سخروا من ارتفاع الأسعار ونقلوا مرارة معاناتهم في تدوينات تفاعل معها العشرات لم ينأ الشباب عن الجدل المحتدم بسبب التهاب الأسعار. وتخندق في صف الغاضبين بالجهر بحنقه افتراضيا والسخرية بطريقته الخاصة، من واقعه المؤلم في ظل ضيق ذات يده المغلولة بالفقر والبطالة، وعدم قدرته على مجابهة أسعار أحرقت جيوب المستهلكين، حتى من الفئات المتوسطة، وضربت قدرتهم الشرائية ب"الكاو". "كيف لشاب عاطل بشهادة أو بدونها، ولا يملك من رأسمال غير الصبر، أن يعيش في مثل هذه الظروف المزرية سيما بعد اختفاء كل أوجه التكافل الاجتماعي بين الأسر؟" يتساءل محمد في تدوينة أفردها للعزاب المستقلين بذواتهم ممن زادت ظروفهم تأزما، بعدما لم تعد "الأجرة اليومية كافية حتى لشراء القليل من الخضر والقطاني". أكلة "البيض والطماطم" أو "البي إم" كما تنعت مجتمعيا، "أصبحت مكلفة وليست في مستطاع الجميع بعد أن كانت إلى حين حلا ناجعا وغير مكلفة" يحكي متحسرا على شباب عاجز عن إطعام نفسه، مشيرا إلى أن الواقع أكثر مأساوية بالنسبة لزملائهم المتزوجين والآباء منهم، ممن رفع الكثير منهم الراية البيضاء استسلاما لواقع لا يرحم. كثير من الشباب يجترون مرارة هذا الواقع وقلوبهم تعتصر لعجزهم عن الوفاء بحاجياتهم وحاجيات أسرهم، فيما فئة تسخر منه في محاولة للتخفيف من حدة وقوة "الضربة فالراس" التي هشمت قدرة الجميع على التحمل، بعدما أصبحت "ماطيشة بحال المشموم تهديه للحبيبة في عيد الحب" يدون إدريس ساخرا مرفقا تدوينته بصورة باقة طماطم. تغريدة في سرب الامتعاض والغضب من الارتفاع المهول للأسعار نفسه، تجاوب معها زميل له بالإخبار بأن "الحكومة طالبت السيدة ماطيشة باش تحشم شوية وتنوض تولد شي مطيشات يعمروا علينا الدار"، فيما اختار ثالث التفاعل بنشر صورة طماطم باسمة بقرون خضراء مرفوقة بتعليق عن فشل مخططات فلاحية. الطماطم ليست وحدها أداة لسخرية شباب من التهاب أسعار الخضر، بل سخر المغاربة من البصل بقولهم "ما تسوى حتى بصلة حارة"، "أصبح لها شأن كبير وتبكي كل راغب في شرائها" يورد حميد في تدوينة فيسبوكية أرفقها بصورة فوتوغرافية مفبركة لعربة ناقلة للمال بين البنوك، مكتوب عليها "برينكس لنقل البصلة والماطيشة". "تقهرنا كلشي غالي، واش ما نعيشوش؟" تتساءل مدونة كاشفة امتعاضها من تأزم الأوضاع بشكل غير مسبوق ينذر بالأسوأ في حال عدم التدخل العاجل لتخفيض الأسعار ومحاربة تغول الوسطاء المضاربين والمحتكرين ووقف تصدير المنتوجات الفلاحية ودعم القدرة الشرائية للمواطن وتقديم دعم مباشر خاصة للأسر الفقيرة. "لا للغلاء في الشارع وليس في الفيسبوك" تكتب صفحة شبابية محلية دعت للتظاهر السلمي اختارت له شعار "بلادنا فلاحية والأسعار غالية عليا". مخاطبة الحكومة والمسؤولين "اتقوا الله في المواطن"، فيما تباينت التعليقات بين التساؤل عن "فين غادي بيا خويا؟" و"واش تنفع النية مع الحية؟"، والتمني ب"ارحمونا يرحمكم الله". "نطالب بخفض الأسعار، وليس بتكوين لجان المراقبة. لا تستحمروا الشعب" تغرد المدونة إيمان لكشف درجة الاحتقان وما يعيشه المغرب من وضع مقلق بعدما "بات ملايين المغاربة يعيشون تحت خط الفقر بسبب الأزمة والغلاء"، "كل ذلك يعتبر ناقوس خطر ينذر بعواقب وخيمة ومخاطر كبيرة قد تؤدي إلى غضب شعبي عارم". "الحكومة عازمة على جعل الشعب بكامله خماسا أو قِنًا عندهم، لتحقيق وعد كبيرهم بضرورة تربية الشعب" تعبر صفحة محلية بكل جرأة، مؤكدة أن حكومة الباطرونا والريع غايتها الاستثمار والربح وليس خدمة الوطن وحماية المستهلك، فهي تسعى لأن تقلص هوامش الربح للتجار البسطاء والرفع من نسبة أرباح الباطرونا". حميد الأبيض (فاس)