يتداول مهنيو الصيد البحري، منذ أيام، رسالة "شبه مجهولة"، موجهة إلى وزير الفلاحة والصيد البحري، ورئيس غرفة يناصب العداء للكاتبة العامة، تحمل توقيع رئيس جمعية غير معروفة بشكل كبير، في أوساط الفاعلين بالقطاع، تقدم، في ظاهرها، تشريحا لوضعية الصيد البحري، وتحمل في ثناياها نقدا لاذعا للكاتبة العامة، بعد تواتر أخبار غير رسمية عن قرب تعيينها كاتبة دولة في الصيد البحري، في حال إجراء تعديل حكومي، بات ضروريا، ومرتقبا أكثر من أي وقت مضى. وتناولت الرسالة المطولة (15 صفحة)، معلومات وأرقاما صادمة وفي غاية الخطورة، إذا ما تأكدت صحتها، تشير، بالواضح والملموس، إلى "خروقات وإخلالات بالقانون تستوجب الإسراع بفتح تحقيقات من قبل رئاسة النيابة العامة، دون انتظار شكايات من المعنيين بها، والذين ذكرت أسماؤهم تصريحا وتلميحا، سواء من الفاعلين الاقتصاديين في القطاع، أو من موظفي الوزارة"، يقول مهني فضل عدم الكشف عن هويته. وزاد المتحدث نفسه أن مضامين الرسالة المطولة، التي لم تخرج عن نطاق المجموعات المهنية في تطبيق التراسل الفوري (واتساب)، لا يجب أن تمر مرور الكرام، لأنها "تسيء إلى قطاع حيوي، يشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ويشهد، منذ سنوات، فترات من الصراع الخفي والظاهر بين مكوناته"، داعيا المعنيين بها إلى تقديم شكايات ضد أصحابها. في السياق ذاته، ارتفعت أصوات عديدة في أوساط المهنيين تطالب بالتحقيق مع محرري الرسالة وكشف هوياتهم، للإدلاء بما يؤكد اتهاماتهم. من جهة ثانية، اعتبر مصدر موثوق، أطلعته "الصباح" على الرسالة المذكورة، أن "هذا الأسلوب في إيصال المعلومة إلى المسؤولين يعد طريقة جديدة لتعويض الرسائل المجهولة، التي كان معمولا بها في وقت مضى"، مضيفا أن أصحاب هذا التقرير "لم يحبكوا فيلمهم جيدا، ما يرجح وجود نية لانتحال صفة، قصد ابتزاز إدارة عمومية والضغط عليها لمنافع خاصة" على حد قوله. ولم يتسن لـ "الصباح" الاتصال بالجمعية صاحبة الرسالة، لغياب أي رقم هاتفي أو بريد إلكتروني عليها. من جهته، قال إطار جمعوي بقطاع الصيد البحري، خبر المجال منذ أزيد من ثلاثين سنة، إن "كمية الخروقات المرصودة بالرسالة، بتواريخها وأسماء المسؤولين عنها، تضع أصحاب التقرير أمام شبهة التستر على وقائع تشكل جرائم رشوة وفساد بالقطاع، منذ عقود خلت، ما يستدعي دخول مؤسسات الحكامة والقضاء على الخط". وختم المتحدث نفسه كلامه قائلا: "هذا مخطط مكشوف ويحتمل قراءات كثيرة، بما أن الرسالة المطولة تحمل في طياتها الكثير من التبجيل المفضوح لمنجزات غير مرئية على أرض الواقع، وتوجه تهما مباشرة، بغاية استهداف أطر مشهود لها بالكفاءة والصرامة، لاستغلال العقول الضعيفة، ربما بحثا عن مكاسب جديدة، في مناطق استعصت على الواقفين وراء تحرير هذا التقرير". على صعيد آخر، اعتبر أحد المراقبين أن الهدف من هذه الرسالة، في هذا التوقيت بالذات، "الضرب في مؤسسات الدولة، بجميع تلاوينها، وإعطاء فرصة لأعداء الوطن، وتقديم إشارات واضحة للاتحاد الأوربي وباقي الشركاء من أجل مراجعة أوراقهم وإعادة النظر في الاتفاقات المبرمة معهم"، معتبرا أن "المقصود الأول بهذه الاتهامات هو رئيس الحكومة، على خلفية أنه كان وزيرا للفلاحة والصيد البحري، بهدف خلط الأوراق وعرقلة مسلسل الإصلاح المنشود، بزرع اللااستقرار، بالإضافة إلي إعطاء فرصة لمن يدعي حماية الثروات السمكية، خصوصا بالسواحل الجنوبية، من أجل تبرير المخالفات المتراكمة وخلق أزمة داخل الأزمة". ع. ن