ورقة بحث مغربية ترصد إشكالية بيئة العمل غير الملائمة ما تزال برامج التشغيل المقترحة من قبل الحكومة على الشباب، لا ترقى إلى مستوى الفعالية في القضاء على البطالة، كما أن هناك إشكالية كبيرة في الاستهداف، إذ أن برامج قروض إنشاء المقاولات (فرصة وانطلاقة)، تتطلب كفاءة عالية من أجل الحصول على قرض، الأمر نفسه بالنسبة إلى "برنامج أوراش"، الذي يتعامل مع الجمعيات، في حين أن الشباب خارج هذه الإطارات التنظيمية. وحاول باحث مغربي من خلال ورقة بحث، نشرت في مبادرة الإصلاح العربي، وهي مؤسسة بحثية فكرية مستقلة مقرها باريس، تسليط الضوء على نتائج البرامج الحكومية في مجال تشغيل الشباب، والعوائق التي تمنع من استهداف الفئة التي تعاني البطالة. وخلص الباحث المغربي، إسماعيل أيت باسو، وهو باحث دكتوراه في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه "رغم أهمية برامج التشغيل التي يقوم بها المغرب، والمعدة لتوفير فرص عمل لفئات الشباب، إلا أن هذه الفئات لا تزال تعاني نسب بطالة مرتفعة". وتجادل الورقة البحثية، حسب المؤلف، بأن برامج التشغيل أثبتت عدم فعاليتها، وتفاقمت بسبب بيئة العمل غير المستدامة، كما تقدم بعض التوصيات كي تتمكن الإصلاحات المخطط لها في قطاع تشغيل الشباب بالوفاء بما تعد به. وأجرى الباحث ذاته، مقابلات فردية وجماعية مع شباب عاطلين، في يونيو 2022، وأكدت مجموعة منهم رغبتهم في الولوج إلى الوظيفة العمومية، عوضا عن القطاع الخاص، نظرا للامتيازات المالية والاستقرار الوظيفي الذي يوفره القطاع العام، من قبيل عقود عمل غير محدد الأجل، والمنح والتعويضات العائلية، ونظام الأجور والخدمات الاجتماعية، التي تقدمها الإدارات لموظفيها. المجموعة البحثية ذاتها، أكدت في المقابلات أنه تصعب المراهنة على القطاع الخاص، لأنه "غالبا ما يركز على الجشع وتحقيق الأرباح على حساب موظفيه"، ولا يضع استقرارهم أولوية قصوى، ما يجعله مجالا مفتوحا لعقود العمل المؤقتة، أكثر من العقود غير محددة الأجل، وكذلك عدم تصريح بعض المقاولات والمشغلين عن الأجراء للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، رغم أن التصريح يعتبر إلزاما قانونيا وليس اختياريا"، بتعبير المستطلعين. وتوصل البحث في معرض سؤاله، حول ما إذا كان الشباب المغربي في الأصل متشبعا بروح المقاولة والاستثمار؟ إلى أن هذه الثقافة غير مدرجة ضمن البرامج التعليمية، خاصة في السنوات الأولى. ومن جملة التوصيات التي ذكرها البحث، ضرورة التشبع بثقافة المقاولة، والذي لا يمكن حصره في سنة أو أقل من الدراسة في الجامعة، باعتباره خيارا موازيا، بل يجب إدراجه انطلاقا من المستوى الإعدادي لتنمية الحس الإبداعي للأطفال. عصام الناصيري