ملياردير من "فانواتو" يوطن أرصدة مشبوهة بالمغرب ويركن يخوتا بمارينا سمير وجهت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، ضربة موجعة لأخطر ملياردير يتحدر من جمهورية "فانواتو" وهي جزيرة تقع جنوب المحيط الهادئ، بعدما استعان بمغربي يقيم بإسبانيا لغسل الملايير من الأموال داخل المملكة، يشتبه في تحصلها من أنشطة المخدرات والرشاوي، لتحل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء، حيزا مهما من اللغز، بعدما فشلت دول أوربية، ضمنها فرنسا، في الوصول إلى معطيات مهمة، وفي غاية الحساسية عن هذا المواطن الذي يحمل أربع جنسيات، ضمنها الجنسية الفيتنامية والفرنسية، ويتحرك بجواز سفر دبلوماسي حيث صنف بمثابة الشخصية "الشبح". وشرعت غرفة الجنح الاستئنافية بقصر العدالة بالرباط، في البت في الملف الاثنين الماضي، حيث يتابع باهتمام كبير من قبل مجموعة من المتتبعين، وخصصت له القاعة السادسة، إذ يعتبر من أغرب ملفات غسل الأموال المحالة على القضاء المغربي، بعدما استغلت النيابة العامة وضباط المكتب الوطني لمكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية معلومات قدمتها وحدة معالجة المعلومات المالية في شأن توطين مبالغ مالية مهمة مصدرها شركات من سنغافورة، ليتعقب ضباط البحث ويكتشفون أن الملياردير "الفانواتي" ولج المغرب عبر مشاريع سياحية وعقارية كبرى، وبعث بيخوت فاخرة إلى ميناء مارينا سمير بالمضيق، حيث رست ثلاث من سفنه مدة من الوقت، وفجأة غادرتها بحجة البحث عن كراء رصيف لها بهذا الميناء، قبل أن يكشف الشاب المغربي الذي فصلت المحكمة ملفه عن ملف شريكه الأجنبي، حيث يمثل كل طرف لوحده. وأثناء البحث في النازلة تبين عجز الأجهزة الأمنية والقضائية الفرنسية عن التجاوب مع مصالح نظيرتها المغربية، رغم أن صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تحدثت عن الملياردير الآسيوي، وقدمت معطيات في غاية الحساسية تدين بطريقة غير مباشرة تقصير مصالح الاستخبارات الفرنسية في التعامل مع أنشطة هذا الشخص، والذي يستثمر في اليخوت والعقار والسياحة وإنتاج وتصنيع الأدوية والزجاج بمجموعة من الدول الأوربية، ضمنها فرنسا وإسبانيا وسويسرا، وأيضا البرازيل، إضافة إلى دول آسيوية كالتايلاند وفيتنام وماليزيا...، ليقرر تبييض أمواله داخل التراب المغربي، قبل أن ترصده وحدة معالجة المعلومات المالية التي فتحت بدورها تنسيقا مع نظيرتها الفرنسية دون جدوى. ولم تعجز السلطات الأمنية والقضائية الفرنسية عن توفير معلومات عن المشبوه الذي يتحرك بأربع جنسيات ضمنها الجنسية الفرنسية فحسب، بل حتى السلطات السويسرية ومنظمة الشرطة الدولية "أنتربول" ودول أخرى لم تفد المغرب في أي شيء، رغم المعلومات الغنية التي وفرتها المصالح الأمنية المغربية عن تحركاته وأنشطته بمجموعة من الدول، وضخه الملايير بأرصدة بنك مغربي خاص. واستعانت مصالح البحث المغربية ببنك المغرب والمحافظة العقارية والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية "نارسا" ومديرية الملاحة البحرية للبحث عن عقارات وحسابات بنكية ومنقولات لتعقل العديد منها، سيما المسجلة في اسم الشاب المقيم في إسبانيا، ضمنها عقار بطنجة، وشركة سجلت باسمه جرى إحداثها مختصة في تصدير واستيراد مواد البناء، والتي كانت ستستفيد من الأموال القادمة من حسابات شركات بسنغافورة. وقررت غرفة الجنح المستأنفة تأجيل ملف المغربي المتحدر من طنجة إلى الأسبوع الأول من ماي للبت فيه من جديد، بعدما أدين ابتدائيا بسنة حبسا موقوف التنفيذ، واقتنعت المحكمة بغسله أموالا مشبوهة وبتأسيسه شركة مختصة في الاستيراد والتصدير للتغطية على الأموال القادمة من آسيا. كما تنتظر محكمة الاستئناف ملف المتهم "الفانواتي" لتحديد جلسة لمحاكمته غيابيا. ورغم ما قدمته المصالح الأمنية من معطيات في النازلة، اعتبرت أن هذه المعلومات غير كافية في ظل غياب مجموعة من المعطيات التي كان على دول صديقة ومنظمة "أنتربول" توفيرها للأجهزة الأمنية المغربية، بعدما أبانت المملكة عن نيتها في محاصر مبيضي الأموال، ووصل حجم الأموال المحجوزة في 2022 إلى 11 مليار درهم، كما ارتفع عدد القضايا التي عالجتها مصالح الأمن من 55 في 2018 إلى 820 قضية في 2022، وهو ما أخرج المغرب من المنطقة الرمادية لمكافحة غسل الأموال. عبد الحليم لعريبي