تفنيد الجغرافيا والتاريخ

مولاي بوشعيب وعائشة البحرية ...أسطورة الحب 6 نهر أم الربيع يحمل رسائل مشفرة لتفنيد رواية العشق المقدس بمجرد أن يتراءى لك بأزمور، ضريح مولاي بوشعيب الرداد وبالجهة المقابلة، ضريح "لالة عائشة البحرية"، تثيرك قصة حبهما الأزلي، التي بدأت في بغداد وانتهت بفاجعة على مصب نهر أم الربيع. قصة تسحر قلوب العشاق، وتكشف أن المرء مهما بلغ درجة الزهد والتصوف لا بد أن يصاب بسهم الهوى يوما، لكن بقراءة نقدية للرواية، تظهر تناقضات في وقائعها وتاريخية أماكنها وأحداثها، لتخرج بخلاصة أنها أسطورة، وأن مؤلفها سحر بقرب الضريحين من بعضهما البعض، فأطلق العنان لخياله لسرد رواية حب، بسبب قوتها وحبكتها، توارثها المغاربة لقرون. مصطفى لطفي ينثر مصب نهر أم الربيع بأزمور سحره على الجميع، خصوصا من يزورون المكان أول مرة. مشاهد طبيعية ساحرة، يزيدها بهاء مرور النهر بجوار ضريح مولاي بوشعيب الرداد، وإنهاء رحلته من أزمور بإطلالة على ضريح لالة عائشة البحرية، كأنه يتبرك بآخر علم مقدس قبل أن تمتزج في البحر. هذا المشهد البانورامي الساحر، يحمل في الوقت نفسه، رسائل مشفرة لتفنيد رواية العشق المقدس بين مولاي بوشعيب الرداد ولالة عائشة البحرية. فأول دليل أن النهر يفرق بين ضريحيهما، في حين أن أغلب قصص العشق بل وأكثرها تطرفا، ينتهي الحال فيها بالعشيقين جنبا إلى جنب تحت التراب من أجل لقاء أبدي، بعد أن حرما من بعضهما البعض في الدنيا. إلى جانب هذا المعطى، يثير تباعد الضريحين عن بعضهما البعض ولمسافة طويلة علامات استغراب، تؤكد بالملموس أن عملية دفن لالة عائشة البحرية تمت بعد قرون من وفاة مولاي بوشعيب، وهذا ما سنتوقف عنده من خلال هذا التحليل البسيط، لكن بعد التوقف حول ظروف وفاة لالة عائشة كما جاءت في الأسطورة. هناك قصتان متباينتان حول وفاة لالة عائشة البحرية، الأولى تؤكد أنها استقلت سفينة صوب أزمور عند قدومها من بغداد، وبمجرد الاقتراب من ساحل المدينة، هبت عاصفة أغرقت الجميع. أما الرواية الثانية، فتؤكد صحة الغرق، لكن في نهر أم الربيع وليس بالبحر، عندما قاد الشوق لالة عائشة البحرية إلى المجازفة بعبور نهر أم الربيع وهو جارف، لتفقد حياتها وينتشلها مولاي بوشيعب وأتباعه جثة من النهر، بعدها أقسم، حسب الأسطورة، على عدم الزواج تكريما وإنصافا لحبيبته. تطرح الروايتان أسئلة عديدة، الجواب عن بعضها بمثابة معاول لهدم الأسطورة، أول هذه الأسئلة، وهو بحكم علاقة العشق الجنوني الذي جمع بوشعيب الرداد بلالة عائشة البحرية، لماذا لم يأمر بدفنها بمقر زاويته، على الأقل حتى تبقى قصة حبهما منقوشة في الذاكرة لقرون طويلة، وفي الوقت نفسه تكريمها على تضحيتها بقدومها من العراق إلى أزمور، والموت في سبيل ذلك. قد يقول قائل، ربما حينها كانت الظروف الطبيعية صعبة، أجبرت مولاي بوشعيب الرداد على دفن لالة عائشة البحرية في الضفة المقابلة لزاويته، من قبيل أن جثتها انتشلت في الضفة المقابلة، وأن منسوب النهر أو هيجان البحر صعب مأمورية نقلها إلى ضفة الولي الصالح، فأوعز لأنصاره وخادميه بالإسراع بدفنها، رغم عدم حضوره إكراما لها. وتبقى هذه الرواية أيضا مشكوك فيه، بسؤال بسيط، وهو لماذا لم تدفن في الضفة الأخرى في مكان يطل أو يقابل زاويته، بدل اختيار مكان بعيد قريب من مصب النهر.

تفنيد الجغرافيا والتاريخ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النصب على 140 معتمرا بسبتة

"سيبير غيت"... قيدوم التجسس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات