تبرمج مقاطعات البيضاء مزيدا من ملاعب القرب، ضمن رؤية 2023-2028، إذ اقترح عدد من الرؤساء تخصيص عقارات في الملك الخاص للجماعة، أو إجراء مبادلات، أو نزع ملكية، لتشييد فضاءات لممارسة فنون الحرب الدموية، بدل كرة القدم. ووضع أغلب الرؤساء، في المحور الخاص بالتنمية السيوسيوثقافية، مشاريع مقترحات لبناء فضاءات رياضية للقرب في تراب مقاطعاتهم، كما وسع آخرون من "الفكرة"، وانتقلوا إلى ما يسمى القاعات نصف أولمبية، أو القرى الأولمبية متعددة التخصصات. وينتبه منتخبون بالبيضاء، بعد كل استحقاقات، إلى الأهمية القصوى لملاعب القرب في "تأطير" الجمعيات والنوادي والوداديات ومجموعات الأشخاص، من أجل توظيفهم في الانتخابات المقبلة، إذ يصعب ألا تجد "منتخبا كبيرا" في مقاطعات المدينة غير متورط في ريع الفضاءات الرياضية. ويحكم منتخبون قضبتهم على ملاعب وتجهيزات القرب الرياضية، الممولة من الجماعة وبعض القطاعات الأخرى، بواسطة أشخاص وجمعيات ونواد ومدارس للتكوين ووداديات، على أرضية اتفاق غير مكتوب (في الغالب)، يستفيد الطرف الأول (المنتخب) من ضمان قاعدة أصوات مستقرة، ويستفيد الثاني (الشخص/الجمعية) من عائدات مالية يومية تستخلص المباريات، أي منطق رابح-رابح. وفي غياب نموذج للتسيير مفتوح على المنافسة ويحترم قواعد التباري والتنافس، تتحول ملاعب القرب، بالتدريج، إلى ساحات وغى، بين أشخاص يضعون أياديهم على هذه الفضاءات بالقوة، ويفتحون باب الاستفادة منها ماليا وحزبيا، وبين آخرين يطالبون بتفعيل مقتضيات المرفق العمومي، الذي يكون الأصل فيه "المجانية". ولا تكاد مقاطعة في البيضاء تخلو من النقاش الحاد والصراع والاتهامات بالريع والاغتناء غير المشروع من ملاعب القرب، أو الاستغلال السياسي والانتخابي لمرافق مشيدة بالمال العام وفوق عقارات تابعة للجماعة، بينما يستفيد طرف ثالث. وقبل نهاية الشهر الماضي، وصل الأمر إلى اشتباكات جسدية في ملعب بمنطقة النسيم تابعة لمقاطعة الحي الحسني، بعد أن تدخل مستشار ينتمي إلى حزب سياسي (مشارك في تسيير المقاطعة)، لمنع أعضاء آخرين ينتمون من حزب حليف من استعمال القاعة لممارسة الرياضة. ولم يكتف المعنيون بالسب والشتم، واستعمال عبارات خادشة، بل تطور إلى لكم وتكسير وعنف، نتج عنه عجز وشهادات طبية وشكايات وصلت إلى السلطات الأمنية والقضائية، كما توصلت عاملة عمالة مقاطعات الحي الحسني والعمدة ورئيس المقاطعة برسائل تطلعهم على تفاصيل ما يجري بالضبط بالمنطقة. وتتورط الجماعة في مزيد من المشاكل، الناتجة عن سوء تدبير مئات الملاعب (في وضعيات مختلفة) شيدت في عشر سنوات الماضية، إذ يطلب منها، كل مرة، التدخل لإيجاد حل في ظل غموض شديد وتداخل وتعقيدات كثيرة تطبع هذا المجال. يوسف الساكت