شرعت المحكمة الدستورية في تشريح وافتحاص النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، لتدقيق مدى ملاءمة الفصول الجديدة التي تمت مناقشتها والمصادقة عليها، لمقتضيات الدستور، وفق ما أكده مصدر برلماني لـ "الصباح". وصادق مجلس النواب، أخيرا، على النظام الداخلي الجديد، من خلال اعتماد 303 تعديلات، منها 117 تعديلا جوهريا، و48 مادة جديدة، و84 تعديلا شكليا، في حين ظلت 159 مادة من النظام الداخلي للمجلس دون تغيير. وفي حال ظهور عيب دستوري، أو خرق، أو عدم ملاءمة بعض الفصول الجديدة التي أدخلت على النظام الداخلي أو تلك التي تم تعديلها جوهريا، تراسل المحكمة الدستورية، رئاسة مجلس النواب، وتلتمس منها حذف أو تعديل بعض الفصول التي تراها غير مناسبة، أو غير موافقة لمقتضيات الدستور، يضيف المصدر نفسه. وتضمنت التعديلات الجديدة التي أدخلت على النظام الداخلي لمجلس النواب، مقتضيات تتعلق بعلاقات المجلس مع مؤسسات وهيآت حماية الحقوق والحريات، والحكامة الجيدة، والتنمية البشرية والمستدامة، والديمقراطية التشاركية، وهو التعديل الذي نص على أنه "طبقا لأحكام الفصل 160 من الدستور، تقوم مؤسسات وهيآت حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة المشار إليها في الفصول 161 إلى 170 من الدستور بتقديم تقرير عن أعمالها مرة واحدة في السنة على الأقل الذي يكون موضوع مناقشة من قبل البرلمان". وتتوزع هذه الهيآت تبعا لاختصاصها، ويتعلق الأمر بهيآت حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، وهيأة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز. كما يهم الأمر هيآت الحكامة الجيدة والتقنين، ويتعلق بالهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، ومجلس المنافسة، والهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة. وحسب التعديلات الجديدة، تمت إضافة هيآت النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، ويتعلق الأمر بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. وتودع تقارير هذه المؤسسات لدى مكتب مجلس النواب، وطبقا لأحكام الفصل 159 من الدستور، تقدم كل هيأة جديدة يتم إحداثها بقانون، تقريرا سنويا عن أعمالها إلى البرلمان. وفي الولاية التشريعية الحالية، برزت حرب المؤسسات الدستورية من قبل رؤساء مجالس وطنية الذين رفضوا الحضور إلى البرلمان لمناقشة تقاريرهم، ما أثار الغضب والقلق، وذلك بإيعاز من البعض الذي أصدر فتاوى "التخويف" بالقول "إنه في حالة صرحت بكذا وكذا، قد يغضبون عليك"، وهي موجة جديدة اكتسحت المؤسسات الدستورية بما فيها الحكومة، من قبل بعض من يطلق عليهم "صناع المحتوى" الذين أرادوا احتكار خطاب المسؤولين، لتسويقه بلغة خشبية، في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما انعكس سلبيا على وضعية هؤلاء المسؤولين الذين عانوا كثيرا من التهجم عليهم عبر تعاليق مسيئة تتجاوز الآلاف. ولإنهاء هذه الحرب، راسل عبد الله بوانو، رئيس مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، المحكمة الدستورية قصد استدراك أمر تعديل النظام الداخلي في بابه السادس باقتراح إضافة فصل ينص على أنه "يمكن استدعاء الهيأة الدستورية عبر رئيسها لتقديم آرائها حول طلبات الرأي المقدمة من قبل البرلمان، ومناقشتها في اجتماع إحدى اللجان البرلمانية المعنية بالموضوع"، أو بطلب من المسؤول نفسه، أو عبر إخبار رئيس مجلس النواب لرئيس الهيأة الدستورية بالحضور في موعد محدد لمناقشة التقارير الصادر عنها، والتي تتوج بتوصيات تسهم في تغيير قوانين، وقرارات وتربح وقت الإصلاح. أحمد الأرقام