أوراق من ذاكرة رويشة :

الفنان العصامي أو فريد الأطلس لم يتعلم محمد رويشة أو فريد الأطلس فن العزف في معهد بلدي للموسيقى أو تتلمذ على يد أستاذ كان يلازمه.. وإن كان لا يخفي تأثره بالرواد، وعلى رأسهم حمو أوليازيد.. وعصاميته هذه أكد عليها بطريقتين: حين سأله أحد الإعلاميين الإذاعيين، عقب وصول متسابقي الدراجات إلى خنيفرة في ثمانينات القرن الماضي، وقد نصبت خيمة للبث الإذاعي بثانوية فاطمة الزهراء: ماذا تعني كلمة رويشة ؟ فكان جوابه: هذا اسمي الفني، والكلمة أمازيغية تعني في مقطعها الأول "روي" اخلط، وفي مقطعها الثاني "شة" شيئا .. وهذا في المحصلة يعني أن فني قائم على الدمج، والخلط بين مجموعة من الأنغام التي يحفل بها الوطن.ونستحضر جلساتنا الحميمية معه، حين كان يمتعنا في خلوته بغرفته العلوية، بمجموعة من المعزوفات، ويسمي أصحابها .. فكان يعزف، ويقول هذه فيها جوانب من المايسترو حمو أوليازيد.. وهذه طريقة عزف "باصطوف نعينعة"، وهي من العيطة المرساوية . وهذا بعض من عزف بوزكري عمران.. وتلك أنغام أحمد الويسكي .. ومن هؤلاء وغيرهم غرفت ومزجت لأخرج بعزفي المتميز عنهم جميعا.الطريقة الثانية التي أكد بها عصاميته، أنه في يوم من أيام اكتوبر 1988 زارته هيأة تحرير جريدة "إكسبريس مكناس الجهوية" .. وأجرى معه مديرها حوارا مطولا بالصورة والصوت .. كان أن طرح عليه سؤالا استفزازيا يقول فيه: يتهمونك بالتلقائية في عزفك؟ فكان رده بسرعة البديهة: قل أيها الأستاذ الكبير، من أي معهد تخرج زرياب، وهو موسيقار عظيم ؟لحظتها لم يتمالك مدير الجريدة الجهوية نفسه، فأوقف التصوير، وتوجه إلى محمد رويشة يقبل رأسه، وهو يردد: لقد أفحمتني لقد أفحمتني..وكان تعليق المرحوم محمد رويشة: أنا أعتز بأني فنان عصامي، وما وصلت إليه ليس هو النهاية، بل اعتبره البداية، وكما أقول دائما "الراي شوار"، فأنا أستفيد من الناس وآرائهم.ما لا يعرفه الكثير من عشاق الفنان الراحل، أن أول حفل ساهر بالمعنى الدقيق للكلمة، مؤدى عنه باتفاق، كان بقرية كروشن سنة 1962 ، وذلك أثناء حفل زفاف نظمته عائلة اليوسفي لأحد أبنائها.لقد كانت هذه المناسبة، الفرصة التي جمعته برفيق دربه ضابط الإيقاع مولود حموشي، والذي جاء لحظتها إلى مكان الحفل نفسه قادما من قرية أغبالو. ويؤكد لنا "با مولود" كما كان يحلو للمرحوم أن يناديه دائما، أنه كان إلى جانب محمد رويشة في حفل الزفاف، فضلا عن وجود بوعزان مينة ومحمد بنعدي.ويروي أحد أصدقاء المرحوم محمد رويشة، مولاي احماد العلوي المحمدي، مندوب الشرفاء العلويين بالمملكة الشريفة بإقليم خنيفرة والمستقر بالقباب "إن محمد رويشة في الستينات، كان يحيي ليالي وترية صامتة وغنائية في حضرة الأصدقاء .. وكان يستلذ بتلك اللقاءات التي كان شعارها الإمتاع والمؤانسة، وليس البحث عن موقع قدم أو مال".وتعتبر سنة 1964 العلامة الفارقة في مسار رويشة الفني، ذلك أن محمد شراف، لاعب كرة القدم في الفريق الخنيفري المحلي، كان مهتما بهذا الطفل الفنان، وكان يتعهده بالعناية والتوجيه وتنبأ له بمستقبل واعد.ويعتبر محمد شراف، هو من سهل ويسر لمحمد رويشة ولوج القسم الأمازيغي بالإذاعة الوطنية بالرباط، لتعقب هذه الخطوة عملية تسجيل أول شريط غنائي له بالدار البيضاء.وهكذا، بدأ نجم محمد رويشة يسطع في سماء الفن الشعبي المغربي، وبدأت شركات تسجيل الأسطوانات تتهافت عليه .. وهو ما سيفضي به إلى التعاقد مع شركة "تيشكافون" التي كان يديرها الحاج حسن..وأصبح رويشة مطلوبا لإحياء حفلات خاصة للأسر والعائلات، كما كان يطلب لإحياء حفلات عامة في مناسبات وطنية .. لكن قبل محطة النجومية، كان رحمه الله يدرك أن طريقه ليس مفروشا بالورود، بقدر ما هو طريق ملغوم. إعداد: أحمد هيبة

أوراق من ذاكرة رويشة :

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جوهـرة يحتفـي بإفريقيـا

مقالب وطرائف "المقدمين" : نجاة من موت محقق...

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات