المناورات الفرنسية الخارجية باستعمال ورقة المهاجرين صبت زيت السياسة على نار الاحتقان ساهمت المواقف الفرنسية المتضاربة في علاقاتها مع الدول المغاربية في إشعال فتيل الضواحي، إذ راكم الرئيس إمانويل ماكرون الأخطاء القاتلة، منذ الإعلان عن تقليص التأشيرات والتشدد في صرف المعاشات، والإعلان عن قرب إصدار قوانين جديدة تضيق الخناق على أتباع الديانة الإسلامية. وأكد مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا، أن هناك "نظرة انتقاص حقيقية تطارد أصحاب الأصول المغاربية في فرنسا منذ سنوات، بسبب ما سماه "العنصرية الفرنسية لدى أحزاب ومسؤولين، لأنهم يرون في المغاربيين خطرا على الهوية الفرنسية ويتهمونهم بعدم الاندماج "، معتبرا أن الحديث عن الاندماج "خطاب تروج له أحزاب وجمعيات معروفة بمعاداتها للمنتسبين إلى المغرب الكبير، كانت سببا في تعرض جزائريين ومغاربة وتونسيين وغيرهم للعنف، من قبل متطرفين فرنسيين، بل إن بعض الفرنسيين دعوا إلى إنشاء ميليشيات شبه عسكرية للاعتداء على المسلمين". وفند المرصد فكرة عدم اندماج المغاربيين معتبرا أنه "بالعكس، نحن الآن في الجيل الرابع بفرنسا، ولو لم يندمج هؤلاء لما كان منهم أطباء ومهندسون وسياسيون، ضاربا المثال على العنف الذي يتعرض له هؤلاء جراء الخطابات العنصرية، بأن من بين 215 شخصا تعرضوا لاعتداءات في فرنسا خلال السنوات الأخيرة، هناك 50 مسلما. وردا على الأصوات الساخطة المتعالية من الجزائر على مقتل الشاب الفرنسي نائل، على يد الشرطة في فرنسا، والمطالبة بوضع حد لخطاب الكراهية وتوفير الحماية والأمن لجميع المواطنين والمقيمين، لم تجد الخارجة الفرنسية حرجا في دعوة الجزائر إلى استعادة مهاجريها. ووصفــــــــــــت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، أنها تلقت "بصدمة واستياء وفاة الشاب نائل بشكل وحشي ومأساوي"، في مدينة نانتير بضواحي باريس. وأشارت إلى أن "الظروف التي أحاطت بالحادثة مثيرة للقلق بشكل لافت"، معتبرة أنها "على ثقة بأن الحكومة الفرنسية ستضطلع بواجبها في الحماية بشكل كامل، من منطلق حرصها على الهدوء والأمن اللذين يجب أن يتمتع بهما مواطنونا في بلد الاستقبال الذي يقيمون به". وجاء الموقف الجزائري أسابيع قليلة بعد قصف فرنسي بواسطة صحيفة "لوموند" عندما كتبت أن النظام الجزائري تغير في طبيعته، خوفا من خطر الشارع على بقائه، وانهياره بسبب ذوبان قاعدته الاجتماعية، وأن الدولة في الجزائر تمت عسكرتها بشكل علني ومتزايد، إلى درجة أصبح فيها الجيش صاحب الكلمة الأخيرة في كل الأمور. وذكرت صفحات ملف خاص بأن النظام الجزائري كان سلطويا مع فسحة للحريات، مؤكدة أنه أصبح اليوم أكثر سلطوية من ذي قبل، وأدخل البلاد مرحلة ديكتاتورية بالتشكيك في التعددية، والاستغلال السياسي لتهم الإرهاب، وسياق سياسي يتسم بالعسكرة والشوفينية المحافظة. ياسين قُطيب