التازي: نروم تطوير المجال الصناعي وتقديم عرض يلبي حاجيات الشركات الوطنية والدولية قال ياسين التازي، مدير المركز الجهوي للاستثمار بفاس، إن جهودا حثيثة تبذل باستمرار لتطوير القطاع الصناعي وتحسين تنافسيته، متحدثا عن تشجيع المستثمرين والشركات على الاستثمار بالجهة واستقطاب مشاريع واعدة، ليس فقط بتعزيز البنية التحتية وتوفير العقار بأثمنة تفضيلية، بل بوضع تحفيزات مختلفة تشجع حاملي المشاريع على إقامتها ليس فقط بقطبي الجهة، بل في كل الأقاليم وبشكل يحرك عجلة التنمية بها. وتطرق إلى أهم المشاريع الرائدة التي أطلقت وطبيعتها ونظرة المركز للمستقبل، ومختلف أوجه دعم مناخ الأعمال، متحدثا عن مواضيع أخرى مختلفة ومتنوعة. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: حميد الأبيض (فاس) كيف حال القطاع الصناعي بجهة فاس؟ إن تاريخ مدينة فاس عريق في المجال الصناعي، وكانت إلى حين قريب ثاني أكبر مدينة صناعية وطنيا، وما تزال من بين أهم المدن في هذا المجال. وتساهم حاليا كقطب صناعي ثنائي مع مدينة مكناس، في 9 في المائة من الناتج الإجمالي للقطاع، محققة 21 مليار درهم حجم مبيعات سنوي من قطاع هام يوفر 50 ألف منصب شغل. الحرص منصب راهنا على تنشيط اقتصاد الجهة بشكل متواصل، مع تكثيف التصنيع في قطاعات جديدة واعدة وذات قيمة مضافة، بناء على استراتيجيات طموحة وخطط مدروسة تروم تعزيز مكانة الصناعة وتحقيق التنمية المنشودة بشكل يراعي خصوصيات أقاليم الجهة ويعزز العرض الإقليمي ويحسن القدرة التنافسية. أين تتجلى جهود تطوير القطاع وتحسين تنافسيته؟ هناك أوجه متعددة لذلك، ولعل أهمها الاهتمام بتعزيز البنية التحتية عبر تطوير شبكة النقل الطرقي والجوي وتوفير منصات استقبال تنافسية وفي قطاعات متعددة ومتنوعة، تستجيب للمعايير الدولية، مع الحرص على تنويع الصناعات واستثمار المؤهلات الجهوية لإطلاق مشاريع في الصناعة الفلاحية والنسيج والجلد وغيرها. ونروم بذلك الاستفادة من القطاعات الأصيلة والاستثمار في صناعات واعدة وإحداث مناطق صناعية جديدة وتجميع الموارد وشركات من الاختصاص والمجال نفسيهما، وتعزيز تبادل الخبرات والتجارب والتكوين، كي نكون بيئة صناعية مواتية قابلة للتطوير، على غرار تجميع صناعة الجلد في مساحة 50 هكتارا ضمن المنطقة الصناعية بعين الشكاك. ولا يخفي عليكم أن الجهة حبلى برأسمال بشري مكون ومؤهل في العديد من القطاعات الرئيسية خاصة في مجالات الكهرباء وصناعة السيارات و"الكابلاج". والجهة بحق مشتل لليد العاملة المؤهلة باحتضانها 6 جامعات و266 مؤسسة ومعها للتكوين المهني، ومدارس للهندسة المتخصصة، ما يشجع على استيطان شركات جديدة. كيف يتم تشجيع الشركات على الاستثمار في الجهة؟ عدة تدابير تتخذ في هذا المجال لاستقطاب المستثمرين لإنشاء مشاريعهم في الجهة، ومنها إطلاق تحفيزات مختلفة تغري الشركات العالمية على غرار منحة التشغيل وتشجيع الابتكار في ريادة الأعمال، موازاة مع توفير بنية تحتية جديدة لاحتضان المشاريع سيما في مناطق صناعية أحدث الكثير منها في السنوات الأخيرة. ولنا في المشاريع الاقتصادية الأخيرة، خير نموذج لنجاح جهود الإقناع والاستقطاب، على غرار مصنع فاس الذكي و"تكنوبارك" وغيرهما من شركات ما كان لها أن تستقر بفاس، لولا هذه المحفزات التي شجعتها على إطلاق عدة مشاريع رائدة في بيئة سليمة وبنية بمعايير وجودة مطلوبة، ما له تأثير اجتماعي واقتصادي مهم. ويجب الاعتزاز بما تحقق وتراكم من مكاسب اقتصادية وفي البنيات التي تعززت بمشاريع مهمة كما الحال بالنسبة للمركز الثقافي وقصر المؤتمرات والمسرح. وطبعا وطالما أننا نسير بخطوات حثيثة فستزداد المكاسب تدريجيا لتحقيق كل ما يتطلع إليه المستثمرون ومسؤولو وسكان كل أقاليم جهة فاس مكناس. ما هي أهم المشاريع الرائدة التي أطلقت في الجهة؟ هناك طبعا عدة مشاريع مهيكلة أطلقت في إطار برنامج التنمية الجهوي الهادف إلى تطوير المجال الصناعي وتقديم عرض يلبي حاجيات الشركات الوطنية والدولية، ويشجعها على الاستثمار بالجهة خاصة في قطبيها فاس ومكناس. ومن أهم هذه المشاريع، نذكر "أكروبوليس" المشيد على 147 هكتارا ناحية مكناس. ويوفر هذا المشروع منصة استقبال تستجيب للمعايير العالمية، لتطوير مشاريع الصناعات الغذائية والسيارات وتعزيز القطاعات الرئيسية. هذه المنطقة الصناعية تقدم 225 قطعة موضوعة رهن إشارة المستثمرين بأسعار مغرية. تطوير المنطقة الصناعية في موقع شركة كوطيف، على مساحة فاقت 15 هكتارا، لا يقل أهمية عن المشروع الأول بالنظر لحجم القطع الصناعية الموضوعة رهن إشارة المستثمرين، والمشاريع المبرمجة بها والتي يفوق عددها العشرين، خصصت لإطلاقها ميزانية هامة تقدر ب570 مليون درهم، ما يساهم في خلق 3800 منصب شغل. ولا تقل المنطقة الصناعية لعين الشكاك، أهمية عنهما بالنظر لحجم المساحة المخصصة لها والمقدرة ب81 هكتارا، موضوعة رهن إشارة المستثمرين بأسعار تفضيلية تتراوح بين 250 و350 درهما للمتر المربع. وتحتل صناعة الجلد ضمنها، حصة الأسد وتحتل 50 بالمائة من مساحتها، والباقي مخصص لمنطقة عامة. هذا المشروع خصصت لإنجازه ميزانية تقدر ب300 مليون درهم، وينتظر أن ينتهى منه في غضون منتصف السنة الجارية، وسيخلق 7600 فرصة عمل، وجهز بمحطة لتصريف ملفوظات الشركات بشكل يستجيب للمعايير البيئية الضرورية المطلوبة بالنفوذ الترابي لعين الشكاك الذي يحتضن أيضا منطقة للتسريع الصناعي. وما يميز منطقة التسريع الصناعي الممتدة على 379 هكتارا ورصدت لإنجازها ميزانية تقدر ب500 مليون درهم، احتضانها لصناعات جديدة للسيارات والسكك الحديدية وغيرهما. وستوفر 50 ألف منصب شغل، لتكون بذلك واحدة من أهم المشاريع، التي أطلقت جهويا وستوفر هذا العدد الهام من فرص الشغل. ماذا عن باقي المناطق الصناعية التي أطلقت أو ما تزال في طور الدراسة والإنجاز؟ هي 10 مناطق صناعية مهمة تعزز بها النسيج الاقتصادي للجهة، 60 في المائة منها تم الانتهاء من أشغال بنائها وتجهيزها أو توجد قيد الإنشاء، ما يؤكد الدينامية الصناعية المتواصلة، فيما ستحتضن 80 هكتارا بجماعة عين بيضا منطقة صناعية أخرى تثري العرض وتقدم عروضا تستجيب للحاجيات ورغبات المستثمرين. وما يميزها تخصيص 30 هكتارا منها لمنطقة خاصة بالغاز تخفيفا للتلوث وتأثيره على نهر سبو، إضافة لاحتضان مصانع الزيت الملوثة، بشكل يستجيب للمعايير البيئية وشروط السلامة، لتكون بذلك واحدة من أهم المناطق الصناعية الجديدة بالمنطقة إلى جانب تلك القريبة من مطار فاس سايس والممتدة على 20 هكتارا. 120 قطعة صناعية ستوفرها ومبان أخرى مختلفة منها المخصصة للخدمات، موضوعة رهن إشارة المستثمرين من الوطن وخارجه وبأسعار تفضيلية لا تتجاوز 30 درهما للمتر مربع. وبدورها تستجيب للمعايير سيما البيئية، فيما يعتبر مشروع "فاس الذكية" بقلب الجامعة الأورومتوسطية، أول منظومة للجيل الرابع من الصناعة. "تكنوبارك فاس" بدوره مشروع هام باستثمار فاق 55 مليون درهم وسيوفر 300 منصب شغل، كما منطقة رأس الماء بمولاي يعقوب واحدة من مشاريع تفعيل إستراتيجية المناطق اللوجستيكية، وتغطي 100 هكتار. ولن تفوتني الفرصة دون الحديث عن مركز المعارض الدولي بفاس الذي يعتبر إضافة نوعية في المجال. ماذا عن العرض العقاري وهل من تحفيزات جديدة لتشجيع المنعشين؟ إن عرض الأراضي الصناعية بجهة فاس مكناس، غني ومتنوع وتقدم في شأن استغلاله عروض تحفيزية للمستثمرين على الإقبال على شرائه بأثمنة تفضيلية أقل من قيمتها العادية في السوق، لتشجيعهم على الانخراط في كل المبادرات لاكتساب العقار إن بالتأجير أو البيع وكما قلت بأسعار جذابة ومحفزة. وإضافة لدعم عرض الأراضي المفتوحة للتصنيع في مناطق صناعية، وضعت آليات أخرى للتحفيز لتشجيع تطوير الأنشطة الصناعية سيما ذات القيمة المضافة التي تمكن من خلق فرص شغل إضافية. ومن بين هذه العروض صندوق السيادة الصناعية لتشجيع التصنيع الجهوي بتمويل الدراسات والخبرة وجزء من سعر التجهيزات. كما أن الشركات والمستثمرين في مشاريع خاصة في الصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة، يمكنهم الاستفادة من دعم بموجب اتفاقية إطار وقعت قبل ثلاث سنوات بين مجلس الجهة والمركز الجهوي للاستثمار، مع إمكانية التعديل حسب عدد الوظائف المحدثة في عامين، في مبادرة تروم تعزيز خلق فرص الشغل بالجهة. هذا إضافة إلى الدعم الذي نقدمه في المركز والمخصص للبحث عن حلول تمويل مناسبة ودعم تطوير التكوين والمساعدة في تطوير الصادرات وتعزيز القدرة التقنية والإدارة، كما دعم وسائل تحسين القدرة التنافسية للصادرات وبرامج أخرى ينفذها المركز بتنسيق وشراكة مع باقي شركائه في هذا المجال. ماذا عن برامج دعم ريادة الأعمال والاستثمار؟ برنامج مهم تتعزز أرقام الاستفادة منه تدريجيا وبشكل متواتر. وإلى أواخر العام الماضي، استفاد 3600 من أصحاب مشاريع في جهة فاس مكناس، من تمويل برنامج "انطلاقة" وفق أرقام بنك المغرب، بما مجموعه 893 مليون درهم، ونخطط لإيجاد 12 ألف فرصة عمل، ما سيجعل الجهة في الرتبة الثالثة على الصعيد الوطني. وهنا لن تفوتني الفرصة أيضا، دون التذكير بنتائج الاجتماع المنظم بفاس في 21 فبراير الماضي والمخصص ل"الاستثمار والتنمية بالجهة"، إذ كان مناسبة لاكتشاف المشاركين فيه المشاريع الرائدة في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وكل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتعزيز دينامية الاقتصاد بما في ذلك ميثاق الاستثمار الجديد. وما يعكس الزخم القوي والملحوظ على مستوى جهة فاس مكناس، أن 60 في المائة من أصل 88 مشروعا رائدا تم اختيارها، انتهي منها أو توجد قيد الإنشاء، بميزانية تقارب 9.4 ملايير درهم، ما سيخلق أكثر من 26 ألف منصب شغل، ويؤكد حجم التطور الذي يعرفه الاستثمار بهذه الجهة. تحسين مناخ الأعمال ما هي نقط تميز هذا الميثاق؟ هي متعددة ومن بينها تحسين تأثير الاستثمارات على جهود خلق فرص شغل دائمة والتقليل من التفاوتات بين المدن والأقاليم من حيث جاذبية الاستثمار، وتوجيهها نحو قطاعات إنتاجية ذات قيمة مضافة عالية، وبما يضمن التنمية المستدامة لكل المناطق، مع تعزيز جاذبية المغرب للتحول إلى قطب قاري ودوار في الاستثمار الأجنبي المباشر. ولا تقتصر أهمية ميثاق الاستثمار الجديد على ما سلف ذكره، بل يروم تحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار وإجراءاته وزيادة حصة الخاص منه وطنيا كان أو أجنبيا، وبشكل كبير يساهم في فتح آفاق جديد وواعدة للاقتصاد الوطني لتحقيق نمو متكامل ومستدام ضمن المشروع الملكي الهادف لبناء الدولة الاجتماعية. 550 مليار درهم للاستثمار ما هي الإضافة التي يشكلها ميثاق الاستثمار الجديد؟ بالتأكيد، فهذا الميثاق ووفق الرؤية الرشيدة لجلالة الملك، سيكون آلية رئيسية لتعزيز الاستثمار بالمغرب مراعاة لحجم ميزانيته المقدرة في 550 مليار درهم وما سيخلقه من فرص شغل ستتعدى 500 ألف منصب، ما يشكل بخلف قيمة مضافة معززة لجهود دعم الاستثمار والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ولا بد بالمناسبة من التذكير بأهم المجالات الثلاثة الرئيسية التي ستساعد في تحقيق مختلف الأهداف المسطرة لإنجاح الميثاق، ومنها إقراره أنظمة دعم غير مسبوقة تشمل كل الاستثماريات أيا كان حجمها، وكل المستثمرين المغاربة والأجانب، وتروم نمو شامل ومستدام موجه نحو المهن المستقبلية وفي كل المناطق. كل ذلك موازاة مع الإجراءات المتخذة لتحسين مناخ الأعمال وتسهيل وتبسيط المساطر وإجراءات الاستثمار وتكريس جو من الثقة، وكذا تعزيز الحكامة الجيدة واللامركزية القادرة على ضمان فعالية كل الإجراءات المتخذة لتنمية وتشجيع الاستثمار. وأكيد كل ذلك سيجعل ميثاق الاستثمار الجديد، قفزة نوعية. في سطور < مهندس متخصص في الهندسة الصناعية، خريج "إنسا" بليون الفرنسية < مستشار أول لدى "أكسنتير باريس" بين 2010 و2013 < مدير التنظيم في الخطوط الملكية المغربية بين 2014 و2015 < المدير الإقليمي للخطوط الملكية المغربية بالسنغال بين 2015 و2019 < عين مديرا للمجلس الجهوي للاستثمار بجهة فاس مكناس في 14 نونبر 2019