شكل فرصة للباحث عن الأضحية بسعر معقول بعد ارتفاع ثمن المنتوج المحلي لم يكن أي مغربي يتخيل أنه سيأتي يوم يُقبل فيه على شراء كبش إسباني أو روماني أو برتغالي لذبحه في عيد الأضحى، وهو الذي لا يرضى عن "الصردي" بديلا، إلا بعد أن وجد نفسه في موسم غلاء الأسعار، يسابق الزمن بالتنقل من سوق إلى آخر، بحثا عن خروف مستورد من الخارج، حتى لا يُحرم من الاحتفاء بمناسبة لا تحتمل التأجيل ويحفظ ماء وجهه من "تشفي العائلة والجيران". إنجاز : محمد بها / تصوير: (عبد الحق خليفة) الساعة تشير إلى السادسة مساء من الخميس الماضي، بسوق المجاطية أولاد طالب بمديونة، إقبال كثيف على سوق بيع الأغنام بالمنطقة، بعدما قرر عدد من الآباء عدم تضييع الوقت في انتظار تراجع السوق، خوفا من الوقوع ضحية إشاعات مضمونها "السوق سيعرف انخفاضا كبيرا في الأسعار والمتأخرين في شراء العيد سينعمون بأكباش فخمة". وكشف عدد من مرتادي السوق النموذجي للماشية بمديونة، أن إقبال أرباب الأسر مصحوبين بزوجاتهم وأطفالهم، على الأسواق المختصة في عرض الخرفان الإسبانية والرومانية، كان من أجل استقصاء الوضع واقتناء السلعة، التي أصبحت مطلوبة بشعار "خروف صغير ولا الحرمان من العيد"، في ظل وضعية غلاء أسعار الأضاحي التي تحرم الفقير والمتوسط الحال من فرصة اقتناء كبش أقرن وأملح كالمعتاد. وأوضح المتحدثون أنفسهم، أن سبب الإقبال على الخرفان المستوردة من الخارج، يأتي أمام إصرار مربي الماشية والمضاربين في الأسواق وفضاءات العرض وسط الأحياء السكنية، على موقفهم المتعنت في عرض أضاحي العيد بأثمنة خيالية، واستغلال تخوف الأسر من نفاد السوق لفرض أثمنتهم سعيا للربح، رغم أن العرض أكثر من الطلب برقم يتجاوز 7 ملايين رأس. وأجمع عدد من المتبضعين على أن رؤوس الأغنام، التي جلبها مستوردون مغاربة من إسبانيا ورومانيا، تحظى بالإقبال من قبل الباحثين عن أسعار رخيصة في زمن الغلاء، الذي ازداد استفحالا من قبل تجار الأزمة، خصوصا في مناسبة عيد الأضحى. العيد للجميع بمجرد دخول سوق مديونة ضواحي البيضاء، فإنه لا بد أن يعاين الزوار مشهد خيام منصوبة تضم مختلف أنواع الأكباش القادمة من مدن عدة، يقف خلفها شباب ورجال قدموا من البوادي لعرض أضاحي العيد والتمكن من بيعها للزبون المستحق لها، قبل أن يشد انتباههم وفضولهم وجود أروقة لعدد من الباعة المختصين في عرض خرفان، مستوردة من إسبانيا ورومانيا. وكشف عدد من الباعة، أن هذه الأغنام المستوردة تمتاز بجودتها، وسعرها المعقول، وهو ما يجعل شعار "العيد للجميع" قابلا للتطبيق على أرض الواقع. وأوضح أحد الباعة في تصريح لـ"الصباح"، أن الأغنام الإسبانية والرومانية التي تباع ب"الكيلو"، تتراوح أثمنتها ما بين 1300 درهم إلى 2500، حسب وزن الخروف المرغوب فيه، مشددا على أن أثمنة الكيلوغرام الواحد مشجعة، بعدما تم حصرها في 55 درهما، وهو ما يجعل من "الشراء حسب القدرة الشرائية" أمرا ممكنا. مضطر أخوك لا بطل رغم استحسانهم جودتها وانخفاض سعرها، إلا أن ذلك لم يمنع أحد العارضين، من الإشارة إلى أن إقبال الزبناء على هذا النوع من الأضاحي، يظل محصورا في فئة المغلوبين على أمرهم، المتخوفين من الحرمان من العيد، مضيفا "حتى لا نحجب الشمس بالغربال، شراء الخرفان المستوردة يقبل عليه الجزارة بحماس متقد، أما الأسر فتشتريها اضطرارا لأن المغاربة شعب كريم اعتاد على الإنتاج الوطني وأجود الأكباش على رأسها سلالة الصردي". وسجل العارض بسوق بيع الأغنام بمديونة، أن اقتناء هذا النوع من الخرفان، من شأنه أن يخفف العبء عن المغلوبين على أمرهم، ويمنحهم فرصة اقتناء الأضحية بثمن جيد، بما يتماشى وقدرتهم الشرائية، عوض الحرمان من فرحة العيد. تنظيم محكم من خلال قيام "الصباح" بجولة وسط سوق مديونة لبيع الأغنام، استرعى انتباه طاقمها التنظيم المحكم الذي تتفوق فيه على باقي الأسواق وفضاءات العرض، إذ يتميز السوق بنصب خيم مصطفة ومنظمة، وتحمل كل خيمة رقما خاصا بها بترتيب تسلسلي، من أجل إتاحة الفرصة للزبناء في اختيار الخيمة وكذا لتسهيل مهمة المنظمين في ضبط عدد الأغنام، التي تخرج من السوق ومصدرها، لتفادي وقوع حالات السرقة وضياعها من "الكسابة" أو مقتنيها. ومن الأمور التي تميز السوق عن غيره، تخصيص 40 حارس أمن خاص يسهرون ليل نهار على تأمين سلامة وممتلكات الباعة والزبناء من اللصوص والمشتبه فيهم، إذ يقوم صاحب المشروع بالتنسيق مع مساعده في التواصل مع الحراس العاملين لديه، لمنع أي انفلات أو خطأ مهني، يضر بمصالح العارضين والزبناء، وكذا نصب كاميرات مراقبة، إضافة إلى إشراف عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة ورجال السلطة المحلية على ضمان نجاح عملية التنظيم على أكمل، وجه كباقي الأسواق المؤمنة.