طنجـة العالميـة تحتفـي بالأسـود

أجواء احتفالية رمضانية غير مسبوقة وتعبئة أمنية شاملة لإنجاح عرس كروي عالمي لم تكن ليلة أول أمس (السبت) في طنجة ليلة عادية، بل كانت استثنائية بكل المقاييس، عاشت خلالها عاصمة البوغاز على إيقاع حدث رياضي كبير، وأجواء احتفالية غير مسبوقة، شهدتها شوارع المدينة وهي تستعد لاحتضان مباراة دولية متميزة، جمعت بين المنتخب المغربي ونظيره البرازيلي، حضرها أزيد من 65 ألف متفرج، وثقوا لحظات ممتعة سيدونها التاريخ، وستبقى في ذاكرة عشاق كرة القدم لسنوات طويلة. المختار الرمشي (طنجة) تصوير: (أيت الرموش) الساعة تشير إلى السادسة مساء. المكان، محيط ملعب طنجة الكبير بمنطقة الزياتن، أفواج بشرية، رجالا ونساء وأطفالا، تتجه صوب مداخل الملعب بهدوء، وهي مزينة باللونين الأحمر والأخضر وبيدها أعلام مغربية من كل الأحجام، تردد أهازيج شعبية وأغاني تمجد ما قدمه "أسود الأطلس" من عروض قوية في المونديال الأخير، الذي احتضنته الأراضي القطرية، يناير الماضي، وحقق خلاله منتخب "الأسود" نتائج باهرة باحتلاله المرتبة الرابعة عالميا. في المقابل، عملت المصالح الأمنية على نشر عناصرها من مختلف التلوينات، بما فيها الأمن العمومي وشرطة المرور وقوات التدخل السريع وعناصر من الشرطة القضائية والاستعلامات العامة، بمحيط الملعب ومداخله، من أجل السهر على تنظيم المباراة وتفادي أي انزلاق أمني محتمل، قبل وبعد المباراة. الدخول إلى الملعب الكبير اتسم بالسلاسة ودون أي مشاكل تذكر، إذ يكفي أن تشهر تذكرة الدخول ليسمح لك بالولوج إلى الملعب، الذي امتلأت كل جنباته قبل نحو نصف ساعة من انطلاق المباراة، رغم أنها أقيمت في أمسية رمضانية، إذ لم يمنع ذلك الجماهير المغربية من التنقل إلى مدينة البوغاز لتشجيع فريقها الوطني، إما بواسطة السيارات الخصوصية أو عبر الحافلات والقطارات، إذ عمل المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى الرفع من عدد القطارات الفائقة السرعة "البراق"، التي تربط بين الدار البيضاء وطنجة، وتخصيص رحلات إضافية لقطار "الأطلس" على محور طنجة مكناس فاس، وذلك لنقل المشجعين الراغبين في حضور مباراة المغرب والبرازيل، ومواكبة عودتهم إلى مدنهم في أحسن الظروف. فصيل "هيركوليس"، المشجع الرسمي لفريق عاصمة البوغاز، كان سباقا للحضور إلى الملعب، للترحيب بالجماهير الوافدة على المدينة، وخصص للمباراة "تيفو" رائعا لقي تفاعلا كبيرا من قبل جميع الحاضرين بالملعب، ورسم لوحة فنية تعبر عن حس تشجيعي راق بعيد عن الشغب والعنف، وتؤكد أن الجمهور المغربي وصل العالمية وبصم على أحقيته في الاحترام والتنويه. وأكد عدد من المشجعين، الذين التقت بهم "الصباح"، أن نجاح هذا العرس الكروي العالمي، يرجع بالأساس للسلطات الأمنية بعاصمة البوغاز، وكذا السلطات المحلية والإقليمية، التي سخرت كل إمكاناتها لإنجاح ذلك العرس الكروي العالمي، بالإضافة إلى أبناء المدينة، الذين ساهموا رفقة باقي الجماهير المغربية الوافدة، من أجل تكريس سمعة كرة القدم المغربية على الساحة القارية والدولية. وذكر أحدهم، أن تلك المباراة منحت فرصة تاريخية لتسليط الضوء على المدينة والمنطقة بصفة عامة، ليس رياضيا فقط، وإنما من النواحي السياحية والثقافية والحضارية، إذ أتاح الحدث فرصة لإظهار ما تتميز به المدينة من المؤهلات البشرية والطبيعية والاقتصادية أهلتها لأن تكون مركزا اقتصاديا هاما في شمال أفريقيا، وما يتمتع به سكانها من محبة وكرم ضيافة، وكيف يعشقون السلام ويعيشون في سماحة ووئام. مصالح الأمن... تعبئة ويقظة منذ أن حظيت طنجة بشرف استضافة مباراة المغرب والبرازيل، أعدت المصالح الأمنية العدة بشكل مدروس لإنجاح المهمة الموكولة إليها، وخصصت ما مجموعه 5700 عنصر من مختلف التشكيلات الأمنية ووحدات حفظ النظام والقوات العمومية، وحوالي 200 مركبة أمنية، من بينها سيارات رباعية الدفع، ومركبات نفعية، ودرجات نارية وأخرى هوائية، فضلا عن مركبات مجهزة بكاميرات محمولة، لضمان التدبير الرشيد والمحكم لإجراء مباراة المنتخب الوطني المغربي ونظيره البرازيلي في ظروف آمنة. ومن أجل مواكبة بروتوكول الأمن والسلامة، الذي اعتمدته ولاية أمن طنجة لتأمين هذا الحدث الرياضي العالمي، قام عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، بزيارة ميدانية للملعب الكبير بمدينة طنجة، للوقوف على مدى تنفيذ خطة الإدارة الرامية إلى توفير أجواء آمنة لإجراء المباراة في أحسن الظروف، واستمع لعرض مفصل قدمه والي أمن طنجة، حول مخططات العمل التي تم وضعها لتأمين انسياب السير وضمان الأمن الطرقي وتمكين الجماهير من التوافد على الملعب، واطلع على مخطط تأمين المدرجات ومختلف مرافق الملعب. ودأب المدير العام للأمن الوطني على التتبع الشخصي لبروتوكولات الأمن والسلامة التي تعتمدها مصالح الأمن الوطني لمواكبة مختلف التظاهرات الرياضية والفنية الكبرى التي تعرفها المملكة، وتخصص لها الموارد البشرية واللوجيستيكية اللازمة بما يسمح بتأمين هذه التظاهرات من جهة، ويساهم في تعزيز سمعة المغرب كبلد آمن قادر على احتضان كل الملتقيات الرياضية القارية والعالمية من جهة ثانية. انتعاش سياحي بالجهة ساهمت تلك التظاهرة العالمية في انتعاشة ملحوظة لقطاع السياحة والمهن المرتبطة به، وأثرت على نسبة الملء بالفنادق المصنفة، التي عرفت ارتفاعا فاق 80 في المائة، بفضل الجهود التي بذلها كل المتدخلين في الشأن السياحي والخدماتي، بمن فيهم الجمعية الجهوية للصناعة الفندقية، ووكالات الأسفار وشركات النقل السياحي وتأجير السيارات، الذين انخرطوا في تعبئة شاملة عبر حملات دعائية على منصات التواصل الاجتماعي، وقدموا بالمناسبة مجموعة متنوعة من العروض الجذابة، تبرز المؤهلات السياحية والطبيعية للمدينة، لحث ضيوف تلك التظاهرة على استهلاك المنتوجات السياحية بالمنطقة الشمالية. وفي هذا السياق، ذكر سفيان بوعياد، المندوب الجهوي لوزارة السياحة بطنجة، أن التظاهرات الرياضية والمؤتمرات الدولية التي احتضنتها المدينة أخيرا، كـ "الموندياليتو" ومؤتمر المطارات، الذي عقد لأول مرة بالمغرب، كان لها تأثير ملحوظ على قطاع السياحة بالمدينة أدى إلى ارتفاع نسبة الملء، خلال 3 أشهر الأولى من السنة (الموسم المنخفض) إلى 52 في المائة، مقارنة بالسنوات السابقة، التي لم تتعد 35 في المائة، لتتفوق بذلك على سنة 2019، التي تعتبر سنة مرجعية، وذلك نتيجة المشاركة الملحمية للمنتخب المغربي في قطر. وقال بوعياد، في اتصال مع "الصباح" إن مندوبية السياحة بطنجة، استعدت، بتنسيق مع ولاية طنجة، لهذه المناسبة بشكل استباقي، وأحدثت لجنا لمراقبة السلامة الصحية بالنسبة إلى الفنادق المصنفة، وقامت بزيارات مفاجئة لعدد منها، سيما المخصصة لاحتضان الفريق البرازيلي والزوار الأجانب، الذي حلوا بالمدينة من مختلف الجنسيات (البرازيل وإسبانيا وكندا وفرنسا...)، ووقفت بكل حزم وصرامة على كل جزئيات الموضوع حتى تكون الخدمات في أعلى مستوى وتلائم شروط استقبال ضيوف المغرب، إلى جانب الاهتمام بالتحسيس والتوعية والتنبيه والمراقبة للحيلولة دون وقوع أمور أو ممارسات قد تسيء إلى سمعة المغرب التي لا يمكن التسامح فيها . السلطات المحلية في الواجهة بدورها، أعدت السلطات المحلية والولائية بطنجة العدة بشكل مدروس لإنجاح تلك المحطة التاريخية، ولم تقتصر على تهيئة الملعب الكبير وتجهيزه بأحدث التقنيات لاستقبال الضيوف، بل سخرت كل إمكاناتها البشرية والمادية واللوجستيكية من أجل ترتيب كافة الخطط الاستراتيجية المتعلقة بالأمن والصحة والنقل والتواصل والتسويق، وأعدت، بتنسيق مع كل الجهات المعنية، كل الظروف المناسبة لاستقبال الفريق البرازيلي وجمهوره العريض المرافق له، وكذا الإعلام الدولي الذي واكب هذه المباراة، التي تعد مناسبة لإشعاع المدينة ونقل صورة المغرب المشرفة للعالم. واهتمت السلطات المحلية بالبنيات التحتية والواجهات العمرانية المصنفة ضمن التراث المادي للمدينة، خاصة المدينة العتيقة، التي تم إدماجها أخيرا في المنتوج السياحي المحلي، بالإضافة إلى دفع أصحاب المشاريع السياحية والتجار إلى إعداد برامج متكاملة وشاملة لاستقبال ضيوف المدينة وزوارها، وتوفير الظروف المواتية لهم للتمتع بمؤهلات المدينة ومميزاتها الطبيعية والحضارية.

طنجـة العالميـة تحتفـي بالأسـود

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

‭"‬إل‭ ‬جليزي‭" ‬يطلق‭ "‬ياليل‭"‬

استئنافية طنجة... تشويق يوم رمضان

مقالات ذات صلة