الاحتفاء بأبناء الأقاليم الجنوبية وعرض فيلم صحراوي لأول مرة توج بجائزة لجنة التحكيم كانت أقوى لحظات حفل اختتام الدورة 11 من مهرجان الفيلم بالداخلة، لحظة الإعلان عن تتويج فيلم "صحاري، سلم وسعى"، أول فيلم صحراوي يعرض في مهرجان مغربي، والذي حصل على جائزة لجنة التحكيم، وتسلمها مخرجه الشاب مولاي الطيب بوحنانة، متأثرا إلى درجة البكاء، وسط تصفيقات الجمهور وزغاريد سكان المنطقة الذين حضروا فعاليات المهرجان. المهرجان، اختار هذه السنة، الانفتاح على أفلام إفريقيا جنوب الصحراء، سواء على مستوى الأعمال المشاركة في مسابقتيه للأفلام الطويلة والقصيرة، أو على مستوى اختيار بعض أعضاء لجنة التحكيم، إضافة إلى ضيوف الدورة 11، التي منحت جائزتها الكبرى لفيلم "طامبيلي"، للمخرج موريس موجيشا، من أوغندا. في الورقة التالية، عرض لأهم ما عرفته الدورة 11 من مهرجان الفيلم بالداخلة، التظاهرة السينمائية الوحيدة المنظمة بالداخلة وبالأقاليم الجنوبية للمملكة. إنجاز: نورا الفواري كما هي العادة، لم يخرج مهرجان الفيلم بالداخلة عن القاعدة. وكانت حرارة الاستقبال وكرم الضيافة، عنوانا رئيسيا لدورته 11، التي استضافت عددا كبيرا من الفنانين والضيوف من المغرب ومن خارجه، للاحتفاء بالسينما في تظاهرة هي الوحيدة من نوعها في المدينة، وفي الأقاليم الجنوبية عموما. وإضافة إلى عروض الأفلام، سواء ضمن مسابقتي الأفلام القصيرة والطويلة، أو خلال حفلي الافتتاح والاختتام، عرفت الدورة 11 من المهرجان، العديد من الأوراش والندوات التي أطرها نقاد ومخرجون سينمائيون، من بينها ورشة في مجال الإخراج تحت إشراف داوود ولاد السيد، وأخرى في مجال التشخيص، تحت إشراف الممثل سعيد باي، وندوة حول "الفضاء الصحراوي والبدوي في الفيلم الوثائقي" سيرها الناقد والكاتب محمد شويكة. أبناء الصحراء في الواجهة احتفت الدورة بسينمائيين من الأقاليم الجنوبية، وعرفت الجمهور بهم. ويتعلق الأمر بالمخرج والكاتب الغالي اكريميش، ابن الداخلة، الذي بدأ مساره في 2007، من خلال سلسلة أفلام وثائقية حول حواضر الصحراء، قبل أن يخرج إلى الوجود أول فيلم قصير له تحت عنوان "الطريق إلى الديدان"، الحاصل على الجائزة الكبرى بمهرجان الأنوار في تونس، ثم فيلم "أبناء الرمال"، الحاصل على الجائزة الكبرى بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، إضافة إلى فيلمه الوثائقي "إكسير الرمال"، إضافة إلى المخرج والكاتب سالم بلال، ابن طانطان، صاحب الفيلم الوثائقي "صرة الصيف"، الحاصل على جائزة "الفيبريسي" بمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية بمصر في 2022 وجائزة العمل الأول بمهرجان تطوان الدولي لأفلام البحر الأبيض المتوسط في السنة نفسها، والجائزة الجامعية للإبداع بمهرجان الرباط للفيلم الوثائقي الإفريقي بالرباط في 2023. ومن بين المحتفى بهم أيضا من أبناء المنطقة، الممثل والمخرج سيدي أحمد شكاف، رئيس الفرقة المسرحية "روافد المسرح الاحترافي بالداخلة"، الذي ابتدأ مساره في التسعينات وفي رصيده أكثر من 50 عرضا مسرحيا، إلى جانب جواد بابيلي، المخرج والمراسل لعدة قنوات تلفزيونية عربية في المنطقة، والذي يشتغل بمقاربة سينمائية مستلهمة من الشعر. وقد حاز فيلمه الأخير "لعزيب" على عدد من الجوائز. القضية الوطنية حاضرة بقوة كان عرض فيلم "صحاري، سلم وسعى"، للمخرج الصحراوي الشاب والواعد مولاي الطيب بوحنانة، أقوى لحظات الدورة، إذ يعتبر الفيلم أول عمل سينمائي صحراوي يعرض في المغرب عموما، وفي الداخلة والأقاليم الجنوبية على وجه الخصوص، رغم أنه جال العديد من المهرجانات وحصل على جوائز في الهند والأرجنتين، قبل أن يتوج بجائزة لجنة التحكيم لمسابقة الفيلم الطويل، في الدورة 11 من مهرجان الفيلم بالداخلة، بعد أن تأثر أعضاء اللجنة بالمعاناة الإنسانية التي يرصدها الفيلم، الذي يحكي قصة حقيقية لمخرجه، بطلها والده وأعمامه. ويحكي الفيلم قصة ثلاثة إخوة من العيون، اضطروا إلى اختيار ثلاثة مسارات مختلفة، بعد المسيرة الخضراء وخروج المستعمر الإسباني من الصحراء المغربية، أحدهم مدافع عن الوحدة الترابية، اختار الاستقرار في أرض الوطن، في حين التحقت شقيقته بمخيمات تندوف بالجزائر، واختار شقيقهم الثالث الحياد، وسافر إلى موريتانيا. وظل الثلاثة، رغم بعد المسافة، يعيشون على الذكريات والحنين إلى اللقاء بينهم، قبل أن يتحقق الحلم ويلتئم الشمل بينهم، بعد أن قسمهم الصراع الذي دام أكثر من 45 سنة. وهي قصة العديد من العائلات الصحراوية، التي كانت لها المعاناة نفسها وعرفت المصير ذاته. الفيلم، الذي قضى المخرج ست سنوات في الإعداد له، من بطولة فنانين صحراويين يتقنون اللهجة الحسانية، من بينهم يوسف التاقي وعلية الطوير ومحمد بو الشايت وسالم بلال ومصطفى التوبالي ومحمد الغيث كين، إضافة إلى محمد خيي وراوية ونادية كوندا وأنس الباز. تتويج إفريقي حصل فيلم "طامبيلي" لموريس موجيشا من أوغندا، على الجائزة الكبرى للداخلة، في حين حصل سعد موفق على جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم "العبد" لعبد الإله الجوهري، في حين حصلت بطلات الفيلم الكونغولي "مايوبا" على جائزة التمثيل ومنحت لجنة تحكيم الأفلام الطويلة تنويها خاصا لفيلم "أماني" لأحمد طواويل، من جزر القمر. أما الجائزة الكبرى الخاصة بالفيلم القصير، فحصل عليها فيلم "أستيل" لراماطا طولاي سي من السنغال، في حين حصل فيلم "75 ألف دولار" لمواس توغو من مالي على جائزة أحسن إخراج، وتوج فيلم "الحكاية" للمغربي محمد بوحاري بجائزة أحسن سيناريو. زيارة فنية للسجن المحلي من بين أقوى لحظات الدورة أيضا، الزيارة التي قام بها أبطال مسلسل "كاينة ظروف" إلى السجن المحلي للداخلة، ولقاءهم بالنزيلات والنزلاء الذين تبادلوا معهم أطراف الحديث، وعرضوا أمامهم مقتطفات من العمل الذي عرف نجاحا جماهيريا كبيرا خلال عرضه في رمضان الماضي على شاشة "الأولى"، ويحكي قصة ثلاث نساء رمت بهن ظروف مختلفة بالسجن وكيف ربطن علاقة صداقة متينة بينهن وبين عدد من السجينات، وكيف تمكن من عبور هذه التجربة بسلام وإعادة بناء حياتهن والاندماج بنجاح في المجتمع من جديد. الزيارة أيضا عرفت عرض الفيلم الطويل "كنبغيك طلقني" للمخرج ادريس الروخ، بقاعة العروض التابعة للسجن المحلي. وهي الأنشطة التي عرفت تفاعلا كبيرا وترحيبا من قبل إدارة السجن والنزلاء والنزيلات. كواليس الحلاق تعرضت الممثلة نرجس الحلاق، لعارض صحي استدعى نقلها على وجه السرعة إلى أحد مستشفيات الداخلة، قبل أن تنتقل إلى العيون في رحلة دامت 5 ساعات لغياب المعدات الطبية اللازمة، من أجل تشخيص حالتها، بعد إحساسها بآلام حادة في ظهرها، قبل أن ينتقل الألم إلى القلب، وهو ما منعها من حضور الاختتام. وشوهدت الحلاق مع زوجها السابق المهدي فولان، الذي يحضر أيضا فعاليات المهرجان، وهو ما رجح إمكانية عودتهما بعد طلاقهما ونزاعاتهما على "أنستغرام" ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد مشاركتهما الأخيرة في سلسلة "ديرو النية"، الذي عرض في الموسم الرمضاني الماضي. رسميون غابت الشخصيات الرسمية، وعلى رأسها والي الداخلة لامين بنعمر ورئيس الجهة الخطاط ينجا، أو من ينوب عنهما، عن فعاليات حفل الاختتام، رغم حضورهما حفل الافتتاح وتسليمهما جوائز للفنانين المكرمين. وفي الوقت الذي رجحت مصادر أن تكون للأمر علاقة بموقف من المهرجان ومنظميه، أكد مصدر جيد الاطلاع، أنهم كانوا في اجتماع رسمي ترأسته فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة، التي كانت في زيارة إلى المدينة، تزامنا مع فعاليات انعقاد المهرجان. سياحة شوهدت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة في حكومة أخنوش، في الحفل الساهر الذي نظمه فندق "تولوم" بالداخلة، وأحياه الفنان اللبناني رياض العمر، وسط حضور قوي من عشاق السهر من البيضاء والرباط، بمناسبة افتتاح "الشيرينغيتو" الخاص بالمنتجع الفندقي الجديد، الذي يمتد على مساحة 4 هكتارات، ويوجد على رأسه رجل الأعمال والمستثمر المغربي كريم بناني. الفندق نفسه، أقامت به الفنانة رانيا فريد شوقي وزوجها، التي تم تكريمها في الدورة 11 من المهرجان. الخمليشي أثار فستان الممثلة أسماء الخمليشي، الذي ارتدته بمناسبة تكريمها في حفل افتتاح المهرجان، الذي أقيم في قصر المؤتمرات بالداخلة، إعجاب العديد من الحاضرين، إذ اختارت الممثلة، المعروفة بأناقتها ولياقتها البدنية العالية، بدل "الملحفة"، الزي التقليدي للصحراويات، فستانا مستوحى من "الدراعة"، الزي التقليدي الصحراوي للرجال، أضافت عليه لمسة عصرية أنثوية مبتكرة. وفي الوقت الذي كانت الخمليشي ذكية في اختيارها، الذي جمع بين الأناقة والاحتشام، في سياق تكريم في مدينة صحراوية عرف أهلها بلباسهم المحافظ، فضلت سناء العلوي، الممثلة وعضوة لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الطويل، فستانا أحمر عاريا من منطقة الصدر، وكأنها تحضر مهرجانا في مراكش أو كان أو القاهرة. ضاضوس عرض فيلم "ضاضوس" للمخرج عبد الواحد مجاهد، مرتين خلال انعقاد فعاليات الدورة 11 من مهرجان الفيلم بالداخلة، مرة في حفل الافتتاح، والثانية خلال حفل الاختتام. وهو الاختيار الذي عزاه المنظمون إلى الإقبال الكبير الذي عرفه العرض الأول، من قبل جمهور المدينة وسكانها، وهو ما دعا إلى التفكير في عرض ثان لمنح فرصة أخرى للذين لم يتمكنوا من مشاهدته. وشوهد مجاهد وحيدا أثناء انعقاد فعاليات المهرجان، بدون زوجته ابتسام العروسي، بطلة فيلمه، والتي تعودت على مرافقته إلى التظاهرة منذ السنوات الأولى لانعقادها، بعد طلاقهما أخيرا.