوا من موقع تجاري فيه أعمال بناء، وأبلغ الحارس عناصر الشرطة لأنه اشتبه فيهم، وبقدوم الشرطة هرب المراهقون سريعا، غير أن 3 منهم لجؤوا إلى إحدى محطات توليد الطاقة الكهربائية القريبة. ودخل المراهقون الثلاثة وهم بونا تراوري، البالغ من العمر 15 عاما، وزياد البنا وموهيتان ألتون، 17 عاما، إلى محيط المحطة ثم شوهدت بعد لحظات شرارة كهربائية بقوة 20 ألف فولت صعقت تراوري والبنا وقتلتهما على الفور، بينما أصيب الثالث بحروق التهمت 10 في المائة من جسده. وبعد 3 أسابيع من العنف غير المسبوق كانت النتيجة إحراق 10 آلاف سيارة، وتدمير أو إلحاق أضرار بـ 300 مبنى وإصدار مذكرات بحق 600 شخص، بالإضافة إلى اعتقال 1300 آخرين. وأجرى موقع إذاعة مونت كارلو الدولية، مقارنة بين الحادثين، وقال إن الحركة في2005 انحسرت في ضواحي المدن الكبرى وأحيائها الفقيرة، وكان انتشارها من ضواحي باريس إلى ضواحي مدن أخرى بطيئا واستغرق عدة أيام، بينما تمتد الحركة، حاليا لتشمل العديد من المدن الكبرى والمتوسطة والصغيرة، وانتشرت جغرافيا منذ اليوم الأول، كما أنها لم تقتصر على الضواحي، وإنما انتشرت بسرعة كبيرة وسط المدن، بما في ذلك العاصمة باريس. وأوضح خبراء المحطة الدولية، أن عمليات التحطيم والحرق والنهب التي تقوم بها مجموعات تتجمع في مكان وساعة محددين، بصورة دقيقة، وتساعدهم شبكات التواصل الاجتماعي في تنظيم عمليات التجمع والقيام بأعمال الشغب. واتخذت الأحداث الحالية مسارات جديدة، إذ أن الشباب في 2005، كانوا يريدون فقط الانتقام من الشرطة، بينما تتنوع أهداف مجموعات مثيري الشغب في 2023، بين الانتقام من الشرطة، ونهب المحلات التجارية أو التقاط الصورة والفيديو الذي سيحصد أكبر عدد ممكن من إشارات الإعجاب على شبكات التواصل الاجتماعي، حتى أن بعضهم يأتي مجهزا بالإضاءة اللازمة لتصوير فيديوهات من نوعية جيدة. وبالاستمرار في عملية المقارنة تقول "مونت كارلو" إنه في 2005، كان هدف مثيري الشغب هو فتح الحوار مع مؤسسات الدولة المختلفة لتغيير أوضاعهم، والتخلص من معاملة الشرطة لهم، مما أدى لظهور جمعيات تتحدث بأسمائهم وتحاول فتح الحوار مع البلديات وأجهزة الدولة المختلفة، بينما لا يسعى شباب 2023 إلى أي نوع من الحوار، والقطيعة كاملة بينهم وبين الدولة وأي مؤسسة أو جهاز يشتبه في علاقته بالدولة، وهم بالتالي بعيدون عن أي تحرك سياسي وأكثر راديكالية وعنفا. عصام الناصيري