طفلات ضحايا زنا المحارم واغتصابات يواجهن قسوة القانون والمجتمع لم يعد ممكنا السكوت عن واقع يزداد سوءا يوم بعد يوم، خاصة في قضايا الاغتصابات والاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها طفلات والتي ينتج عنها حمل، ما يفترض إعادة النظر في النصوص القانونية لتمكين تلك الطفلات من الإجهاض، بالنظر إلى خطورة الوضع عليهن إما صحيا وحتى مجتمعيا، خاصة حينما تجد الطفلة أنها حامل بأخيها من اعتداء جنسي لوالدها، وغيرها من المآسي المجتمعية، التي تتعرض لها قاصرات بسبب جرائم تعرضن لها ولسن مسؤولات عن نتائجها. منذ 2016 والحديث عن تعديلات مهمة في القانون الجنائي لم يكتب لها الخروج إلى أرض الواقع، تتحدث عن توسيع الحالات، التي يسمح فيها بالإجهاض، إذ يشترط مشروع القانون، في جميع الحالات أن "تتم عملية الإجهاض من قبل طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة، وقبل حلول تسعين يوما من الحمل في حالات الاغتصاب، وزنا المحارم، والخلل العقلي، وقبل إتمام اليوم الـ120 في حالة التشوهات الخلقية"، غير أن تلك التعديلات لم تتحدث عن وضعية الطفلات القاصرات ضحايا الاعتداءات الجنسية في الأحقية في الإجهاض. كريمة مصلي التهافت على أقراص ممنوعة دواء يسبب تمزق الرحم ويباع على الأنترنيت لم يعد الإجهاض يقتصر على الطرق التقليدية وبعض الأعشاب، التي قد تؤدي إلى افتضاح الأمر وإلى مضاعفات خطيرة قد تقتل القاصر الحامل، أو الراشدة، كما أن اللجوء إلى أطباء أو ممرضين، تكتنفه بدوره مخاطر ويتطلب نفقات كبيرة، سيما أن العمليات السرية لا يأتيها إلى أطباء يجازفون بمستقبلهم فيرفعون قيمة المقابل المالي. وظهرت منذ مدة أقراص طبية، كانت تستعمل لأنواع أخرى من المرض، قبل أن يكتشف استعمالها المتزايد في عمليات الإجهاض، رغم مضاعفاتها الخطيرة، إذ تسبب تمزقا في الرحم، يسبب العقم مدى الحياة، وهو ما دفع العديد من الدول إلى منع تسويقه، ومنها المملكة المغربية. وأمام المنع أصبحت شبكات تنشط في الاتجار فيه بمبالغ كبيرة، وتستعمل مواقع إلكترونية للترويج، كما تعتمد نساء في بيعه للراغبات في الإجهاض السري. وفككت مصالح الأمن مجموعة من الشبكات في مختلف آنحاء المملكة، إذ أنهت، أخيرا، مصالح الشرطة القضائية التابعة لسطات، نشاط شبكة نسوية تنشط في الإجهاض بواسطة أقراص طبية محظورة، بإحالة خمس متهمات على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية. وأسقطت الأبحاث الأمنية أفراد الشبكة تباعا، إثر رصد إعلانات على حساب "فيسبوكي"، تعرض الأقراص الطبية الممنوع تسويقها داخل تراب المملكة، والتي كانت مخصصة في الأصل لعلاج التهاب المفاصل و"الروماتيزم"، قبل أن يتنامى استعمالها في أغراض الإجهاض، لتتدخل منظمة الصحة العالمية وبعدها وزارة الصحة لمنعه من التسويق، لخطورة مضاعفاته الجانبية بالنسبة إلى الحوامل، إذ يؤدي إلى تمزيق الرحم. وتتراوح المبالغ المالية التي تدفع مقابل وصفة الأقراص الممنوعة بين 4000 درهم و5000، حسب الأحوال، وتستعمل بطريقة مزدوجة، عبر الفم وعن طريق الفرج، وتؤدي إلى تدمير الأنسجة المشكلة للجنين، قبل إسقاطه، سيما أن الإجهاض يكلف ثلاث حبات إلى ست، حسب الحالات. وقبل ذلك أدين 13 متهما ببني ملال بسبب الحبوب نفسها، ضمنهم سبع نساء وممرض بمصحة، تورطوا في تهم تتعلق بالفساد الناتج عنه حمل والاتجار في أقراص طبية مهربة. والقضية فضحتها شكاية فتاة كانت على علاقة غير شرعية قبل سنتين، نتج عنها حمل ثم إجهاض بواسطة الأقراص الطبية سالفة الذكر. وعللت المشتكية سبب رفعها للشكاية إلى تنصل العشيق من الزواج بها، والمضاعفات الخطيرة التي ألمت بها جراء الإجهاض بالأدوية المحظورة. وأنيطت الأبحاث بالشرطة القضائية، إذ أجرت بداية عملية إيقاف المشكوك في أمره، عشيق الضحية، والبحث معه، ليرشد إلى الشخص الذي باعه الأقراص الطبية المحظورة، وتسترسل الأبحاث لإيقاف شبكة الوسطاء والمتاجرين في حبوب الإجهاض الممنوعة، ومن ضمنهم ممرض وشخص آخر يدير محلا لبيع المواد شبه الطبية. وأجريت عمليات تفتيش بمحلات الموقوفين المشتبه في ترويجهم للأقراص سالفة الذكر، انتهت بحجز 234 قرصا من النوع نفسه، واعترف المتهمون بأنها استقدمت من دولة أوربية عن طريق تهريبها. المصطفى صفر