التقنية تساهم في توفير أزيد من 4 ملايين متر مكعب سنويا بمعدل استهلاك مدينة تضم 100 ألف نسمة دق خبراء ومهتمون بالشأن البيئي، أخيرا، ناقوس الخطر بخصوص وضعية الأمن المائي بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بعدما سجلوا نقصا كبيرا في مخزون الماء الصالح للشرب، الذي تقلص، خلال السنوات الخمس الأخيرة، إلى أدنى مستوياته، بسبب شح التساقطات المطرية وتراجع حجم المياه السطحية والجوفية. وشدد الخبراء على ضرورة إنجاز مجموعة من الاستثمارات في المجال لتغطية حاجيات سكان الجهة بالماء الشروب والماء المخصص للفلاحة والصناعة، سيما بعد أن أصبحت المنطقة قطبا صناعيا بارزا ومنصة عالمية للاستثمار في جميع القطاعات. ولسد حاجيات المنطقة من المادة الحيوية، اتجهت السلطات الجهوية والمحلية بطنجة وتطوان، إلى تعبئة الموارد المائية غير التقليدية، وركزت بالخصوص على تقنية استغلال المياه العادمة المعالجة في سقي المناطق الخضراء، بهدف توفير المياه الصالحة للشرب، وتوجيهها لتغطية حاجات الاستهلاك المنزلي بالأساس، ثم حاجات الوحدات الصناعية ثانيا. ويأتي هذا التدبير بعد أن سجلت السدود الكبرى بالجهة، خلال السنوات الأخيرة، نسبة ملء منخفضة لا تكفي لتغطية حاجيات كبريات حواضر الجهة، التي ما فتئت تتزايد على مر السنوات بفضل الدينامية التنموية التي تشهدها المنطقة. وبفضل الوعي المبكر بأهمية الاقتصاد في استهلاك المياه، حققت الجهة الريادة، وطنيا وقاريا، في إعادة استعمال المياه العادمة لسقي المناطق الخضراء، سواء بالتكتل العمراني لتطوان والمضيق-الفنيدق، أو بتكتل طنجة الكبرى (جماعتا طنجة واكزناية). ويرتقب أن تساهم هذه التقنية في توفير أزيد من 4.2 ملايين متر مكعب سنويا، ابتداء من 2023، أي ما يعادل استهلاك مدينة تضم 100 ألف نسمة، علما أن مساحة المناطق الخضراء المسقية بالمياه المعالجة بطنجة الكبرى وتطوان والمضيق الفنيدق، ينتظر أن تصل عند متم السنة الحالية إلى 630 هكتارا. ووفقا لمعطيات قدمتها شركة "أمانديس" المفوض لها تدبير توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بطنجة وتطوان، فإن المشروع تطلب من الشركاء بمدينة طنجة تعبئة استثمارات مهمة فاقت 415 مليون درهم، وهي كلفة مادية وبيئية غير مرتفعة، نظرا لأن سعر المتر المكعب من المياه المعالجة أقل بكثير من نظيره من المياه الصالحة للشرب، وتمت تعبئتها بتعاون بين مجلس جهة طنجة- تطوان- الحسيمة (34 مليون درهم) وجماعة طنجة وجماعة اكزناية (20 مليون درهم لكل منهما)، بينما تمت تعبئة 50 مليون درهم المتبقية من قبل الشركاء في البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة. وأوضح المصدر ذاته أن مشروع إعادة استعمال المياه العادمة شمل بناء محطة للمعالجة الثلاثية بمنطقة بوخالف، التي تنتج مياها بالجودة والمعايير المطلوبة في مياه الري، وتشمل المعالجة الفيزيائية عبر التخلص من الشوائب الصلبة والمواد العالقة كالدهون، ثم المعالجة البيولوجية عبر استعمال بكتيريا للتخلص من المواد العضوية، ثم المعالجة النهائية بإضافة الهواء والكلور لقتل البكتيريات المسببة للأمراض وزيادة نقاء الماء ليصبح في معايير مياه السقي. وتستغل المياه العادمة المعالجة في سقي المناطق الخضراء وملاعب الغولف والأشجار والنباتات الموجودة على قارعة الطرقات، التي تقع على طول طريق الرباط انطلاقا مـن المستشفى الجامعي، وصولا إلى شاطئ مرقالة وفيلا هاريس وطريق تطوان والمـطرح العمومي القديم، إذ يعتبر ذلك جيدا بالنسبة إلى البيئة، والحفاظ على الموارد المائية الصالحة للشرب، وكذا بالنسبة إلى الجماعات المحلية، التي ستتمكن من تقليص فاتورة المياه المستعملة في سقي الحدائق، خاصة في ظل التغيرات المناخية الحالية. وسبق للشركاء المؤسساتيين أن أعلنوا في مناسبات سابقة، عزمهم على مواصلة تنزيل هذه "الاستراتيجية الممتازة" خلال السنتين المقبلتين (2023 – 2024)، عبر تمديد قنوات الشبكة، والانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة لإطلاق مشروع بناء محطة معالجة ثالثة بمنطقة بكدور، بقدرة تصل إلى 18 ألف متر مكعب يوميا. المختار الرمشي (طنجة)