429 هكتارا تحتضن 8 مناطق صناعية والجهود متواصلة بإطلاق مشاريع مهيكلة وتسريع التنمية السوسيو اقتصادية تلوح في الأفق بوادر نهضة صناعية مرتقبة في فاس، مراعاة للدينامية القوية التي تعرفها المدينة وإطلاق مشاريع مهيكلة ومناطق صناعية جديدة تسرع وتيرة تنميتها على أوسع نطاق وتعزز النسيج الاقتصادي، وتؤشر على انبثاق طفرة واعدة تعيد لها بريقيها وتعزز مكانتها الهامة بين المدن الاقتصادية الكبرى، على غرار البيضاء وطنجة. وعززت حظيرتان صناعيتان جديدتان بعين الشكاك وعين بيضا، النسيج الاقتصادي بفاس، التي تضم وضاحيتها، 8 مناطق صناعية أقدمها ببنسودة والدكارات وسيدي إبراهيم بمدارها الحضري، وحمرية ورأس الماء وعين الشقف بمولاي يعقوب، وأحدثها قائمة على أنقاض معمل "كوطيف" للنسيج وفي "فاس شور" المخصصة للتكنولوجيا. إعداد: حميد الأبيض (فاس) - تصوير: أحمد العلوي لمراني يتمركز نصف المناطق الصناعية الواعدة بالجهة وعددها 15، في فاس ومحيطها، أقدمها تشغل 352 هكتارا تضم عشرات المعامل جلها مخصص لأنشطة خدماتية، والباقي موزع على نحو 77 هكتارا دون احتساب مساحة مناطق صناعية جديدة يراهن عليها لتحقيق التنمية وتوفير فرص جديدة للشغل في مختلف التخصصات. تسريع التنمية الاقتصادية عرفت فاس في السنوات الأخيرة عمليات مختلفة ومتنوعة لتسريع التنمية السوسيو اقتصادية بإطلاق مشاريع مهيكلة كبرى وواعدة وتنافسية ومتنوعة الأنشطة وفي مختلف القطاعات، فاق عددها 82 مشروعا على مستوى عمالة فاس فقط، بعضها قيد الإنجاز، باستثمار فاق 8 ملايير درهم، ما سيوفر آلاف فرص الشغل المباشرة. ويشكل تطوير المنطقة الصناعية المبنية في عقار معمل كوطيف للنسيج، واحدا من عدة مشاريع مهيكلة منجزة بمختلف القطاعات في عين بيضا وعين الشكاك، كما داخل المدار الحضري لفاس من قبيل مشاريع «تكنوبارك إيكوبارك» و»فاس فاكتوري سمارت»، المنتظر استكمال بنائه بمحيط الجامعة الأورومتوسطية بالمدينة. لكن ذلك لا يمنع من الحلم أكثر بتحقيق منجزات ومكاسب أكبر من المتوفر و»لزوم التوجه نحو قطاعات أخرى جديدة ذات قيمة مضافة عالية للنهوض بالقطاع الصناعي بفاس» برأي ياسين التازي المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار في عرضه في لقاء لتقديم هذه المشاريع، اعتبر فيه السياحة من بين أكثر القطاعات نموا بالجهة. "عين بيضا" آخر المناطق الصناعية 80 هكتارا من تراب جماعة عين بيضا الواقعة على الطريق الجهوية الرابطة بين فاس وصفرو، وضعت رهن إشارة واحدة من آخر المناطق الصناعية المبرمجة للزيادة في القدرة التنافسية لفاس وتلبية احتياجات كل المستثمرين الراغبين في إقامة مشاريعهم الاقتصادية، المنتظر أن تخلق فرص عمل جديدة وبعدد مهم. المساحة قسمت لأجزاء مرشحة لاحتضان أنشطة مختلفة ونسبة مهمة منها مخصصة للمنطقة الصناعية العامة وأخرى لتجارة الجملة وثالثة للأنشطة الاقتصادية، على أن يخصص موقعان لنقل مخزون الغاز ومصانع الزيت في إطار تنزيل برنامج مكافحة كل أشكال تلويث وادي سبو، الذي تتسبب فيه معاصر زيتون ملوثة. 200 مليون درهم ميزانية رصدت لإحداث هذه المنطقة الصناعية الجديدة، يمولها المجلس الجهوي فاس مكناس ووزارة الصناعة والتجارة وأطراف أخرى متدخلة، بما فيها الجماعة والجهة ومركز الاستثمار وغرفة التجارة. وجزء منها يخصص للتجهيز وإنشاء وتطوير شبكات الطرق بالجماعة، سيما التي تربطها بالطريق الجهوية. هذا المشروع ينتظر فقط القيام بالدراسات ومباشرة الأشغال في تجزيء وتجهيز المساحة، بعدما وقعت بالرباط اتفاقية شراكة لتهيئته وتمويله وتطوير المنطقة الصناعية، من طرف ممثلي الإدارات المتدخلة وتلك لأملاك الدولة والوكالة الجهوية لتنفيذ مشاريع الجهة هيأة تنفيذية بخبرة متقدمة تشتغل تحت سلطة المجلس الجهوي. منطقة صناعية بعين الشكاك تقدم حضيرة عين الشكاك كقطب جهوي سينشط النسيج الصناعي ويعزز تنافسية سلاسل القيمة للجهة في قطاعات مختلفة بشكل يضمن تطابقها مع المعايير الدولية، سيما في مجال صناعة الجلد الذي خصصت 50 هكتارا من أصل 81 مساحة المشروع، لإقامة أنشطته المتنوعة والمختلفة المرتبطة بالدباغة والجلد والأحذية. صناعة الجلد خصصت لها منطقة خاصة في الحضيرة، يباع سعر تفويت قطعها بـ 250 درهما للمتر المربع، مقابل 350 درهما للمتر المربع بالنسبة لبقع المنطقة المخصصة لباقي الصناعات الأخرى سيما لاحتضان أنشطة الصناعات الكيماوية والنسيج والصناعات الغذائية والمعدنية والميكانيكية، التي ستقام على مساحة تبلغ 31 هكتارا. منصات استقبال واحتضان للمشاريع الصناعية للمستثمرين، أحدثت في ظروف راعت السعر التنافسي والجودة في إطار تلبية تطلعاتهم وكل الفاعلين الاقتصاديين في توفير بنية لمشاريعهم تستجيب للمعايير الدولية وتدمج خدمات عالية ذات قيمة مضاعفة في اللوجستيك والتكوين ومعالجة النفايات السائلة وكل الملوثات البيئية. وينتظر أن تنتهي الأشغال في تهييء هذه المنطقة الصناعية، في نهاية السنة الجارية، موازاة مع بحث الجهة عن شركاء جدد من القطاع الخاص لتأجير أو شراء الأراضي، إذ أطلق المركز الجهوي للاستثمار بالجهة طلب عروض ثان لإنجاز مشاريع صناعية عليها، إن في الصناعات الجلدية أو الميكانيكية والمعدنية والغذائية والمنسوجات. وتعتبر منطقة التسريع الصناعي بعين الشكاك الممتدة على 379 هكتارا، جزءا مهما من التنفيذ الجهوي لخطة التسريع الصناعي، ويعتبر رهانا قويا في تنمية الصناعة الموجهة للتصدير على المستوى الجهوي في مجالات الصناعة الغذائية والنسيج وصناعة السيارات والكهرباء والإلكترونيات والسكة الحديدية. حضيرة بسايس لا تقل المنطقة الصناعية لفاس سايس الموجودة في طور الإنجاز على مساحة 20 هكتارا، أهمية عن تلك بعين الشكاك، رغم أن مساحتها مضاعفة بأكثر من 4 مرات. وتعتبر أول منصة مخصصة للصناعات النظيفة بالجهة، ومفتوحة في وجه أنشطة المقاولات الصغرى والمتوسطة غير الملوثة والمنتجة للقيمة المضافة والتشغيل. 130 قطعة أرضية موجهة للكراء والإيجار ضمن عقار الحظيرة ثمار شراكة بين أطراف مختلفة منها مجلس الجهة، لإقامة مشاريع صناعية بموقع يضم 9 بنايات ملحقة وفضاءات خضراء ومحطة لتصفية المياه العادمة. فيما خصصت 4 قطع للخدمات المرتبطة بالإطعام والفندقة وبناء محلات ومكاتب ومنطقة للاستغلال. أكثر من ذلك تعزز هذه المنطقة ببنيات أساسية متطورة وشبكات مضادة للحرائق والمراقبة بالفيديو، وتجهيزات عالية الطراز، كي تكون في مستوى التطلعات الرسمية للإنعاش الصناعي وتكثيف فرص الاستثمار ودعم مخطط التنمية الجهوي الجاري تنفيذه بغلاف مالي قدره 11 مليار درهم، ضمن عقد برنامج بين الدولة وجهة فاس. 20 مشروعا في عقار "كوطيف" 20 مشروعا صناعيا ستحتضنه المنطقة الصناعية المحدثة على أنقاض "كوطيف" بسيدي إبراهيم، واحد من أكبر معامل النسيج بشمال إفريقيا، تكالبت عليه ظروف وحيثيات لإقباره. 57 مليار سنتيم ميزانية خصصت لإطلاقها، ما سيوفر 3863 منصب شغل مباشر، تنضاف لما وفرته شركة "ألستوم" المبنية في جزء مهم من العقار. نصف عدد هذه المشاريع الصناعية المنتظرة، وصل مرحلة متقدمة من البناء في انتظار التجهيز والشروع في العمل، لإعطاء نفس جديد لهذه المنطقة الصناعية ل"كوطيف" الشركة المرجع في صناعة النسيج في ثمانينات القرن الماضي، بشكل يجعل منها مركزا جديدا لإنعاش النشاط الاقتصادي الجهوي في مجالات مختلفة. "ألستوم" أعادت الحياة لهذا المركب الصناعي التاريخي بعد عقد ونصف من الإغلاق، ونفضت عن أسواره وبنايته غبار الركود بعدما شيدت فرعها على 3.4 هكتارات منه بـ 48 مليون درهم، وشغلت مئات الأشخاص، ما "شكل بؤرة انطلاقة جديدة للنشاط الاقتصادي الجهوي" برأي وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، في افتتاحه. وما يدفع للتفاؤل أكثر، استثمار هذه الشركة المتعددة الجنسيات التي لها فروع عالمية، في إنتاج المحولات الكهربائية للسكك الحديدية بعد إنشائها مصنعا يعتبر الثاني بعد ذاك الذي ينتج خزانات الكهرباء والأسلاك، بعدما خصصت لذلك 13 ألف متر مربع من الموقع، آملة تصنيع 200 محول في السنة طاقة إنتاجية قابلة للرفع مستقبلا. دعم سخي للجهة للنهوض بالاستثمار قال عبد الحق أبو سالم، النائب الثاني لرئيس جهة فاس، عضو لجنة الشؤون المالية والبرمجة، إن مجلس الجهة يولي أهمية بالغة لتشجيع الاستثمار وجعله في صلب العدالة المجالية، مؤكدا تخصيص 120 مليون درهم لإحداث المنطقة الصناعية عين بيضا لسد الخصاص الذي تعانيه عمالة فاس من ناحية العقار. المجلس خصص 20 مليون درهم مساهمة لإحداث المصنع الذكي "فاس سمارت فاكتوري" الموجه لصناعات الجيل الرابع في الجامعة الأورومتوسطية، و55 مليون درهم لتسويق الخطين الجويين بين فاس وأكادير وأوربا بشراكة مع شركة العربية للطيران. وساهم ب22,5 مليون درهم لرد الاعتبار لقصر المؤتمرات للصناع التقليديين والحرفيين. وأوضح أن الجهة ساهمت ب25 مليون درهم في إحداث قطب الصناعة التقليدية للمقاولات الصغرى والمتوسطة، وتساهم في تنزيل مشاريع أخرى لتحسين الخدمات، من قبيل إحداث فضاء العرض الدولي عن طريق شراكة مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات والوزارة الوصية على القطاع بطريق صفرو. الجهة خصصت أيضا، حسب المسؤول نفسه، 40 مليون درهم لإحداث مركب متعدد الاختصاصات مشروعا مندمجا يهم دعم التعاونيات والمقاولات الاجتماعية حاملات المشاريع، بشراكة مع وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني وولاية الجهة. وأوضح أبو سالم أنه إذا كانت عمالة فاس تعتبر قطبا صناعيا رائدا، فإن نصيب باقي أقاليم الجهة حاضر في خريطة الجهة ولو بشكل لا يرقى لمستوى الدعم المخصص لفاس، لدعم الاستثمارات التي تدخل في الصناعات المستبدلة للمنتوجات المستوردة بمنتوجات محلية بمساهمة قدرها 50 مليون درهم، لتغطي 91 في المائة من موارد الصندوق المخصص لهذا الغرض بشراكة مع غرفة الصناعة والتجارة والخدمات والمركز الجهوي للاستثمار. قيمة مضافة مستجيبة للانتظارات لا تشكل المنطقتان الصناعيتان بعين بيضا وعين الشكاك، فقط قيمة اقتصادية مضافة تستجيب لانتظارات السكان والمستثمرين. وتعدان رائدتين في مجال حماية البيئية ومكافحة التلوث الصناعي بكل أشكاله ومعالجة النفايات، خاصة بإحداث محطة تصفية وبورصة للجلد سيما في حظيرة عين الشكاك القريبة من فاس. لكن ذلك لا يلغي أهمية باقي المناطق الصناعية المحدثة في إطار تسريع التنمية الصناعية ورفع مختلف الرهانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتوفير فرص الشغل وتجاوز العجز بالمناطق المهيكلة والمستقطبة لهذه الاستثمارات، سيما مشروع المنطقة الصناعية "فاس سمارت فاكتوري" وتلك بموقع "كوطيف" بسيدي إبراهيم. ويراهن المتتبعون على أن تكون هذه الحركية الملحوظة على مستوى المناطق الصناعية، مواكبة باتخاذ خطوات متواترة لتعزيز مختلف المكاسب وتحويل هذه الدينامية إلى بنية صناعية حديثة ومستدامة في فاس وكل مدن الجهة وبشكل متكافئ يفتح المجال واسعا لطريق التوظيف الأمثل للمؤهلات البشرية والطبيعية المتوفرة. السير في مسار تصاعدي في مجال تنشيط النسيج الاقتصادي بمدينة تجر خلفها تاريخا صناعيا بوأها في فترة من الفترات الرتبة الثانية وطنيا، حلم الجميع منذ انطلق الإقلاع من جديد قبل 3 سنوات تقريبا، فيما الأمل متجدد بالتوجه لقطاعات جديدة ذات نمو قوي وقيمة مضافة عالية في صناعة معدات السيارات والنقل السككي.