مهمة الناطق الرسمي ليست قراءة البلاغات بل شرح السياسات والقرارات الحكومية الدكتور خالد الشرقاوي السموني (*) يعتبر تبادل المعلومات بين الحكومة والمواطنين، في أي بلد، جزءا أساسيا من الحكامة الديمقراطية وأداة فعالة في تحسين صنع السياسات، كما أنه بفضل التكنولوجيا الرقمية، أصبح التواصل سهلا وفعالا، بالنظر إلى المكانة المركزية التي تحظى بها وسائل التواصل الاجتماعي في الحياة اليومية للناس في وقتنا الحاضر. ولذلك، لابد من الاعتراف بأهمية التواصل الحكومي بشأن تنفيذ السياسات العمومية والمشاريع والبرامج، وأن انعدام التواصل الشفاف له تداعيات كبيرة على ثقة المواطنين في الحكومة. فقد أدركت كثير من الحكومات أهمية توظيف الاتصال بالفاعلية المطلوبة لتحقيق أقصى المكاسب المتمثلة عموما في الحفاظ على صورتها الإيجابية لدى المواطنين ووسائل الإعلام ومحو أي انطباع سلبي قد يظهر. ومن بين المؤاخذات على الحكومة الحالية ضعف التواصل بينها و بين المواطنين، إذ يغيب في كثير من الأحيان التوفر على المعلومة من قبل الرأي العام بخصوص بعض الأمور التي تهم قضايا اجتماعية أو اقتصادية و غيرها، إذ يجد المواطن نفسه محاطا بالعديد من الأسئلة وفي حيرة من أمره، مردها عدم الإحاطة اللازمة بخصوص قرارات تهم قضايا اجتماعية حساسة ، كالزيادة في الاسعار، والرفع من سن التقاعد وملف المحروقات ، واستيراد بعض المواد من الخارج، و ملف التشغيل و التغطية الاجتماعية، ... إلخ . ربما اتخذت بشأنها الحكومة تدابير أو تنوي اتخاذها، لكن لم يطلع عليها المواطن، وبالتالي يترتب عن ذلك سوء فهم وردود فعل قوية وتنديد أحيانا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو القيام بحركات اجتماعية. ورغم المجهودات التي تقوم بها الحكومة في مجال تنفيذ السياسات العمومية، وما التزمت به في برنامجها الحكومي، إلا أن ضعف تواصلها مع الرأي العام يوحي كذلك بضعف أدائها . فحسب استطلاعات الرأي، فإن نسبة كبيرة من المغاربة غير راضية عن تواصل الحكومة الحالية، خاصة لدى فئة الشباب. وحتى الناطق الرسمي للحكومة، في ندوته الأسبوعية، لا يقدم ما يلزم من معلومات كافية و شاملة في أجوبته عن أسئلة وسائل الإعلام، فتبقى عدة أسئلة بدون جواب أو جواب غير مكتمل أو يلفه الغموض، وفي غياب المعلومة أو عدم الحصول عليها، تنتشر معلومات مغلوطة عبر فضاءات التواصل الاجتماعي، بقصد أو بغير قصد، تزيد من الاحتقان والضبابية في تفسير الكثير من الأحداث والقضايا الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية أحيانا . فمهمة الناطق الرسمي ليست شخصية تلقي البلاغات والبيانات الرسمية على وسائل الإعلام فحسب، بل إنها العقل الإعلامي الذي يمتلك المهارات المتنوعة لتوصيل المعلومة للصحافة والرأي العام، و كذلك شرح السياسات والقرارات الحكومية. إن ضعف التواصل الحكومي وغيابه أحيانا، من شأنه إثارة التوترات باستمرار، و نشر الأخبار الزائفة بشكل هائل، خاصة مع التطور الكبير الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا ما يجب أن تنتبه إليه الحكومة، وخاصة مؤسسة الناطق الرسمي . (*) مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية