تجربة رائدة بيئيا لم يكتب لها التحقق بسبب التباعد الكبير في وجهات النظر وعدم "تحمس" البعض إلى المشروع تفكر جماعة البيضاء في التخلي عن نظام طمر الحاويات (أو الحاويات تحت أرضية) الملتزم بقواعد احترام معايير البيئة، بسبب العراقيل والصعوبات التي تواجه مشروعا منصوصا عليه بالبنط العريض في دفاتر التحملات الثمانية لعمالات المقاطعات والعقود الموقعة مع الشركتين النائلتين للصفقة العمومية المقدرة بأكثر من 100 مليار سنتيم في السنة. وحسب العقود، تقرر وضع 200 وحدة من هذه الحاويات، تتوزع على المقاطعات 16، كلفة كل وحدة تصل إلى حوالي 60 ألف درهم، وهي حاويات يجب أن تتوفر لها شاحنات خاصة ليست شبيهة بالشاحنات التي تستعمل في تفريغ الحاويات العادية. وتطلب الاستثمار في هذا الجيل الجديد من الخدمات، اقتناء 10 وحدات من هذه الشاحنات قيمة كل واحدة منها 3 ملايين درهم، أما خدمة التدبير والصيانة بالنسبة إلى هذه الحاويات تحت أرضية، فقد خصص لها ما يزيد عن 6 ملايين درهم في كل سنة. وروجت شركة التنمية المحلية "البيضاء بيئة" لهذا المشروع منذ 2022، وأطلقت عليه الجيل الجديد من نظام جمع النفايات، يضاف إلى النظام التقليدي المعروف بالحاويات المكشوفة. وشرعت الشركة، المفوض لها تدبير قطاع النظافة، في إطلاق تجارب نموذجية ببعض الأحياء، في انتظار تعميمها بشكل واسع على مختلف أحياء المدينة، ما لم يتم إلى حدود كتابة هذه السطور، وما أكده مولاي أحمد أفيلال، نائب العمدة المفوض له قطاع النظافة، الذي أقر بوجود صعوبات تواجه هذا الجيل الجديد، من أهمها معارضة بعض رؤساء المقاطعات، وعدم اقتناع آخرين بالفكرة. وقال أفيلال إن الحاويات تحت أرضية، التي بدأ العمل بها في بعض المقاطعات وطرحت مشكلا يتعلق برمي النفايات بمحيطها وإحداث نقطة لتجمع النفايات، بسبب ثقل غطاء الحاوية تحت الأرض، أو علوها على الأطفال، أو بسبب لامبالاة بعض الأشخاص، مؤكدا أن بعض رؤساء المقاطعات طلب سحب هذه الحاويات والاقتصار على الحاويات العادية، بينما طلب رئيس مقاطعة بتثبيت ثلاث حاويات إضافية تحت الأرض، "وهنا وقع اختلاف بين من يطالب بسحبها وبين من يطلب رفع عددها". وتسير الجماعة في اتجاه التفريط في تجربة مهمة، تتعلق بمعالجة مشكل تراكم النفايات بالعاصمة الاقتصادية، مع الحفاظ على نظافة وجمالية المدينة، والحد من الروائح الكريهة وتلوث محيط المناطق التي يتم بها تجميع الأزبال وحماية حاويات الأزبال البلاستيكية من الحرق، مما يكلف الشركات المفوض لها تدبير قطاع النفايات خسائر كبيرة. وجدير بالملاحظة، أن المناطق التي تتراكم فيها النفايات تجلب القوارض والحشرات الناقلة للأمراض، إذ توقع البيضاويون أن يكون استبدال هذه الحاويات البلاستيكية، بأخرى من الجيل الجديد، حلا لهذا المشكل، كما وقع في مدن أخرى مجاورة، مثل برشيد. وعكس الهدف المسطر من قبل الشركة المكلفة لتعميم التجربة على جميع أحياء وعمالات البيضاء، اكتفت الشركتان المفوض لهما، ببعض الأحياء، إذ اعتمدت شركة "أرما" جيل الحاويات التحت أرضية في أربع عمالات، بإنشاء 34 نقطة جمع بعمالة الفداء مرس السلطان، وعمالة بن امسيك، وعمالة مولاي رشيد سيدي عثمان، وعمالة البيضاء أنفا. من جانبها، قامت شركة "أفيردا" بتثبيت بعض الوحدات في العمالات والمقاطعات الواقعة في نطاق العقود الموقعة معها، إذ انطلق العمل في 22 أبريل 2022، من الحي المحمدي التي شهدت طمر نماذج من الحاويات تحت أرضية. فبعد أن دشنت هذه العملية بفضاء الشباب بمنطقة الحي المحمدي، بادرت "أفيردا" إلى وضع تسع أخرى بمنطقة أناسي بسيدي مومن، في أفق تعميمها على كل المناطق والأحياء التي تشتغل بها، عبر مراحل على أساس إضافة أعداد جديدة من هذه الحاويات في السنوات المقبلة، أي طيلة المدة الذي تنفذ فيها بنود العقود التي تربطها بمجلس المدينة. يوسف الساكت