البنك الدولي أكد أن الأسر الفقيرة ما تزال تعاني تداعيات ارتفاع الأسعار وطالب بإصلاح الاختلالات تعرض الاقتصاد المغربي لضغوط متزايدة بسبب تداخل الاختلالات في سلاسل الإمداد، وموجة جفاف شديدة وزيادة هائلة في أسعار السلع، ما نتج عنه ارتفاع كبير في معدلات التضخم. وأشار البنك الدولي في تقرير صدر أخيرا بعنوان "المغرب في مواجهة صدمات العرض"، أن النزاع الروسي الأوكراني أدى إلى ارتفاع الأسعار في معظم أنحاء العالم، مضيفا أن معدل التضخم السنوي بالمغرب بلغ ذروته مع نهاية السنة الماضية، إذ وصل إلى 8.3 في المائة. واعتمد المغرب، حسب التقرير، حزمة سياسات تضمنت تقديم دعم عام للمواد الغذائية الأساسية وعدم زيادة أسعار السلعة المنظمة، ما أدى إلى استقرار أسعار السلع والخدمات التي تستحوذ على نحو 25 في المائة من متوسط إنفاق الأسرة، وبالتالي تم تجنب حدوث زيادة أكبر في معدلات الفقر. وتطلب ذلك تعبئة إنفاق عام إضافي يصل إلى نحو 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وأكد البنك الدولي أنه رغم هذه التدابير، لا تزال الأسر الضعيفة والأكثر احتياجا تعاني كثيرا آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من الأسعار بسبب التضخم. وأوضح أن معدل التضخم السنوي كان أعلى بنسبة الثلث تقريبا بالنسبة لأفقر 10 في المائة من السكان، بالمقارنة مع أغنى 10 في المائة من السكان، ويرجع ذلك، في المقام الأول، حسب المؤسسة المالية الدولية، إلى آثار زيادة أسعار الغذاء التي تستحوذ على نسبة أعلى من إنفاق الأسر الأكثر فقرا. وتوقع البنك الدولي أن يتسارع النمو الاقتصادي في المغرب إلى 3.1 في المائة خلال 2023، بفضل انتعاش القطاع الفلاحي، لكن مخاطر التطورات السلبية لا تزال قائمة بسبب التوترات الجيوسياسية، ومنها الحرب على أوكرانيا، وتباطؤ أنشطة الشركاء التجاريين الرئيسيين للمغرب في منطقة "الأورو"، والصدمات المناخية المحتملة الجديدة. ويشير التقرير إلى تراجع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 7.9 في المائة خلال 2021 إلى حوالي 1.2 في المائة في 2022، وفي الوقت نفسه ارتفع عجز الحساب الجاري من 2.3 في المائة إلى 4.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. واعتبر معدو التقرير أن الإصلاح الكبير المزمع لشبكات الأمان الاجتماعي في المملكة سيتيح استهداف الدعم بشكل فعال للوصول إلى مستحقيه ومساندة الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا. وأكد التقرير أن البنك المركزي المغربي اتبع نهجا اتسم بالحكمة إزاء الوضع الاقتصادي الحالي، إذ رفع أسعار الفائدة مرتين منذ شتنبر 2022 بمقدار 100 نقطة أساس تراكمية. وفي المرحلة المقبلة، يشير التقرير إلى أن الاستجابة المثلى للسياسة النقدية في المغرب ستعتمد على استمرار ضغوط الأسعار وتطور توقعات التضخم. وفي هذا السياق المعقد، يمكن للسلطات أن تنظر في استكمال التدابير التي تعمل على كبح جماح التضخم من خلال تطبيق سياسات هيكلية لتخفيف القيود على سلاسل الإمداد والعرض من السلع. وطالب البنك الدولي بضرورة اعتماد إجراءات لمعالجة الاختلالات في أسواق المواد الغذائية، مشيرا إلى التباين الكبير بين أسعار السلع الزراعية في الحقول وعند تجار التقسيط، معتبرا أنه لا يوجد مبرر لهذا التباين، حتى مع اعتبارات القيمة المضافة لسلسلة الإمداد. عبد الواحد كنفاوي