تتناوب على الصفقات وتغلق باب التنافس بسبب «تعليمات فوقية» أرهقت مكاتب دراسات مالية وزارة التربية الوطنية، وتسببت لها في ثقوب كبيرة، خصوصا في عهد المسؤول "النافذ" الذي عمر طويلا، قبل أن يسقطه الوزير بنموسى بالضربة القاضية. وتهيمن مكاتب دراسات معروفة على جل صفقات الوزارة، وتتناوب مع بعضها، بتنسيق محكم، لقطع الطريق على منافسين، غالبا ما يجدون أنفسهم خارج أي سباق شفاف، بسبب القيود و"القوالب"، التي يضعها أمامهم بعض الموظفين، بتعليمات من "الفوق". وكشفت مصادر من الإدارة المركزية للوزارة نفسها، أن دراسات تتم برمجتها أكثر من مرة، وتوضع فوق الرفوف، بعدما يستفيد من أنجزها من الملايين، وهو ما يستوجب تدخل الوزير "الصامت"، الذي شرع في تنقية الوزارة من "الأوحال" التي ظلت عالقة، ووضع خريطة طريق جديدة من أجل خلخلة ورش الصفقات العمومية الخاصة بإنجاز الدراسات التي باتت تعاني التخمة. ومنذ تعيين بنموسى على رأس الوزارة نفسها، بدأت بعض الأصوات تؤكد، أن أمر التعليم قد حسم، بعد تعيين المسؤول الأول عن إعداد النموذج التنموي على رأس الوزارة، خصوصا أنه كان وراء وضع القانون الإطار الذي سيؤطر الإصلاحات، ويضمن لها الاستدامة العابرة للزمن الحكومي. وقبل أن يشرع في إشهار الورقة الحمراء في وجه "كبار القوم" في الوزارة نفسها، اطلع بنموسى على حجم المشاكل البنيوية التي، مازالت تعتري القطاع، والتي تفرمل الإصلاح وتعيق عمليات تنزيله، نظير التراجع المقلق لمهنة المدرس، قياسا لمهن أو وظائف أخرى، وهو واقع يقوي مشاعر اليأس والإحباط وفقدان الثقة، بل أكثر من ذلك، يكرس مهنة فاقدة تماما للجاذبية، أصبحت أبوابها مفتوحة على مصراعيها، لكل من فشل أو يئس في الوصول إلى الوظيفة. كما تحدث عن الهوة القائمة بين "الإصلاح" و"واقع الممارسة"، بشكل يجعل الرياح المرسلة للإصلاح، بعيدة عن حرم المؤسسات التعليمية، وتجاوز المناهج والبرامج القائمة منذ سنوات، في ظل المتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية، وقياسا للثورة الرقمية الهائلة، التي تقتضي إحداث ثورة ناعمة في المناهج والطرائق. وكما توقع العديد من المهتمين، فإن مهمة بنموسى في إصلاح قطاع التعليم، لم تكن ميسرة، في ظل بنية اجتماعية معقدة مرتبكة، يصعب الرهان عليها لكسب رهانات المرحلة المقبلة، التي تحتاج إلى شروط "النزاهة" و"الاستقامة" و"المصلحة العامة" و"المسؤولية" و"التعاون" و"التعاضد" و"الالتفاف" حول ثوابت الأمة. ورغم كل التخوفات، شرع الوزير المحسوب على "الأحرار"، في اقتحام خلوة المنظومة التعليمية، بتجرد وموضوعية، دون مرجعيات أو خلفيات أو محاباة لجهة من الجهات، والتحلي بالجرأة والشجاعة في "قول الحقيقة"، وإن كانت مرة أو قاسية، وتقديم الحلول الممكنة، التي من شأنها تقويم مكامن الضعف والمحدودية والقصور، بما يضمن تحقيق "النجاعة" المأمولة. عبد الله الكوزي