ما هو السياق الذي جاء فيه بلاغ الديوان الملكي ردا على بلاغات العدالة والتنمية؟ أعتقد أن السياق الذي جاء فيه بلاغ الديوان الملكي، سياسي، لأن العدالة والتنمية، منذ أن خسر انتخابات ثامن شتنبر، لم يجد من سبيل للعودة إلى الساحة السياسية، إلا من خلال مهاجمة الدولة. ولا تهاجم الأمانة العامة النظام مباشرة، بل تختار الالتواء، عبر بلاغات كلها تحريضية ضد الدولة، مستغلة عددا من المواضيع والملفات، مثل التطبيع مع إسرائيل، في محاولات لاسترجاع شعبيته الضائعة. والحال أن ملف التطبيع مع إسرائيل، هو قرار سيادي لجلالة الملك، وأعتبر أن "بيجيدي" في مهاجمته الدولة، إنما يخدم أجندات خارجية، متماهيا مع بعض الدعوات، التي تطالب بسحب رئاسة لجنة القدس من الملك، بدعوى تطبيعه مع إسرائيل. ألا ترون أن خطاب العدالة والتنمية فيه ردة تجاه الدولة؟ > إن العدالة والتنمية يسعى من خلال خطاب التحريض الذي يمارسه عبد الإله بنكيران، إلى تأليب الرأي العام الوطني والعربي، ضد سياسة الدولة وصلاحياتها المحددة دستوريا، في رسم السياسة الخارجية للبلاد. والأخطر أن "بيجيدي" يحن إلى مرحلة ما قبل 2003، وسعيه إلى فرض وصاية على الدولة والحكومة والأحزاب، وإمارة المؤمنين، بل ينصب نفسه مدافعا عن فلسطين أكثر من الملك، رئيس لجنة القدس، بل بات الحزب في خرجاته الأخيرة، يتحدث بصفته ممثلا للشعب في اختياراته الإستراتيجية، وموقفه من إصلاح مدونة الأسرة، متناسيا أن الشعب المغربي صوت بأغلبية ساحقة على دستور 2011، والذي ينص بشكل واضح على المساواة ومناهضة التمييز ضد المرأة. والحال أن بلاغات الأمانة العامة وصقور"بيجيدي" ترى في دعوات تعديل المدونة، "خروجا عن الشرع وضربا لثقافة الشعب، وهويته الإسلامية". ألا ترون أن موقف "بيجيدي" من التطبيع لا يخلو من ازدواجية، إذ أن أمينه العام سعد الدين العثماني، هو من وقع الاتفاق، حين كان رئيسا للحكومة؟ > صحيح، خطاب العدالة والتنمية كله تناقضات، إذ أن سعد الدين العثماني زعيم العدالة والتنمية، هو من وقع على اتفاق التطبيع مع إسرائيل، ولو كان الحزب الإسلامي مبدئيا، لرفض آنذاك التوقيع، وانسحب من الحكومة، لكن الواقع يؤكد أن زعيمه بنكيران اعتاد على ممارسة الشعبوية والاستغلال السياسوي الفج لكل القضايا، بما فيها قضية فلسطين، منصبا نفسه حتى على الفلسطينيين، الذين يفاوضون إسرائيل. صحيح أن المغرب يساند القضية الفلسطينية، لكن "بيجيدي" يفضل المتاجرة بها، واستغلالها في الدعاية السياسية، ومهاجمة الدولة والحكومة، لأنه اعتاد توظيف القضية الفلسطينية رأسمالا لا يريد التفريط فيه، بل إنه لم يحاسب نفسه أو يقدم حتى نقدا ذاتيا عن توقيعه زعيمه لاتفاق التطبيع. أجرى الحوار: برحو بوزياني سعيد لكحل باحث في الحركات الإسلامية