الباحث المتخصص في الشأن الإسباني أكد أن الخاسر الأكبر هو اليسار المتطرف أكد عبد الحميد بجوقي، الباحث المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، أن نتائج الانتخابات المحلية والجهوية بإسبانيا، والتي أعطت فوزا للحزب الشعبي، كانت هزيمة لتحالف اليسار أكثر منها انهزاما للحزب الاشتراكي العمالي. وأوضح بجوقي، في حوار مع "الصباح" أن لا خوف على العلاقات بين الرباط ومدريد، في حال عودة اليمين إلى الحكم، مؤكدا أن المغرب بات يشكل أولوية بالنسبة إلى الإسبان. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني/ تصوير (تطوان ميديا) كشفت نتائج الانتخابات البلدية والجهوية عن فوز الحزب الشعبي المعارض. كيف تقرؤون هذه النتائج في ظل تراجع التحالف الحكومي؟ انتهت الانتخابات الجهوية والمحلية بإسبانيا بفوز كبير، وغير منتظر للحزب الشعبي المعارض، بالخصوص، وهي انتخابات كانت بمثابة الدور الأول للانتخابات التشريعية المقبلة، إذ كان السجال السياسي خلال الحملة الانتخابية، وطنيا أكثر منه محليا وجهويا. وللتدقيق، فهذه النتائج سلبية بالنسبة إلى اليسار، الذي يوجد على يسار الحزب الاشتراكي العمالي، وأقصد تحالف اليسار الذي يشكل مع سانشيز الحكومة الائتلافية. أما الحزب الاشتراكي، فقد حافظ على مقاعده، بل أضاف مقاعد جديدة في بعض الجهات. ويمكن القول إن الهزيمة هي هزيمة التحالف، وليست هزيمة الحزب الاشتراكي العمالي. هل يمكن أن تشكل هزيمة الانتخابات المحلية مقدمة لهزيمة تحالف اليسار في انتخابات 23 يوليوز؟ يجب الأخذ بعين الاعتبار أن بيدرو سانشيز، سيتولى رئاسة الاتحاد الأوربي، ابتداء من يونيو الجاري، وهذه كلها عناصر في صالح الحزب الاشتراكي العمالي، لكي يخوض أثناءها غمار الانتخابات التشريعية، وإعطاء فرصة جديدة لتحالف اليسار لترتيب أوراقه الداخلية وتسوية نزاعات اليسار، والتي كانت سببا في هذه الهزيمة، فحزب "بوديموس" اندحر في مدريد، التي ولد فيها، وفي العديد من الجهات والمدن، كما أن الحزب الشعبي لم يستطع دخول كاطالونيا والباسك، وهي جهات تاريخيا ظلت عصية على اليمين، ولم يستطع أن يجد له موطئ قدم فيها منذ مدة طويلة. وهذه كلها معطيات تؤكد أن الانتخابات المقبلة ستكون حامية الوطيس. لمن ترجح الكفة خلال الانتخابات التشريعية المقبلة؟ أرى أن استطلاعات الرأي اليوم، وإن كانت لا تعطي دائما النتائج الحقيقية، فهي تفيد أن الحزب الشعبي قد يكون فائزا، لكن لن يشكل بمفرده الحكومة المقبلة، بل بتحالف مع حزب بوكس اليميني المتطرف. أرى أن قرار إجراء انتخابات في يوليوز خطوة جريئة، وربما سيشكل استفتاء لحكومة سانشيز وشخصه، وهذا ما يزعج اليمين، الذي فوجئ بقرار حل البرلمان وتنظيم انتخابات في أقرب الآجال. إن الانتخابات التشريعية المقبلة ستجرى أثناء تشكيل الحكومات الجهوية، والحزب الشعبي يريد أن يظهر أنه ليس رهينة في يد اليمين المتطرف، لكنه ملزم بتشكيل الحكومات الجهوية، وبعض البلديات بالتحالف معه. وقد صرح "بوكس" بشكل واضح أنه لن يدعم سوى حكومة برئاسة الحزب الشعبي، بل يريد موقعا في الحكومات الجهوية، وهذا سيحرج كثيرا الحزب الشعبي. كيف تقرؤون مستقبل الانتخابات التشريعية في ظل هذه النتائج؟ صحيح أن بعض المحللين يرون في النتائج تراجعا للحزب الاشتراكي، إلا أن حقيقة الأرقام تؤكد أن انتصار الحزب الشعبي كان فقط بـ 700 ألف صوت، وهذا معناه أن المنهزم هو تحالف اليسار، الذي يعاني مشاكل داخلية قوية، أثرت بشكل مباشر على الحزب الاشتراكي العمالي. ويمكن القول إن الخاسر الأكبر هو "بوديموس" وباقي حساسيات اليسار الأخرى، في بعض الجهات، التي فقد فيها الحزب الاشتراكي مع حليفه بلديات فالنسيا وبرشلونة واشبيلية، وهي تاريخيا معقل الاشتراكيين. إنها في رأيي هزيمة اليسار المتحالف مع الحزب الاشتراكي العمالي. في حال تحالف الحزب الشعبى مع "بوكس" اليميني، ألا تتخوفون من تهديد المصالح المغربية التي تعززت في ظل حكم شانسيز؟ تشكيل الحزب الشعبي للحكومة بتحالف مع اليمين المتطرف، لن يؤثر في تقديري على العلاقات مع المغرب، ولا في القرارات الإستراتيجية، التي اتخذتها حكومة اليسار برئاسة بيدرو سانشيز. ولا يمكن أن يتم ذلك خصوصا أمام زعيم الحزب الشعبي المعروف باعتداله ووسطيته، وحنكته السياسية، فقد كان رئيسا لحكومة جهة غاليسيا لأربع ولايات، وهو تلميذ نجيب لمؤسس الحزب الشعبي، الذي كان يسمى التحالف الشعبي، وهو شخصية أكثر قوة من راخوي، ومعروف عنه، أيضا أنه شخصية لها محيط مهم وإيجابي، من قبيل شخصيات تربطها علاقات طيبة مع المغرب. هذه كلها عناصر تؤكد أن السياسة الخارجية لحكومة اليمين المرتقبة، برئاسة الحزب الشعبي، ستستمر كما كانت على عهد الحزب الاشتراكي العمالي، خاصة مع المغرب. ما هي الرسائل التي يجب على الدبلوماسية المغربية التقاطها من هذه النتائج؟ اعتقد أن أهم الرسائل التي يجب على الحكومة المغربية التقاطها من نتائج الانتخابات المحلية بإسبانيا، هي أن العلاقات مع الدولة الإسبانية، وقبل الانتخابات التشريعية المرتقبة، يجب أن تكون علاقات دولة، ويجب ألا ننسى أن المغرب بالنسبة إلى إسبانيا أولوية، كما عبر عن ذلك تقرير معهد "الكانو" للدراسات الإستراتيجية، والذي أكد أن المغرب يبقى أولوية للشعب الإسباني. ومهما كانت مواقف بوكس اليميني، من بعض القضايا مثل الهجرة غير القانونية، لكنه لن يكون في تناقض مع مصالح إسبانيا الإستراتيجية في المغرب، سواء الاقتصادية والتجارية والأمنية. الثقافة صمام الأمان ما هي الملفات التي يجب على الرباط الاشتغال عليها مع الحكومة الإسبانية المقبلة، بغض النظر عن مكوناتها؟ أظن أن الملفات القائمة حاليا بين البلدين، يجب أن يستمر العمل عليها، خصوصا بعد لقاء القمة بين الحكومتين، والذي تم خلاله التوقيع على ما يقرب من 20 اتفاقية، كلها أساسية، وتهم الأمن والاقتصاد والتجارة والثقافة والتربية، وهذه ملفات تعرف اليوم نشاطا مهما في الضفتين، وهناك اهتمام من قبل النخب الإسبانية بها على اختلافها وتنوعها، لكن تبقى القضايا الثقافية، هي صمام الأمان لاستمرار وتقارب الرؤى بين الشعبين الجارين. فلا يكفي تفاهم الدولتين والحكومتين، بل يجب تعزيز التقارب بين الشعبين، من خلال العمل الثقافي القائم والمستمر منذ عقود. في سطور < من مواليد 1961 بمارتيل < كاتب وروائي < ناشط مدني سابقا في الهجرة بإسبانيا < مؤسس حركة الاشتراكيين الديمقراطيين المغاربة بإسبانيا < ومؤسس جمعية "أتيمي" للمهاجرين باسبانيا. < صدرت له العديد من المؤلفات