المستهلـك ضحيـة القـروض

مديح قال إن هناك مشروع قانون لتعديل بعض بنود الاقتراض اعتبر وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، أن المستهلك ضحية القروض، إذ تعد وسيلة خطيرة إذا لم يحسن استغلاها. عن علاقة المستهلك بالقروض ومحاور أخرى، يتحدث مديح لـ"الصباح" في الحوار التالي: أجرت الحوار: أمينة كندي تعتبر القروض من بين الحلول لمواجهة المستهلك أزمات اقتصادية، فما تعليقك؟ > صحيح، هناك شريحة كبيرة من المغاربة يلجؤون إلى القروض لمواجهة أزماتهم الاقتصادية، خاصة أنه في الوقت الراهن عرفت كثير من المواد الاستهلاكية ارتفاعا في أسعارها. والقروض تعد حلا حتى يحافظ الشخص على التوازن في حياته مادامت ليست له موارد مالية أخرى. وتبقى مديونية الاستهلاك حاضرة بقوة في الآونة الأخيرة، لأن المغرب كجميع الدول له نهج اقتصادي ليبرالي حتى يفتح المجال أمام المستهلك للاستفادة من القروض وتوفير إمكانيات يكون في حاجة إليها. إلا أنه عند الاستفادة من القرض ينبغي استغلاله أحسن استغلال. والعيب ليس أن يحصل المستهلك على القروض، لكن العيب حين يعتبر أنها نقوده. ومادام المستهلك لم يؤد الأقساط بعد لا يمكن أن يعتبر الأمر كذلك. ولهذا ففلسفة القروض الاستهلاكية تتجلى في منح فرصة للمستهلك لتجاوز الأزمة، لكنها مع الأسف في أغلب الحالات تعد وسيلة خطيرة عليه في غياب التعامل ببعد نظر والأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يحدث مستقبلا من مشاكل تحول دون تسديده. وإلى جانب ذلك فإن المستهلك لا يكتفي بقرض واحد، بل قد يلجأ إلى عدة قروض في الآن ذاته. ما هي التدابير القانونية المعتمدة لحماية المستهلك؟ > كان مجال منح القروض الاستهلاكية يعرف فوضى كبيرة جدا، إلا أنه مع إصدار قانون 31.08 سنة 2011، تم وضع مجموعة من التدابير حماية للمستهلك لوضع حد للتعامل الأحادي للبنوك وحتى يكون للمستهلك خيار بعد أن كان مجبرا على التوقيع على عقد يضمنه المورد، ما يراه مناسبا لمصلحته الاقتصادية. وبعد أن سجل المشرع خللا في مجال القروض الاستهلاكية، أصدر قانونا بمقتضيات قانونية منها إشهار القروض. ورغم أنه لم يعد هناك مشكل من الناحية القانونية، إلا أنه عمليا سجل عدم احترام بعض الشركات للمقتضيات القانونية. وفي إطار القانون ذاته فإن العقد لم يعد بابا مفتوحا ليضع كل مورد (بنوك وشركات القروض) ما يراه مناسبا لمصالحه، وإنما بات مقيدا بمقتضيات يجب احترامها. ومنذ 2011 أصبح للمستهلك الحق قبل أخذ مهلة سبعة أيام للاطلاع على بنود العقد، الذي أطلق عليه اسم العقد المبدئي، قبل توقيعه خلافا لما كان معمولا به من قبل، حيث يتم استغلال الحاجة إلى القرض لتوقيع العقد دون قراءته. وجاء هذا القانون لأن المشرع يعتبر أن المورد يستغل ضعف المستهلك من الناحية المالية والمعرفية، وبالتالي كان من الضروري حمايته. أحيانا تكون الفوائد البنكية مرتفعة جدا، فما التدابير المتخذة لتخفيف عبئها عن المستهلك؟ > تختلف الفوائد البنكية من مؤسسة إلى أخرى، كما تختلف باختلاف مدة القرض (قصيرة لا تتجاوز سنتين، ومتوسطة تصل إلى غاية ثماني سنوات أو طويلة المدى). وبما أن هناك منافسة في إطار خضوع القروض للعرض والطلب، فإن هناك إمكانية للمستهلك قبل الاقتراض الاطلاع على عدة عروض مقدمة من قبل الموردين واختيار أفضل ما يناسبه من حيث الفائدة. وبما أن المشرع منح المستهلك مدة سبعة أيام للاطلاع على العقد قبل توقيعه، فإنه يمكن أن يطرق باب عدة مؤسسات بنكية للتفاوض بشأن الفائدة. ولقد أعطى المشرع للمستهلك الحق في التراجع، إذا لاحظ أن نسبة الفائدة مرتفعة جدا حتى بعد توقيعه العقد، بعد أن لاحظ أنه عرضة للسياسات البنكية. هل يحتاج القانون الحالي إلى تعديل؟ > أكيد مازال هناك خلل يعانيه المستهلك في مجال القروض الاستهلاكية. وحاليا هناك مشروع قانون تم عرضه على الكتابة العامة للحكومة لتعديل بعض البنود المرتبطة بمجال الاستدانة. يتم الترويج حاليا لقروض عيد الأضحى وبعد فترة قصيرة سيتم الترويج لعروض الاقتراض لقضاء العطلة الصيفية، فما رأيكم؟ > إن المستهلك الذي يتوجه إلى المؤسسات البنكية للاقتراض، غالبا ما يكون في حاجة إلى المال لتسديد مصاريف معينة، كما أن مناسبات معينة منها عيد الأضحى والعطلة الصيفية والدخول المدرسي تتطلب توفير إمكانيات مالية لها. ولهذا يجد المستهلك نفسه وسط دائرة القروض، إذ يضطر مع كل مناسبة لأخذ قرض لينضاف إلى قرض سابق. ويبقى المورد بمثابة تاجر لا يتعامل بالعاطفة هدفه الربح، بينما المستهلك يكون في وضعية هشة، إلى درجة أن بعض الحالات تلجأ إلى تزوير الوثائق للتمكن من الحصول على قرض ينضاف إلى قرض سابق، وهذا أمر خطير في غياب آليات تمنع ذلك. هل يمكن القول إن المستهلك ضحية؟ > غالبا ما يعتبر المستهلك ضحية للمورد، نتيجة إغرائه بإشهارات وغيرها واستغلال مناسبات لجعله يطرق أبواب البنوك بهدف الاقتراض. والزبائن الذين يعملون في القطاع العام ويتم اقتطاع أقساط القروض من الجهة المشغلة يعتبرون «المفضلين» لأن عملية استرداد القرض تعتبر مؤمنة، كما أنه تقدم تسهيلات كثيرة لفائدتهم إلى درجة أن بعض الحالات يمكن السماح فيها للمستهلك بأخذ أكثر من قرض ولا يتبقى من أجره سوى أربعين في المائة، ما يجعله يواجه مشاكل كثيرة. ومن جهة أخرى، فإن الموردين لا يمنحون المستهلكين نسخا من العقود، وهو خلل ينبغي تجاوزه. يجد البعض صعوبة في تسديد القروض نتيجة ظروف معينة، فما هي التدابير المتخذة؟ > بما أن كل مستهلك يجهل ما يمكن أن يحدث في المستقبل ومع إمكانية حدوث أمور غير متوقعة مثل فقدان العمل أو الطرد منه أو مشاكل اجتماعية، فإن المشرع المغربي يمنحه الحق في تأخير تسديد القروض، من خلال تقدمه بطلب الإمهال القضائي إلى رئيس المحكمة. وبعد الاطلاع على ملف المستهلك يتم إصدار قرار توقف الأداء لمدة قصوى حددها القانون في أربعة وعشرين شهرا. ما دور جامعتكم لحماية المستهلك؟ > إن القانون أعطى الحق للجمعيات التي تستجيب لشروط معينة في التقاضي وتتجلى في نقطتين، الأولى إذا كانت جمعية لها صفة منفعة عامة، والثانية إذا لم تكن تتوفر عليها فإنها تتوجه بطلب إلى وزارة العدل لمنحها الحق في ذلك. وجامعتنا سلكت هذا الباب الثاني وتم إعداد ملف بناء على عدة شروط وحصلنا على ترخيص بذلك في نونبر 2022 وصدر في الجريدة الرسمية يناير الماضي. وبالتالي أصبح لنا الحق في الدفاع عن حقوق المستهلكين بناء على دعاوى قضائية، باعتبارنا جامعة، أو دعاوى جارية أو طرف مدني، لدى قاضي التحقيق. ومن بين الحالات التي اشتغلنا عليها أن مستهلكين كان لهما المشكل نفسه مع المورد ذاته وترافعنا بدلا منهما. وبعد ملاحظة عدة مخالفات مست المستهلكين وجهنا تنبيها إلى ثلاث مؤسسات منها شركة واحدة استجابت، بينما مؤسستان بنكيتان لم تستجيبا بعد. في سطور - رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك - رئيس جمعية حماية المستهلك بالبيضاء - أستاذ زائر بجامعة خاصة بالبيضاء

المستهلـك ضحيـة القـروض

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عطلة الصيف بـ "الكريدي"

عيد الأضحى فرصة شركات التمويل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات