تفاصيل اختيار غير موفق رفضته وزارة الداخلية والمدينة مهددة بالغرق في الأزبال في غضون 18 شهرا في غضون 18 شهرا من الآن، ستكون جماعة البيضاء ملزمة بوضع مطرح عمومي جديد مراقب رهن إشارة الشركتين المفوض لهما تدبير قطاع جمع الأزبال، للتخلص من 4500 طن يوميا من النفايات المنزلية والمشابهة لها، حتى لا تغرق عاصمة الاقتصاد والمال في الأوساخ. فبحساب بسيط، للحجم الهائل من النفايات الذي استقبله المطرح الحالي بجماعة المجاطية أولاد الطالب منذ افتتاحه في بداية 2022، ستكون مربعات هذا المرفق العمومي اقتربت من الملء النهائي، ولن تمر إلا أشهر حتى تتوقف عجلات مئات الشاحنات عند مدخله، في إشارة إلى أزمة جديدة ستدخلها المدينة، إذا لم يسرع المسؤولون لإيجاد الحل في أقرب وقت ممكن. إعداد: يوسف الساكت بعد صدور قرار حاسم من مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية في 17 ماي الماضي، ورفضها بإجماع أعضاء لجنة قطاع الأراضي السلالية، اقتناء عقار بمساحة 264 هكتارا بإقليم مديونة لفائدة جماعة البيضاء، تكون المدينة دشنت مرحلة جديدة من الصعوبات في تدبير آلاف الأطنان من الأزبال الناتجة عن الاستعمال المنزلي، ومثلها من نفايات المنتجين الكبار والمستشفيات والفضاءات التجارية الكبرى والنفايات الخضراء الناتجة عن عمليات تشذيب المساحات الخضراء العمومية وحدائق الفيلات والإقامات. ووضع القرار الصادر عن الوزارة، مسؤولي الجماعة في حرج كبير، إذ كان الجميع يعول على العقار الموجود في جماعة المجاطية أولاد الطالب (أراض سلالية)، لوضع لبنات قطب بيئي كبير، يتمحور حول وحدة/مصنع ضخم لتدوير النفايات وتثمينها في حدود 85 في المائة، فيما يوجه الباقي (15 في المائة) إلى الطمر بوسائل تقنية حديثة تحترم معايير البيئة والحفاظ على الفرشة المائية والتحكم في منسوب عصير الأزبال (ليكسيفيا)، وإعادة استغلاله لاستخراج الغازات. أخطاء البداية بعد عدة مواقع للتخلص من نفايات البيضاء، اعتمدت المدينة موقعا خارج نسيجها الحضري على بعد 5 كيلومترات من مديونة في 1986، إذ كان المغرب لم يدخل، بعد عهد، اعتماد الأدوات القانونية والإستراتيجية لمعالجة النفايات. وحسب عبد الله أيت أوعدي، خبير في معالجة النفايات المنزلية، كان الداعي لاختيار هذا الموقع، احتواؤه على أكثر من 15 مقلعا للأحجار بعمق يبلغ 20 مترا. ولم يكن لصدور القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات أي تأثير على مسار معضلة النفايات بالمدينة وما يدور في فلكها من مدن ومراكز أخرى، يقول الباحث نفسه في تصريح لـ"الصباح"، مؤكدا أن هذا القانون الصادر في 2000 ينص في مادته 50 على أنه "لا يمكن الترخيص بإقامة المطارح المراقبة بجوار المناطق الحساسة والمناطق المحظورة والمحمية المنصوص عليها في القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء والنصوص المتخذة لتطبيقه، كما لا يمكن الترخيص بإقامة هذه المطارح بجوار المنتزهات الوطنية والمجالات المحمية والمناطق ذات المنفعة السياحية والمواقع ذات المنفعة البيولوجية والإيكولوجية والمناطق الرطبة والغابوية والمدارات المسقية والمناطق البورية ذات الطاقة الإنتاجية الزراعية المرتفعة وكذا خارج المواقع المعينة في المخططات المديرية لتدبير النفايات المنصوص عليها في هذا القانون". وفي إطار القانون نفسه، أعدت ولاية البيضاء دراسة للمخطط التوجيهي الخاص بالمدينة والمدن المنتمية إلى إقليمي مديونة والنواصر، خلص إلى اعتماد موقعين لمعالجة النفايات يقعان في إقليمي برشيد والمحمدية. يقول عبد الله أيت أوعدي "بما أن هذا المخطط المعتمد من قبل السلطات الولائية وبموافقة جميع السلطات الأخرى ذات الصلة، فإنه أصبح ملزما للجميع ومرجعا لكل التدخلات الخاصة بالنفايات على صعيد عمالة البيضاء وإقليمي مديونة والنواصر". وبالتالي، فإن المطرح الحالي الذي أصبح على مرمى حجر من أحياء عمرانية جديدة، مثل المدينة الخضراء وأحياء الرشاد والأبرار، يجب التخلي عنه وترميمه حتى يصبح أحد مكونات النسيج الحضري النافعة، عوض أن يستمر في نفث سمومه في الماء والهواء والغابة المجاورة (بوسكورة). توجيهات مهمشة أدى إهمال مجلس مدينة البيضاء لتوجيهات ومعطيات الدراسة التي تضمنها المخطط التوجيهي (المخطط المديري لتدبير النفايات)، إلى تهميش باقي مراحل المخطط الأخرى، خاصة الدراسة الإيكولوجية التي تسبق تنفيذ هذا النوع من المشاريع، والمتعلقة بالأساس بدراسة تهم التأثيرات البيئية للمناطق المخصصة للمطرح، أو مطارح النفايات على محيطها السكاني والبيئي، ما يجعل اختيار مكان إعداد المطرح يخضع للمعايير التقنية والعلمية والمواصفات المعتمدة عالميا في هذا الإطار. والنتيجة المباشرة لهذا الإهمال، تحول المطرح الحالي إلى كابوس يقض مضجع السكان المجاورين بدواوير الحلايبية والبقاقشة والدرك وعين الحلوف، إلا أن إنشاء بعض التجزئات الراقية والمتوسطة فوق عقارات تبعد بأربعة كيلومترات عن المطرح، زاد من عدد المحتجين، كما وصلت أصداء الاحتجاج إلى مستويات عليا. وثيقة تفاهم ووسط هذه الاحتجاجات، حافظت جماعة البيضاء على المقاربة نفسها في البحث عن عقار جديد بإقليم مديونة، يحتضن أنشطة المطرح العمومي المراقب الثالث من نوعه في غضون 30 سنة تقريبا، إذ استقر الأمر على عقد وثيقة تفاهم أولية مع وزارة الداخلية لاقتناء أرض بمساحة 264 هكتارا لفائدة المدينة. وبناء على وثيقة التفاهم، أو الوعد الأولي الذي توصلت به الجماعة من وزارة الداخلية، عقدت عدة اجتماعات مع مسؤولين من المدينة ووزارة البيئة والتنمية المستدامة والداخلية، انتهت بوضع مشروع اتفاقية شراكة، سرعان من انسحبت منها وزارة البيئة، ليعوضها مجلس الجهة. وفي الاتفاقية الجديدة المصادق عليها من قبل دورة لمجلس المدينة، انتقلت مساهمة وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات الترابية) من 52.4 مليار سنتيم إلى 198.2 مليار سنتيم، التزمت الوزارة بأدائها على مدى 10 سنوات، أي حوالي 20 مليار سنتيم في السنة. ودخل مجلس الجهة على خط التمويل، إذ التزم، حسب مشروع الاتفاقية المعدلة، بدفع 27.2 مليار سنتيم في الفترة الممتدة من 2023 إلى 2027، أي 5.4 ملايير سنتيم في الشهر. والتزمت الجماعة بتعبئة ما تبقى من قيمة الاستثمار المقدرة بـحوالي 90 مليار سنتيم عن طريق التدبير المفوض، في أفق الشروع في استغلال أطنان من النفايات القادمة من مقاطعات ضواحي البيضاء. وبعد أن اعتقدت الجماعة، قبل بداية ماي، أن جميع الإجراءات الأولية وتسوية الوضعية القانونية للعقار انتهت، بناء على اتفاق سابق مع وزارة الداخلية، قرر المكتب المسير وضع مشروع لبرنامج عمل يغطي سنوات 2023-2028، يكون المطرح العمومي الجديد دعامته الأساسية، بل انتقل المقررون للترويج إلى مدينة نظيفة وبيئية، هدفا يمكن الوصول إليه في السنوات المقبلة، بفضل هذا القطب الكبير بإقليم مديونة. عروض قبل الأوان أكثر من ذلك، شرعت جماعة البيضاء في تهييء طلبات عروض في إطار التدبير المفوض ودفاتر تحملات، لاختيار الشركة، أو الشركات التي تتكلف بتنفيذ مشاريع الفرز والتثمين وإنتاج الوقود واستغلال العصارة، وغيرها من المهن الأخرى التي قد تكون مصدرا للدخل والربح المشترك، خصوصا الربح في المجال البيئي، في منطقة أضحت عبارة عن قنبلة موقوتة. وفي خضم ذلك، وبعد أيام من المصادقة على برنامج العمل في الجلسة الثانية من الدورة العادية لماي، نزل قرار مديرية الشؤون القروية مثل سطل من الماء المثلج على مسؤولي المدينة الذين طلب منهم صرف النظر عن عقار 264 هكتارا، واستحالة وضع مطرح عمومي عليه، لأسباب تتعلق بالتخصيصات العقارية ووثائق التعمير وتصميم التهيئة لجماعة المجاطية أولاد الطالب. وإلى حدود اليوم، لم تحسم الجماعة في البدائل الجديدة، ومنها التوصية الصادرة عن وزارة الداخلية نفسها التي أوصت بالبحث عن عقار آخر يكون مناسبا لإقامة هذا النوع من المشاريع، كما لم تحسم الجماعة في تدبير المرحلة المقبلة، علما أن عمر المطرح الحالي لا يتجاوز 18 شهرا. أحسن وسيلة في خضم هذا المأزق الجديد الذي يهدد البيضاء بالغرق في أطنان من الأزبال في بداية 2025 على أبعد تقدير، يوصي عبد الله أيت أوعدي، خبير في معالجة النفايات المنزلية، بالابتعاد عن المجال الحضري وتغيير الموقع الحالي (مديونة) الموجود بمحاذاة الطرق الرابطة بين المجالات الحضرية والمطار الدولي وغابة بوسكورة، والانتقال الى المواقع المعتمدة قبل المخطط التوجيهي، أو القيام بتحيين هذا المخطط بتبني مواقع ملائمة تبتعد عن المجال الحضري بمسافة 25 كيلومترا على الأقل، في احترام لمقتضيات قانون 28.00 لتدبير النفايات. ومن بين الحلول الأخرى التي طرحها الخبير، اعتماد مبدأ التدرج في تبني التجارب، وتجنب اللجوء إلى تقنيات معالجة، غير مضمونة النتائج ولا تعرف مدى ملاءمتها للنفايات المغربية.